لينا بكيرات ابنة الأسير مالك بكيرات الذي اعتقله الاحتلال الإسرائيلي قبل ولادتها، ليحكم عليه الاحتلال بالسجن تسعة عشر عامًا، سنوات طوال مرت عليها دون أب يجاورها وتنال الدعم والنصيحة والقوة منه.
ولكن لينا التي وُجِدت في عائلة علمتها أصول المقاومة حتى بالقلم، سعت إلى أن تكون مصدر سعادة لوالدها البعيد، حيث تمكنت من النجاح في الثانوية العامة والحصول على معدل (75%) في الفرع الأدبي.
تقول في حديثها لـ"فلسطين": "السنة منذ بدايتها كانت صعبة بفعل الأجواء التي نعيش بها في مدينة القدس، ولمست فعلًا مدى الحاجة إلى وجود والدي بجانبي في هذه الفترة، حيث كنت بحاجة إليه ليدعمني ويقدم لي المساعدة والنصيحة ويخفف عني الخوف الذي استشعرت به بسبب الثانوية العامة".
وتضيف بكيرات: "العام بأكمله كان صعبًا ولكن الفترة الأخيرة والتي اضطررنا فيه للجلوس في المنزل بسبب جائحة كورونا كانت أصعب من الفترات السابقة، فاضطراري للبقاء في مكان محدد للدراسة بعيدة عن أسرتي، والالتقاء بهم في فترات الاستراحة فقط كان أمرًا صعبًا".
وتؤكد أنها قررت أن تتحدى هذه الظروف وتعمل بجد لتوفير جميع الشروحات التي تحتاج إليها للدراسة من خلال التواصل مع معلماتها، إضافة إلى زيادة عدد ساعات المذاكرة من أجل الحصول على معدل يليق بوالدها وتضحياته في الأسر.
ولا تزال لينا تبحث الخيارات المتاحة أمامها للدراسة في الجامعة، فإما دراسة تخصص الرياضة وإما دراسة تخصص إدارة الأعمال/ تسويق، فكلا المجالين تجد لينا نفسها فيهما.
من جانبه يوضح جدها نائب مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، الشيخ ناجح بكيرات أن نجاح لينا هو نجاح لكل الأسرى وفرحة كبيرة عندهم، وأنه نجاح لمشروع لمقاومة الأسرى.
ويقول في حديث لـ"فلسطين": "رغم الظروف الصعبة التي عاشتها لينا فإنها استطاعت العيش وتحقيق النجاح (...) تفوق أبناء الأسرى يدل على أن البذرة الطيبة تأتي أكلها وأن مشروع المقاومة ناجح، فاعتقال الأسرى لا يعني توقف حياة أبنائهم وفشلهم، بل هو استمرار للحياة والتفوق فيها بالنجاح".
ويشير إلى أن نجاح أبناء الأسرى يعني أن من سيتسلمون الراية هم أناس ناجحون في حياتهم رغم كل الظروف الصعبة التي يمكن أن تعوق تقدمهم ونجاحهم في حياتهم، قائلًا: "الأسرى لم يخسروا أبناءهم وأعمارهم كما يحاول الاحتلال إيهامهم بذلك".
ويشدد بكيرات على أن الفهم الصحيح لطبيعة الصمود ومقاومة الاحتلال يدلل على أن مشروع المقاومة، ومن يسير عليه هو ضمان للنجاح وخاصة في مدينة القدس التي عانت ولا تزال تعاني سياسات قمعية وانتهاكات مستمرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي ضد أهلها على الأصعدة كافة.
والأسير مالك بكير قد اعتقل عام 2001 في مدينة بيت لحم في أثناء مروره على أحد الحواجز، وخاض تحقيقًا مطولًا في سجن "المسكوبية" غربي القدس، وأدانته محكمة الاحتلال بالانتماء لحركة حماس والتخطيط للقيام بعمليات مقاومة وحكمت عليه بالسجن مدة 19 عامًا.
والأسير مالك اعتقل بعيد زواجه بعدة أشهر وترك خلفه زوجته الحامل والتي أنجبت طفلته الوحيدة لينا، وتنقل في معظم سجون الاحتلال، ويقبع حاليًّا في سجن النقب الصحراوي ومعه شقيقه داود.