من الصعب التغاضي عن الشعور بالجوع، فهو شعور غريزي قوي يمكن ان يسيطر عليك، فيتملك حواسك وتفكيرك ويؤثر سلبا في تصرفاتك ومزاجك. لتجد نفسك مندفعا لتناول أي طعام متوافر امامك حتى تهدئ هذا الشعور.
ومن الطبيعي أن تشعر بالجوع كل 3 - 5 ساعات، ولكن ماذا ان كنت لا تشعر بالشبع مهما تناولت من طعام؟ بل وتشعر بالجوع بشكل متواصل؟.
ففي هذه الحالة، لن يكون سبب الجوع هو جوع جسدي حقيقي (حاجة الجسم الى الطاقة) بل نتيجة لعدة مثيرات ومحفزات اخرى.
وتشرح د. مونيك تيلو من جامعة هارفرد الطبية ومستشفى ماساتشوستس، قائلة «يشعر الإنسان بالجوع عندما تفرز الامعاء هرمون الجريلين، كإشارة تنبه الدماغ الى حاجة الجسم الى تناول الطعام.
بينما يتوقف الشعور بالجوع عندما تشعر المعدة بقرب امتلائها، فيبدأ الجهاز الهضمي في افراز هرمون الشبع وتنبيه الدماغ وتحفيزه على التوقف عن تناول الطعام.
بيد ان افراز هرمون الجوع قد يستمر، او كفاءة عمل هرمون الشبع قد تضعف لأسباب مختلفة، مثل أسباب صحية او نفسية او غيرها، ليجد الشخص نفسه يشعر بالجوع بشكل مستمر وطوال اليوم».
أهم الأسباب:
1 - أسباب صحية إن كنت تتناول كمية كافية من الطعام ولا تزال تشعر بالجوع بعدها بفترة قليلة، فتأكد أولا من عدم وجود أسباب صحية تسبب ارتفاع الشهية واستمرار الشعور بالجوع، مثل:
■ فرط نشاط الغدة الدرقية.
■ الإصابة بداء السكري أو تطوير الجسم مقاومة ضد الانسولين (وهي مرحلة ما قبل الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني).
■ حدوث تلف في الغدة النخامية.
■ بدء تناول ادوية لها أثر جانبي يسبب زيادة الشهية، مثل: العقاقير الستيرويدية، مضادات الاكتئاب، مثبطات المناعة والعقاقير الهرمونية (لمنع الحمل او علاج مرحلة انقطاع الطمث.
2 - أسباب نفسية:
من أكثر الأمور التي يؤكدها خبراء علم النفس ارتباط الشهية بالجانب النفسي والعاطفي. فغالبية الوقت يكون سبب اندفاعك الى تناول الطعام هو نتاج لعامل نفسي وليس الجوع الحقيقي. مثل: الشعور بالملل او كطريقة لتفريغ مشاعر قوية كالحزن او الكآبة، او حتى الفرح، او قلة النوم والارق، او فرط التوتر، أو حتى ارتباط شرطي (تشعر بالسعادة والمكافأة عند تناول الطعام). كما أن هناك جانبا آخر سبب ارتفاع شهية البشر، وهو تزايد مشاهدة برامج الطبخ والدعايات الغذائية، وصور الأطعمة عبر صفحات السوشيال ميديا.
فمن الطبيعي ان تشعر بالجوع حتى لو كنت قد انتهيت للتو من تناول الطعام، إن شاهدت نجمك المفضل يتلذذ ويغريك بتناول حلويات واطباق طعام شهية. ومن الأفكار التغذوية الشائعة التي عودتنا على الخوف من الشعور بالجوع، التركيز على فائدة تناول خمس وجبات طعام يوميا (3 رئيسية كبيرة و2 خفيفة بينها) أو الالحاح على ضرورة تناول الوجبات في مواعيدها، حتى لو كنت لا تشعر بالجوع او ضرورة تناول وجبة الإفطار فور استيقاظك صباحاً. وأضافت د. مونيك موضحة «كلما تناولت طعاما أكثر، تعلق جسمك بالطعام أكثر وأصبحت تعيش لتأكل لا تأكل لتعيش. فالمعدة عضو يتمدد ويزداد حجمه مع زيادة امتلائها بالطعام، وتمددها هذا سيصعب امتلاءها وبالتالي الشعور بالشبع.
كما ان تعود الجسم على استمرار تناول الطعام رغم شعور الشخص بالشبع والامتلاء والتخمة، يجعله يطور مقاومة لرسائل الجسم بالشبع (فلا يستجيب لمشاعر الشبع). وهنا يصبح الجسم حساسا لإشارات الجوع وغافلا عن إشارات الشبع».
3 - خلل في أسلوب الحياة راجع أسلوب تغذيتك ونشاطاتك اليومية. فقد يكون السبب هو عدم تناولك كمية كافية من الطعام فعلا، او أنك تجهد نفسك في العمل او التمرين الرياضي. الحلول:
■ لا تسبب الجوع لنفسك. قلل النظر الى إعلانات الطعام وصفحات السوشيال ميديا التي تروج للمطاعم ووصفات اعداد الطعام.
■ كن صريحاً. اسأل نفسك (لمَ اشعر بالجوع فعلا؟ هل السبب هو الملل او التوتر؟). فإن كان ذلك هو السبب فاشرب ماء وشجع نفسك على القيام بأمور تزيد تحكمك بمشاعرك وتلهيك عنها مثل القراءة او الرياضة او ممارسة هواية او التحدث مع أشخاص تحبهم.
■ ابحث عن السبب الصحي. إن كنت قد اصبت أخيرا بمرض، أو بدأت في تناول عقار جديد، فأسال معالجك عن علاقة ذلك مع شعورك المستمر بالجوع وزيادة الشهية. وان شعرت بأنك لا تتمكن من السيطرة على هذا الأثر الجانبي للدواء او المرض، فتحدث الى معالجك حتى يقترح عليك حلولا طبية او تغييرا في عقاقيرك.
■ الاستعانة بالصيام المتقطع. هذه طريقة مفيدة للسيطرة على شهيتك وتعويد جسمك على عدم الخوف او الإصابة بالهلع عند الشعور بالجوع، كما سيعودك على تناول الطعام خلال ساعات معينة في اليوم.