يغلب البحث في أسباب اضطرابات الشهية عند الأطفال من ناحية صحية، فهذه المشكلة الشائعة عند كثير منهم تسبب حالة من القلق والمعاناة للأمهات خوفًا على صحة أبنائهن ونموهم، وقد تستمر المشكلة بسبب تغير في مزاج الأطفال، ولكن ما لا يلفت انتباه الأم أنه قد يكون سبب اضطراب الشهية نفسيًّا.
"هناك كثير من الأسباب النفسية المؤدية لفقدان الشهية عند الأطفال، ومنها المرور بمواقف صادمة مباشرة وغير مباشرة، والمشكلات الأسرية الدائمة والمستمرة"؛ بهذا يبدأ رئيس قسم الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين في الإدارة العامة للصحة النفسية إسماعيل أبو ركاب، حديثه مع صحيفة "فلسطين".
ويقول أبو ركاب: "من المسببات النفسية قلق المستقبل المبني على توقع أخبار غير سارة متعلقة بالجوانب الأسرية والتعليمية، ومتعلقة بجوانب العلاقات العاطفية مع الوالدين".
ولكن لهذه الاضطرابات تأثيرات على صحته ونفسيته، إذ يوضح أبو ركاب أنه قد قيل إن العقل السليم في الجسم السليم، ففقدان الشهية تأثيراته العضوية لها الأثر الكبير على القدرة على التركيز والانتباه واتخاذ القرارات، والقدرة على التواصل الاجتماعي.
ويتابع: "عدم قدرة الطفل على القيام بالمهام السابقة يعني انفصال الطفل عن الواقع، ما يسبب له الكثير من الصدمات والمشاكل النفسية في المنظور القريب، وتدهورًا في مناحي الشخصية في المنظور البعيد".
ويشير أبو ركاب إلى أن على الأم دورًا كبيرًا، إذ يعتقد أن المراقبة الدائمة للطفل واستشعار أي تغير ممكن أن يحصل له من الناحية النفسية أو العضوية هما بداية العلاج، لذلك على الأم الاهتمام بهذه التغيرات، والبدء في المعالجة منذ بداية ظهور المشكلة، لأن التدخل المبكر يساعد كثيرًا في العلاج.
ويلفت إلى أن الأم هي الركيزة الأولى في المتابعة والمراقبة، ولها القدرة على متابعة التدخل العلاجي، إذا احتاج الأمر، فالتغير في الوزن أو التحصيل الدراسي أو أي خلل في التركيز، الأم هي الأقدر على اكتشاف ذلك الخلل.
لذلك في حال كان الطفل يعاني اضطرابًا في الشهية –والحديث لا يزال لأبو ركاب- لا بد من الاهتمام بالواقع النفسي للطفل، بترك مساحة للعب والتعبير عن الأفكار والمشاعر، ما يتيح للطفل تجديد ذاته، ويزيد قدرته على التأقلم والاندماج في الواقع، ما يزيد من شهية الطفل وإيجابيته في التعامل مع الأحداث.
في السياق تقول اختصاصية التغذية ياسمين عثمان: "في حال كان الطفل يعاني اضطراب شهية بسبب مشكلة نفسية، يجب أن تعمل الأم على جذب انتباهه لأطباق الطعام بتقديمها بشكل لافت".
وفي حديث مع صحيفة "فلسطين" تضيف: "يمكن تقديم وجبات صغيرة لا كبيرة، ووجبات متعددة، مع التحقق من نسبة الحديد في الدم، ففي حال كان الطفل يعاني فقر دم تقل شهيته لتناول الطعام".
وتختم عثمان بأنه لا بد من التركيز على العصائر الطبيعية المركزة والمليئة بالفائدة، وتقديم الطعام للطفل مع مجموعة أطفال، واستخدام أسلوب الجوائز والتحفيز والمنافسة، والانتباه للنكهات التي يحبها الطفل.
