حديثنا اليوم عن الهجمة على القدس والمقدسات وفي مقدمتها وعلى رأسها المسجد الاقصى، لأن الاحتلال يحاول بكل الطرق والسبل تقسيم المسجد مكانيا، بعد أن قسمه زمانيا، في محاولة لسحب ما أقدم عليه في الحرم الإبراهيمي الشريف, إلى المسجد الأقصى المبارك، بل تتزامن الهجمة على القدس والمسجد الأقصى المبارك مع الهجمة على الأغوار التي تحاول دولة الاحتلال ضمها إلى جانب شمال البحر الميت والمستوطنات، إن لم تكن القدس التي هي عاصمة الدولة الفلسطينية القادمة لا محالة. لها من الأهمية والمكانة الرفيعة ما يجعلنا نحذر من نسيانها في خضم المعركة الحالية ضد الضم والتوسع الاستيطاني.
إذ إن كل المؤشرات سواء تلك الميدانية على الأرض أو التصريحات والمواقف الصادرة عن رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو وشريكه بني غانتس ووزراء حكومتهما اليمينية تؤكد أن دولة الاحتلال ماضية نحو الضم سواء الضم التدريجي أو الضم مرة واحدة لمساحات واسعة من الأراضي المحتلة بما في ذلك الغور وبما يزيد عن ثلاثين بالمائة في الضفة الغربية، مدعومة بإدارة ترامب الداعمة للصهيونية والاحتلال والمناهضة لحقوق شعبنا المشروعة.
السؤال المطروح اليوم، تحت أي عذر يمنع رئيس الهيئة الاسلامية العليا وغيره من مسؤولي الاوقاف الاسلامية ولا يزال العديد منهم ممنوعين من دخول الاقصى؟! فالإبعادات عن المسجد الاقصى وعن المدينة لأبناء القدس هي الاخرى في تصاعد مستمر وتتعارض ليس فقط مع الاعراف والتقاليد والقرارات الدولية، بل مع الشرائع السماوية والتي تحرم على الاحتلال منع المسلمين والمصلين من الوصول لاماكن العبادة خاصة المسجد الاقصى المبارك الذي يعتبر بالنسبة للمقدسيين واحدا من اهم الاماكن المقدسة وكذلك للمسلمين في انحاء المعمورة.
لعل الهجمة المتصاعدة ضد المدينة والمقدسات تضاعفت في اعقاب اعتراف الادارة الاميركية الحالية بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال ونقلت سفارتها اليها، بما يتعارض ويتناقض مع القرارات والقوانين الدولية، وتحديا للقرارات الدولية ولجميع الدول والشعوب التي تناصر الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وتطالب بإنهاء الاحتلال الاسرائيلي للأرض الفلسطينية والذي يعتبر آخر احتلال واشرس احتلال في العالم.
إن الهجمة الاحتلالية على مدينة القدس عامة وعلى المسجد الاقصى خاصة في تصاعد مستمر، فلا يمر يوم دون اعتقالات للمرابطين والمرابطات في المسجد، وابناء المدينة المقدسة، في محاولة يائسة من الاحتلال لإخضاعهم والنيل من صمودهم لتمرير مخططاته في التهويد والأسرلة وتغيير المعالم وتزوير التاريخ الفلسطيني - العربي والاسلامي للمدينة، رغم ان جميع الحفريات والآثار تؤكد على عروبة واسلامية المدينة، وأنه لا تاريخ ولا حضارة لليهود في القدس. وحتى التوراة اليهودية تؤكد على أن القدس بناها الفلسطينيون الأوائل أي الكنعانيون الذين هم اجدادنا ونحن امتداد لهم في هذه الديار المقدسة والتي هي اولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
فبعد كل هذه المخاطر الاحتلالية اوجه سؤالي اليوم لشعبنا وامتنا، ماذا تنتظرون؟ ولماذا تصمتون ولماذا لا تتحركون؟! فإن استمرارنا على هذا الحال من ردود الفعل لن يوقف الضم ولا التهويد وإن البديل لوضعنا الراهن هو المسارعة إلى إعداد برنامج التصدي للضم بمشاركة كل القوى والفصائل, وفي هبة شعبية متواصلة ومنظمة ومدعومة من السلطة والفصائل كافة والتوافق بين غزة والضفة على برنامج نضالي واحد على الأقل لمواجهة الضم, إن لم يكن يمكننا إعلان إنهاء الانقسام حاليا رغم أهمية ذلك، ومن غير المعقول أو المقبول أن تبقى ردود أفعالنا تتراوح بين بيان هنا وآخر هناك.
فلا يعقل ان تبقى أحوالنا على ما هي عليه من انقسام وغياب لبرنامج واضح في مواجهة الضم وكل الممارسات الاسرائيلية الاخرى بعد أن أسدلت وحليفتها ادارة ترامب الستار على أي عملية سلام جادة وبعد أن اعلنتا بوضوح رفضهما لحقوق الشعب الفلسطيني وتنكرهما للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية.