في بيت متواضع بحي الجنينة شرق مدينة رفح جنوبي قطاع غزة أشعلت الطالبة صفا خالد أحمد شيخ العيد شمعة الأمل لعائلتها بعد أن تفوقت في الثانوية العامة.
لم تتوقع شيخ العيد أن يكون اسمها في قائمة الأوائل على فلسطين؛ لكنها أيقنت أن مسيرة جدها واجتهادها ستتوَّج بفرحة غامرة.
معدل 99.4% الذي حققته الطالبة صفا في الفرع الأدبي، أكسبها لقب الثاني مكرر على فلسطين، بعد ثلاثة متفوقين تقاسموا لقب الأول مكرر، بفارق عُشرَين فقط.
شيخ العيد قالت في حديثها لصحيفة "فلسطين": "درست الحادي عشر علمي، ثم حوَّلت في توجيهي إلى الفرع الأدبي"، مشيرة إلى أنها لم تتلقَّ دروسًا خصوصية.
ولفتت إلى أن أزمة انقطاع التيار الكهربائي كانت التحدي الأكبر أمامها، وهي مشكلة يعانيها جميع سكان قطاع غزة المحاصر، قائلة: "تغلبت عليها بتوفير إضاءة عبر بطارية ولدات، وحرصت على الدراسة نهارًا".
ونبَّهت إلى أنها لم تحبِّذ التعليم الإلكتروني لعدم إمكانية الاعتماد عليه في كل بيت، خصوصًا أن عائلتها تمر بظروف صعبة، ووالدها يعمل بائعًا متجولًا على عربة.
ولفتت شيخ العيد إلى أنها كانت تتابع دروسها يوميًّا لمدة تصل أحيانًا إلى 16 ساعة، عبر برنامج "تنظيم الوقت" الذي وضعته لنفسها واعتمدت عليه وفق جداول وصل الكهرباء وقطعها.
ومن أبرز الصعوبات التي واجهتها -وفق حديثها- تعطيل الدراسة في المدارس لمنع تفشي فيروس كورونا، لا سيما أن ذلك قطع الاتصال مع معلماتها.
ومن وسط أجواء الفرح التي سادت منزلها، أعربت عن سعادتها الغامرة بتفوقها، وأوضحت أنها "فرحة لا يمكن وصفها بالكلمات، توجهت بصلاة ركعتي شكرٍ لله".
وقالت: "تلقيت خبر التفوق عبر الإذاعة"، مضيفة: "أشكر ربي على هذا النجاح الباهر، وأهدي نجاحي لشعبنا الفلسطيني وأسرانا وشهدائنا، ولوالدي اللذين رافقاني في رحلتي الشاقة، ولمعلماتي اللواتي قدمن المساعدة لي".
وكشفت المتفوقة شيخ العيد عن قرارها الأولي بدراسة تخصص التمريض، لتطبيب جراح أبناء شعبنا.
أما والد الطالبة شيخ العيد الذي يبلغ من العمر 52 عامًا، فبدأ حديثه لصحيفة "فلسطين" بالقول: "لكل مجتهد نصيب"، وأوضح أن عدد أفراد الأسرة العشرة برمجوا أنفسهم وحياتهم من أجل توفير الأجواء المناسبة لدراسة "صفا".
وأعرب عن فرحته الغامرة بتفوق ابنته التي تحمل الترتيب السادس بين أبنائه، واصفًا اللحظات الأولى لتلقي خبر التفوق بالقول: "أصغيت للإذاعة، وعندما بدأ المذيع في إذاعة أسماء متفوقي الفرع الأدبي، رفعت يدي للسماء وقلت يا رب، يا رب تكون صفا من بينهم، فذكر المذيع اسمها، فقفزت من مكاني نحوها مبشرًا لها".
بدورها كشفت والدتها عن أن "صفا" لا تملك هاتفًا محمولًا ولا تملك أي حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، قائلة: "صفا كانت تستعين بالقرآن الكريم على دراستها، وتقرؤه وتستمع له عند نومها وفي معظم أوقاتها".
وأضافت: "صفا أدخلت القلق إلينا جميعًا، بعد تقديم الامتحانات كانت تأتي إلينا وتبكي، خوفًا من أن يفوتها درجة هنا أو هناك".
وتابعت: "عوَّضنا الله خيرًا، بعد تعب وكد واجتهاد، نالت الدرجات العالية، واجتمع الأهل والأصحاب لتقديم التهاني في مشهد جميل لا يمكن أن يُنسى".