فلسطين أون لاين

حوار بروفيسور فلسطيني: سد النهضة سيؤثر سلبًا على شواطئ غزة

...
جانب من سد النهضة الإثيوبي (أرشيف)
غزة- محمد أبو شحمة

كشف البروفيسور الفلسطيني، زاهر كحيل، النقاب عن أن سد النهضة الذي تستعد إثيوبيا لملء خزاناته بالمياه القادمة من منبع نهر النيل خلال ثلاث سنوات، سيؤثر على شواطئ قطاع غزة، والبيئة البحرية للبحر الأبيض المتوسط، والمياه الجوفية.

وأكد كحيل، وهو أكاديمي وخبير في الهندسة الإنشائية، في حوار مع "فلسطين"، أن تأثير سد النهضة على الرمال الذهبية في شواطئ قطاع غزة، يتمثل في الجرف الساحلي للرمال بمحاذاة شاطئ قطاع غزة، وذلك وفقاً لخرائط جوية للعريش، وبورسعيد، وساحل فلسطين.

وقال كحيل: "بناء على متابعات قمت بها على مدار 20 عاما، ومعلومات وحسابات تتعلق بقياسات التيارات البحرية والأمواج والرياح، وحسابات على نماذج حاسوبية للجرف الساحلي، ومن خلال طرق معتمدة دولياً، (Bijker, L. current, ts Energy flux, CERC)، تم الوصول إلى أن قرابة نصف مليون متر مكعب من الرمال تنجرف سنويا باتجاه الشمال بمحاذاة الشاطئ وبشريط متوسط عرضه 200 متر، ويتم تعويض هذه الكميات من الجنوب".

وبين أن وجود سد النهضة سيتسبب في انعدام تعويض الرمال والطمي القادمين من الجنوب، أي السواحل المصرية، لقلة الدفع عبر النيل، لانخفاض منسوب المياه، ولعدم وجود قوة هيدروليكية كافية من الماء لدفع التعويض المطلوب من المترسبات، وهو ما يقود إلى انحسار الشاطئ بدءاً من بورسعيد، مروراً بقطاع غزة، وانتهاءً بحيفا.

ولفت كحيل إلى أن قطاع غزة لا توجد فيه مشاريع اصطياد للمترسبات والرمال من الجنوب، لذا فمن المحتوم انجراف الشاطئ الرملي الذهبي إلى الشمال خلال مدة أقصاها 5 سنوات، وهي مدة ملء سد النهضة وما بعدها.

وأوضح أن نهر النيل يأتي بحوالي 110 ملايين طن من الطمي سنويًا، ويأتي معظمها من الهضبة الحبشية، وتلك الكميات من الطمي لها أثر كبير على دول حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث تتجدد خصوبة التربة على الضفتين في بعض المناطق، وفي المقابل تقل السعة التخزينية للخزانات والسدود على مسار النيل.

وبين أن تلك المترسبات القادمة من نهر النيل تستمر بشكل متراكب ومتتالٍ إلى أن تصل إلى السواحل الفلسطينية، مروراً بسواحل سيناء الغربية.

الأحياء البحرية

وحول أثر سد النهضة الإثيوبي على الأحياء البحرية على شواطئ قطاع غزة، بين كحيل أن الأحياء البحرية الشاطئية ستُدمَّر، وسيفقد بعض الأسماك والكائنات البحرية والطحالب المغذية لها، إضافة إلى ازدياد بسيط في ملوحة البحر، لانعدام الصب من مياه نهر النيل العذبة، وهو ما يحتاج إلى بحث بيئي حيوي منفصل.

ولن يتوقف تأثير سد النهضة على الشاطئ والأحياء البحرية، بل سيؤثر حسب حديث كحيل على المياه الجوفية، حيث إن دخول المياه المالحة إلى الأرض سيزيد ملوحة المياه الجوفية فيها مع وجود حجز المياه من سد النهضة وسيرفع ضغطها الموضعي.

وأردف بالقول: "بقوة ضغط مياه البحر على المياه الجوفية العذبة التي وصل رجوعها في بعض الأماكن في القطاع إلى 2 كيلو متر في العمق، سيؤدي هذا السد إلى اندحار المياه الجوفية شبه الكامل عن القطاع مع دخول مياه البحر إليها بشكل أكبر".

وأضاف كحيل: "سيكون أثر سد النهضة كذلك على الطرق الإقليمية الساحلية، حيث سيتسبب انحسار الشاطئ ودخول المياه، بعد انجراف الرمال الشاطئية، بجعل المياه تنحسر بشكل مستمر للشوارع المحاذية للشاطئ، ما سيؤدي إلى خطورة قادمة علاجها يكلف الكثير، لحماية هذه الطرق التي كلفت ملايين الدولارات، خاصة شارع الرشيد، وعليه ستكون كل الطرق الإقليمية مهددة".

ونبه إلى أن سد النهضة سيؤثر أيضا على قواعد الموانئ القائمة في قطاع غزة، بمعنى سيستمر النحر حول الميناء القائم وبلا تعويض للمترسبات أو الرمال المنجرفة، فتتآكل كواسر الأمواج ويكون النحر من القواعد، وسيؤدي إلى انهيار وكسر الكاسر الرئيس، ما يهدد بانهيار الميناء كاملا.

وبين كحيل أن جميع الصيادين الفلسطينيين العاملين بمهنة الصيد على الشاطئ دون قوارب ستتأثر حياتهم سلباً، لأن الأسماك والأحياء الشاطئية ستتلاشى، بسبب غياب الطمي والرمال القادمة من السواحل المصرية.

ويوصي البروفيسور الفلسطيني بعدد من المشاريع لتجنب آثار سد النهضة على الشواطئ الفلسطينية، أولها الحل المرحلي، وهو الذي يأتي في حال التسليم بإدارة ووجود سد النهضة بهذه الطريقة الاستبدادية.

وشدد كحيل على ضرورة إعداد خطة شاملة لحماية شاطئ القطاع، تتمثل بوضع ألسنة صخرية، وخرسانية، ومارينا، وقنوات مائية بحرية لنقل الرمال من مكان لآخر، وعمليات ضخ منتظمة للرمال (وتكريك) من أعماق البحر للشاطئ، وحماية للشوارع الشاطئية، والتنسيق مع مصر فيما  يتعلق بالإدارة الشاطئية للمترسبات.

أبعاد السد

وأوضح الخبير في الهندسة الإنشائية أن السد يبلغ طوله 1800 متر، بارتفاع نحو 145 متراً. وله سَدّ مُكمِّل (سرج) يمتدُّ على طول 5 كيلومترات، ويبلغ ارتفاعه نحو 50 متراً، ويبلغ طول بحيرة السدِّ نحو 150 كيلومتراً، ونحو 100 كيلومتر كأذرع، أمّا مُتوسّط عَرض البحيرة فيبلغ نحو 8 كيلومترات، في حين يبلغُ مُتوسّط العُمق حوالي 8 أمتار.

وأشار إلى أن سد النهضة يضم 16 وحدة كهربائيّة، وقدرتها مُجتمعة 6000 ميجاوات، ويحتل السد المرتبة الأولى في إفريقيا والعاشرة في العالَم، ضمن قائمة أكبر السدود إنتاجاً للطاقة الكهربائيّة، وتصل سعته التخزينية إلى 74 مترا مربعا.