قائمة الموقع

الانتحار.. من الكبائر وعقوبته الخلود في النار

2020-07-06T15:04:00+03:00

البعض يعتقد أن الطريق الأنجع للتخلص من الهموم في الدنيا، والمشاكل الحياتية وعلى رأسها قلة الرزق وضيق الحال هو أن يحكم على نفسه بالموت وانتهاء الحياة، وكأن الحياة والموت بيده، وبغض النظر عن الهموم التي تحيط بالبعض هل يمكن أن يحكم الإنسان على نفسه بالموت؟ وما حكم الانتحار وعقوبته؟

أستاذ الفقه المقارن المشارك في كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية د. ماهر السوسي، يشدد على أن الانتحار من أكبر الكبائر، وغير جائز بأي حال من الأحوال، فالإسلام حرم إهلاك النفس وقتلها، لقوله تعالى: "وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا* وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا "، (النساء:29،30).

ويشير السوسي في حديث مع صحيفة "فلسطين"، إلى أن جميع النصوص القرآنية نهت عن قتل النفس، وقد جاءت لتزيل الشك الذي من خلاله يعتبر البعض أن الإنسان يجوز له قتل نفسه على اعتبار أنه مالك لها، ولكن هذه الشبهة نفاها الإسلام.

ويقول: "الناس عباد الله، فهو الذي خلقهم، ويملك نواصيهم، كما أنه هو من يقدر الحياة والموت، ولا يجوز للإنسان أن يضر نفسه بأي شكل من الأشكال، عن أبي سعيد سعد بن سنان الخدري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: "لا ضرر ولا ضرار".

ويضيف أن من يقدم على تلك الفعلة فهو عاصٍ لله وعقوبته أنه خالد مخلد في النار، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدا فِيهَا أَبَدا، وَمَنْ شَرِبَ سَمّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدا مُخَلَّدا فِيهَا أَبَدا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدا مُخَلَّدا فِيهَا أَبَدا"، وذلك من باب غلظ تحريم قتل الإنسان لنفسه وخطورة الجريمة، وأن من قتل نفسه بشيء عذب به في النار.

ويبين السوسي أن العقوبات في الإسلام تتناسب مع الجرائم تناسبًا طرديًا، وقتل النفس عقوبة جسيمة ومغلظة.

وينبه إلى أنه لا يوجد في الإسلام سبب يقتضي قتل الإنسان نفسه سواء يعاني من مرض أو فقر أو قلة رزق، أو مشاكل اجتماعية مع أسرته وجيرانه، مهما كانت الظروف والأسباب، متابعًا: "ومن يفعل ذلك لسبب الرزق فقد كفر بالله لأنه هو الرزاق، واعترض على تقدير الله وما كتبه له".

ومن الحالات المستثناة، يوضح السوسي أنه يمكن للشخص قتل نفسه في حالة الحرب إذا خاف على نفسه من الأسر وخشي من البوح بأسرار، أو لإضرار العدو كالعمليات الاستشهادية، ومع ذلك هناك اختلاف عند الفقهاء، وهو ما يدلل على خطورة قتل النفس ومدى تفهم العلماء للنصوص الشرعية الذي حذرت من ارتكاب هذه الجريمة بحق النفس.

الجهود الدعوية

بدوره يقول نائب مدير عام الوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية د. عبدالله أبو عليان "إن هناك جهودا موجهة لتحريض الشباب في غزة على الانتحار؛ لاستغلال عوز الناس وصعوبة حياتهم، في فرض أجندة تخدم الاحتلال الصهيوني وأعداء الأمة"؛ وفق تعبيره.

ويدعو في حديث مع صحيفة "فلسطين"، إلى استنفار كل الجهود الدعوية في مواجهة هذه الأصوات بالحكمة والتوازن، فمهما كانت الأسباب والبواعث فلا مبرر مقبول شرعًا وعقلًا يجيز الانتحار، والذين يدعون إليه شركاء في القتل.

ويلفت إلى أن حياة الإنسان محفوفة بالمكاره والآلام والمصاعب والمشقة منذ بداية التاريخ، وإن تفاوت قدرها من شخص لآخر ومن حين لآخر، ليس مبررًا لتخلص الإنسان من حياته، فنفسه التي بين جنباته ليست ملكًا له، وإنما هو أمين عليها، مكلف برعايتها وصيانتها والمحافظة عليها.

ويوضح أبو عليان أن مواجهة الظروف الصعبة تكون بتعميق الإيمان بالله، وتعزيز ثقة الإنسان بنفسه، وبذل مزيد من الجهود في مواجهة ضغوط الحياة وصعوباتها، واستعمال كل الوسائل المشروعة في حث صناع القرار على إتمام واجبهم في تحسين الظروف الحياتية.

ويحث الدعاة على تصحيح المفاهيم، ورفع الهمم، وتعزيز الإيمان والصبر في النفوس، والجهاد الدعوي في مواجهة تحديات الحياة وفتنها وشبهاتها وشهواتها.

اخبار ذات صلة