يمضي بسام الشرباتي كامل وقته يوميًّا في بيته الكائن في منطقة الحاووز بمدينة الخليل، خشية الإصابة بفيروس "كورونا" الذي جعل المدينة الواقعة جنوبي الضفة الغربية المحتلة واحدة من المدن الموبوءة على مستوى العالم.
ويحرص الشرباتي، وهو معلم متقاعد، على ألا يغادر بيته خوفًا على أفراد عائلته.
ويقول لـ"فلسطين": عندما نحتاج إلى شيء، يخرج أحد أفراد العائلة لجلب احتياجاتنا جميعًا ويعود في وقت قصير حفاظًا على سلامته وسلامة العائلة".
وأضاف أن أفراد العائلة الذين يعيشون في (4) منازل بجوار بعضها في منطقة ريفية، لا يغادرون حدود منازلهم، ويحرصون بشدة على عدم الاختلاط والاحتكاك بالآخرين، إلا لأقصى الضرورة.
وانعكس التزام أفراد العائلة الإجراءات الاحترازية سلبًا على أعمالهم المختلفة، وأغلقت جميعها، لكن ذلك كان ضروريًّا لحمايتهم جميعًا من الفيروس، كما يقول شرباتي: "حتى المناسبات المهمة، لا يشارك أفراد العائلة فيها".
وذكر أن الفيروس انتشر بعد تخفيف الإجراءات في مايو/ أيار الماضي، والتي اتخذت ضمن حالة الطوارئ، مطلع مارس/ آذار الماضي.
وقال الشرباتي: إن "من يتحمل المسؤولة هما جهتان أساسيتان؛ المواطن الذي لم يلتزم الإجراءات الوقائية بعد فتح المدينة، وانطلاق المواطنين بشكل غير مقبول، وعودة الأفراح والجلسات والسهرات والاحتفالات، واستئناف المحلات الضخمة لعملها، دون اتخاذ أي وسيلة من وسائل الحماية".
والجهة الثانية، بحسب الشرباتي، هي الحكومة في الضفة الغربية، إذ لم تؤدِّ الدور اللازم في مدينة الخليل المنفتحة على (إسرائيل)، ويتنقل العمال بأعداد هائلة منها وإليها يوميًّا ذهابًا وإيابًا".
وأكمل: يفترض على الحكومة أن تتخذ إجراءات أكثر حزمًا وتعد المدينة بمراكز حجر وعيادات لمواجهة انتشار الفيروس"، لكنه أشار في ذات الوقت إلى عدم قدرة وصول الجهات الرسمية والأمنية إلى مناطق واسعة من الخليل، وأخرى في الضفة الغربية، بسبب خوضها لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي.
وبين المعلم المتقاعد، أن المناطق التي لا تخضع لسيطرة السلطة في الخليل، هي الأكثر انفلاتًا من الإجراءات الاحترازية.
ويتزامن ذلك مع إعلان وزيرة الصحة في حكومة رام الله د. مي كيلة، مناطق في مدينة الخليل بأنها "منكوبة"، وعدَّت أن الخليل أصبحت أعلى من نيويورك في شجرة انتشار وباء "كورونا".
وهذا ما يثير مخاوف المواطن عبد المجيد الخطيب، وعائلته التي تسكن تل الرميدة وسط مدينة الخليل.
وقال الخطيب الذي يعمل في شركة حديد ومعادن لـ"فلسطين"، إن أهالي المدينة -يقدر تعدادهم بأكثر من 760 ألف نسمة- فوجئوا بانتشار الفيروس بينهم، وأثار استهتار فئة واسعة من سكان الخليل استياء الجميع في المدينة.
وأضاف لـ"فلسطين"، كان يفترض بالمواطنين التزام عدم التجمع وإقامة الأفراح والاجتماعات.
وأكد أن المواطن نفسه يتحمل مسؤولية كبيرة أمام انتشار الفيروس بشراسة في الخليل، وعليه أن يعي مدى خطورة الأمر، ومغادرة المواطنين مربع الاستهتار، وأخذ أمر مواجهة الفيروس على محمل الجد.
وتابع: "ما يجري من حولنا في دول العالم، يحفزنا لأن نلتزم الإجراءات أكثر".
أما تامر شرباتي الذي يدير مولًا تجاريًّا في مدينة الخليل، اضطر لإغلاق المول التزامًا منه للإجراءات الوقائية بعدما تفشى الفيروس في مناطق واسعة.
وأوضح لـ"فلسطين"، أن تكلفة الإيجار اليومي تصل إلى 500 شيكل -ما يعادل 140 دولارًا أمريكيًّا تقريبًا-، مشيرًا إلى أن الإغلاق يسبب خسائر فادحة له.
لكنه لفت إلى أن الإغلاق يحميه وعائلته من الإصابة بالفيروس الذي ينتقل عن طريق المخالطة.
واتهم الجهات الرسمية الحكومية بالتقصير في القيام بواجبها لحماية المواطنين من الفيروس.
كان رئيس بلدية الخليل تيسير أبو سنينة، أكد في تصريح لـ"فلسطين"، أن تخفيف الإجراءات وما تلاه من فتح المدينة بعد عيد الفطر مايو/ أيار الماضي، "بالطريقة التي تم فتحها دون رقيب على التزام المواطنين وإلزامهم عدم التجمع وخاصة في المناسبات والأفراح؛ أدى إلى نشر الفيروس بشكل أكبر من المدن الأخرى".
وهو ما أكدته مسؤولة برنامج الوبائيات في منظمة الصحة العالمية بفلسطين د. رندة أبو ربيع، حيث أوضحت أنه منذ قررت الحكومة تخفيف الإجراءات الصارمة، انتشر الفيروس في الخليل ومدن أخرى، محملة المواطنين مسؤولية عدم التزامهم الإجراءات الوقائية.
وفي تصريح لـ"فلسطين"، ذكرت د. أبو ربيع أن موجة فيروس "كورونا" منذ أن بدأت ذروتها لم تنتهِ بعد حتى تقرر الجهات الحكومية تخفيف الإجراءات الصارمة في الضفة الغربية.