ما زالت الخطوات الفلسطينية الرسمية والفصائلية المواجِهة للمخططات الإسرائيلية الهادفة لـ"ضم الضفة الغربية" ضعيفة، لا سيما الدور الرسمي الذي تقوده السلطة الفلسطينية، ما يشجع الاحتلال على الاستمرار بقوة في تنفيذ الخطة.
ولم تقُم السلطة حتى اليوم بأيِّ خطوة نوعية تقف سدًّا منيعًا أمام إجراءات الاحتلال الإسرائيلي الذي ينفذ ميدانيًّا خطته بخطوات متسارعة، دون الاكتراث للشعارات التي أطلقتها السلطة، ليكون ذلك معول بناء لـ"ضياع الأغوار الفلسطينية".
ورأى د. أحمد عطاونة المدير العام لمركز رؤية للتنمية السياسية والدراسات، أن الموقف الفلسطيني بمستوياته المختلفة دون المستوى المطلوب أمام خطر الضم، مؤكدًا أن الاحتلال الإسرائيلي ينفذ مخططه رسميًا وقانونيًا وميدانيًا خلال الأيام القادمة.
وقال عطاونة في حديث لـصحيفة "فلسطين": ما زالت التحركات الفلسطينية بكل أسف مخيبة للآمال، وأظنها مغرية للاحتلال في الاستمرار في خطواته نحو "الضم" في ظل عدم وجود ردود فعل فلسطينية جادة".
وأضاف: "لم يصدر عن الفلسطينيين أيُّ ردود فعل جادة تُشعر الاحتلال بأنه قد يترتب على "خطة الضم" تطورات خطيرة سواء على صعيد الفصائل أو الموقف الرسمي والشعبي"، مشددًا على ضرورة أن يكون هناك ردود فعل مختلفة للتفاعل مع الموضوع بما يستحق وبشكل أكبر بكثير من الوضع القائم.
وحول التحرك الدبلوماسي، أوضح عطاونة أنه من حيث المبدأ لن يكون كافيًا لمنع الاحتلال من ضم أراضي الضفة الغربية، قائلًا: "الاحتلال يدرك جيدًا الموازين الدولية وموازين النفوذ في المنطقة، وهذا الإدراك دفعه للإقدام على هذه الخطوة".
وأردف بالقول: "لو كان لدى الاحتلال قراءة أن ضغطًا دوليًّا سيُمارس عليه، لما أقدم على هذه الخطوة، أو قرر تنفيذها"، لافتًا إلى أن العمل الدبلوماسي الفلسطيني ما زال ضعيفًا، واكتفى بـ"بذل جهود مع نواب أمريكيين وأوروبيين وسفراء حضروا مهرجان "رفض الضم" في أريحا.
وشدد عطاونة على ضرورة أن تُبذل جهود لعقد جلسة طارئة على مستوى زعماء جامعة الدول العربية، أو جلسة طارئة لمنظمة التعاون الإسلامي، مشيرًا إلى أنه لم يكن هناك تصريحات حقيقية جادة من قيادات عربية وازنة تتضامن مع فلسطين برفض الضم.
وأكد أن الموقف الأوروبي الرافض للضم، كان لا بد أن يكون فيه جهود دبلوماسية تعمل على فرض عقوبات على الاحتلال الإسرائيلي أو الحديث بطريقة صارمة مع قادته.
وأشار عطاونة إلى أن ذلك يعود إلى ضعف العمل الدبلوماسي الفلسطيني، "الذي لم يُحدث تأثيرًا جادًا للضغط على دولة الاحتلال"، مؤكدًا أن ذلك يشجِّع الاحتلال على الاستمرار في خطته.
ولفت إلى أن العامل الرئيس المؤثر دبلوماسيًا في الاحتلال هي الولايات المتحدة الأمريكية، قائلًا: "في ظل هذه الإدارة المتطرفة لا يبدو أن ضغطًا ما سيُمارس على الكيان من أجل وقف هذه الخطوة".
واستدرك عطاونة بالقول: "إذا كان هناك ضغط ما، سيكون للتأثير في كمِّ الضم وتاريخه وليس في فكرة الضم، حيث هل سيحدث الضم لمساحات كبيرة أم صغيرة؟".
حالة انتظارية
من جهته أكد الكاتب الفلسطيني راسم عبيدات، أن السلطة الفلسطينية تعيش في حالة انتظارية وغيبوبة سياسية، في ظل تنفيذ حقيقيٍّ لخطة الضم، ولا نقاش على مبدئها الذي أُقرَّ في صفقة القرن الأمريكية.
وقال عبيدات في حديث لصحيفة "فلسطين": "حتى هذه اللحظة لم نلحظ وجود أيِّ رؤية فلسطينية تقوم على تحصين الجبهة الوطنية الداخلية، من أجل مواجهة مخططات الضم أو وضع رؤية فلسطينية موحدة لذلك".
وأضاف: "رفض خطة الضم وحدَه موقف لا يكفي، ويجب إيجاد خطوات عملية عبر استعادة الوحدة الوطنية ورسم استراتيجية كاملة وخطة شاملة عملية لمواجهة الضم".
ورأى عبيدات أن المواجهة الفردية للمخططات الإسرائيلية لا تكفي، في ظل وجود قوى دولية وعربية تدعم خطة الضم الإسرائيلية.