فلسطين أون لاين

من برواز مطرز.. زها حمدان تلتقط "مشروع العمر"

...
غزة- هدى الدلو:

في قرية قبلان جنوب نابلس أهدي لها في زفافها برواز مطرز، ولفتت انتباهها هذه القماشة ذات الأهمية والمحاطة بإطار خشبي وواجهة زجاجية، وأخبرتها إحداهن بأنها هدية قيّمة.

وبعد وفاة زوجها وفقدان المعيل لها ولابنتيها، تبلورت لديها الفكرة، وأصبح التطريز مهنة زها حمدان (50 عامًا) التي واجهت بها أعتى الظروف.

بدأت زها المكناة "أم سوسن" حياتها من الصفر، حيث عكفت في البحث عن عمل يوفر متطلبات عائلتها كونها المعيل الوحيد لهم، لاسيما بعدما تركت العمل في إحدى رياض الأطفال التي لا يتعدى راتبها 300 شيقل شهريًا، تخرج منه مديونة لإيجار البيت وفاتورة الكهرباء وعدم قدرتها على تلبية احتياجات طفلتيها.

تقول زها لصحيفة "فلسطين": "قسوة الظروف دفعتني نحو التوجه إلى إحدى المؤسسات التي تدعم الأيتام، فاقترح صاحب المؤسسة فكرة العمل في المنزل والتطريز، فوافقت رغم أني لا اعرف أي شيء عن التطريز، ولكني تشجعت للفكرة لأنها توفر مصدر دخل يمكنه أن يهون من ظروفي".

وتستذكر ذلك الموقف فسألها "كم تريدين في القطعة؟" فأجابته: "11 شيقلًا"، تفاجأ من انخفاض سعرها ووافق وأعطاها ست قطع، ذهبت بهم إلى جاراتها اللواتي وافقن على تطريزهن، وقامت بإعطائهن 10 شواقل على القطعة مقابل أن تأخذ هي شيقلًا واحدًا، ومن ثم عرض عليها استلام محل للبيع فيه، وكونه مهتمًا بالتطريز والتراث علمها اياه من الصفر وبكل أنواعه وغرزه "القطبي، والقصبي، والنول، والتحريري وغيرها".

تتابع: "خلال شهر واحد تعلمت أنواع التطريز وفنونه واستلمت معرضًا للأيتام لمدة سبعة أشهر لكن أغلقه الاحتلال فيما بعد لأنه يدعم الأيتام، لأنتقل بعدها للعمل في محل تجاري مدة خمس سنوات تعلمت فيها أمور أخرى كأنواع القماش وآلية التعامل مع التجار والسوق والتسويق".

وبعد فترة من الزمن افتتحت محلها الخاص للألبسة والمطرزات الشعبية، وبات لديها مصدر دخل، مشيرة إلى أنها عهدت في مشروعها على تنفيذ مبادرة لدعم السيدات العاطلات عن العمل واللواتي يعانين من ظروف معيشية صعبة، وقد وفر مشروعها فرص عمل لنساء في بيوتهن، حيث إنها توزع القطع مع التصميم والتطريز المطلوب تنفيذه.

وتلفت حمدان إلى أنها عملت على توفير عمل لأكثر من 250 سيدة فلسطينية غير قادرة على العمل خارج بيتها، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يحياها الفلسطينيون.

والآن تدير "أم سوسن" مشغلًا للمطرزات والأشغال اليدوية التراثية، وتسوقها منتجاتها عبر محلين تجاريين في نابلس، وافتتحت عدة محلات في الولايات المتحدة الأمريكية، وتروج لمنتجاتها أيضًا عبر صفحة فيسبوك، حيث تعرض عليها المطرزات والأشغال التراثية من أثواب للعرائس وغيرها.

تتابع حمدان أمور المحلات بنفسها، والزبائن، والخياطات، لافتة إلى أنها تستخدم أنواعا مختلفة من القماش لصناعة الزي التقليدي كالحريري، والساتان، وتعمد على اختيار الألوان المستوحاة من الطبيعة الفلسطينية المتنوعة كالجبال والسهول والمظاهر الطبيعية، كما يكون لكل قرية أو مدينة التطريز الخاص بها، والذي يعكس طبيعتها.

أصبحت ممثلة لنادي سيدات ورجال الأعمال الإماراتي في فلسطين، وقد حصل على 40 تكريمًا ودرعًا من المؤسسات المختلفة على جهودها، ووجهت رسالة للنساء بأن تعتمد على نفسها وتواجه ظروفها بنفسها.