فلسطين أون لاين

الأولى على فلسطين في الفرع الشرعي بمعدل 99.7%

الطالبة "أبو الطيّف": حققتُ طموحي وفرحة النجاح "لا توصف"

...
الطالبة صفية أبو الطيف (تصوير/ ياسر فتحي)
غزة- نور الدين صالح

كانت عقارب الساعة تسير ببطء، لكنّها تُسرّع نبضات قلب الطالبة صفية أبو الطيّف (18 عامًا) التي لم تذق طعمًا لنوم ليلة إعلان نتائج الثانوية العامة (إنجاز)، فتارة تُمسك هاتفها المحمول، وتارة أخرى تنظر إلى عيني والدتها التي تعيش حالة من القلق.

عند الساعة الـ7:59 صباحًا قبل إعلان النتائج بدقيقة فقط ووسط حالة من الهدوء التي خيّمت على كل زوايا البيت، جاءت شقيقتها مُسرعة من بعيد لتُخبر العائلة بصوت عالٍ: "الإذاعة أعلنت اسم "صفية" الأولى على فلسطين في الفرع الشرعي بمُعدل 99.7%".

بضع لحظات من الصمت اجتاحت ذوي الطالبة "صفية" الذين ينتظرون النتيجة على "أحر من الجمر" حتى علت أصوات الفرح والزغاريد في كل أرجاء البيت، ثم أخذت تُقبل والدتها وإخوانها وكل من حولها، حتى خرّت على الأرض ساجدة لله شكرًا على هذا المُعدل.

انهالت دموع الفرح على وجنتي "صفية" التي درست في مدرسة دلال المُغربي، ووالدتها التي كانت لها أمًّا وأبًا بعد وفاة والدها قبل عام ونصف، نتيجة إصابته بمرض السرطان.

"أجواء الفرحة فوق الوصف، لم أتخيل هكذا" هذه الكلمات تصف بها "صفية" أولى لحظات تلقيها نتيجة الثانوية العامة وحصولها على مرتبة الأولى على فلسطين.

وتحكي لمراسل صحيفة "فلسطين" أن هذا المُعدل الذي كانت تطمح إلى الحصول عليه منذ اللحظة الأولى لدخولها مرحلة الثانوية العامة، حتى وصل بها الأمر أن كتبته على "مكتب الدراسة" ليكون حافزًا لها على الجد وتكثيف الدراسة.

تقول: "عقب انتهائنا من الامتحانات، بدأ الجميع يسألني عن طموحي وتوقعاتي للنتيجة، فكانت إجابتي دائمًا (99.7%)، وهو ما جعلني أكثف دراستي من أول يوم في بداية العام".

ربما لم يكن المُعدل غريبًا على الطالبة "صفية"، لكونها اعتادت التفوق والحصول على معدلات فوق الـ99% طيلة سنوات دراستها قبل الثانوية العامة، كما تقول.

كان أبرز المُعيقات -وفق سردها- هذا العام فيروس "كورونا"، ما أدى إلى إعلان حالة الطوارئ، والتوقف عن الدراسة، وخلق حالة من القلق في صفوف المواطنين.

وتوضح أنها كانت تواجه صعوبة في الحصول على أوراق العمل والامتحانات من المكتبات العامة، لكنّ إصرارها لم يجعلها تتوقف عن البحث والمثابرة، مضيفةً: "من يُرد النجاح فعليه المواجهة وعدم الاستسلام لإغلاق أو مرض أو غيرهما".

والعائق الثاني، وفقًا لحديث صفية، انقطاع الكهرباء عدة ساعات، وهو ما جعلها تبحث عن بديل بتوفير "خط مولد خارجي".

وما ترك أثرًا  في نفس صفية طيلة العام الدراسي هو وفاة والدها، فكانت تتمنى أن يشاركها في فرحة النجاح، لكن "قدر الله غالب"، وحتى هذه اللحظة لم تضع تخصصًا جامعيًّا مُحددًا في بالها، وفق قولها، لكنها تُرجح أن تلتحق بأحد المجالات الشرعية مثل "أصول دين، أو شريعة وقانون".

وتُهدي "صفية" نجاحها لروح والدها، وكل عائلتها، وتحديدًا والدتها التي سهرت معها ولم تفارقها طيلة العام، وكل من ساندها من مُعلمات وصديقات وغيرهن.

ومن وسط اكتظاظ المنزل وتوافد المهنئين بنجاح "صفية" تحدث مراسل "فلسطين" إلى أم طه والدة صفية، التي لم يتوقف هطول دموعها لحظة، من شدة الفرح الممزوج بالألم على فراق زوجها.

"شعور لا يوصف، وفرحة كبيرة، والحمد لله ربنا عوضنا عن صبرنا وتعبنا" تحكي أم طه، عن مشاعر الفرح التي انتابتها عقب سماعها بمُعدل ابنتها.

وتقول: "كنت أهتم بصفية ولم أفارقها طول العام، وسهرت إلى جانبها، ووفرت لها الأجواء الهادئة، وها هي اليوم لم تُخيّب ظني بها (..) الحمد لله على هذه النعمة".

وتحكي بقلب يعتصره الألم: "كنت أتمنى أن يشاركنا زوجي في هذه الفرحة التي انتظرناها طيلة العام".

وتُهدي نجاح ابنتها لزوجها وأولادها ومعلماتها، وكل من وقف وساند صفية في الوصول إلى هذه الدرجة.