فلسطين أون لاين

بعد امتحانات "التوجيهي".. الإجازة سبيل للبحث والتثقُّف

...
--.jpg
غزة/ مريم الشوبكي:

طبيعة الحياة مبنيّة على التطور والانتقال من حال إلى حال، مصداقًا لقوله تعالى: " وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا"، والتطور هو نوع من الارتقاء مع بقاء الذات كما هي، ولعلّ مراحل التعليم هي خير مثال على هذه النقلة في حياة الإنسان، ليحقّق مراد الله تعالى فيه: " وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا".

المرحلة الثانوية هي نقطة ارتكاز ينطلق الطالب عبرها من تعليمٍ له وضعٌ معينٌ إلى وضعيةٍ تختلف تمامًا وهي المرحلة الجامعية التي يبني على أساسها مستقبله الطويل عبر عقود مقارنة بـ12عامًا من المراحل التي سبقت.

ولكن بعد إنهاء طلبة الثانوية العامة امتحاناتهم في 17 من يونيو/ حزيران الجاري، وبدء الإجازة الصيفية، كيف يمكنهم استثمارها على اعتبار أن ما بعدها يمثل نقلة مفصلية في حياتهم؟

 يقول الداعية مصطفى أبو توهة: "الإنسان -كما قال الفلاسفة- يحوي دماغه كل المعارف والعلوم، التي تعلمها آدم عليه السلام، لكن الكشف عنها لا يمكن أن يتأتى إلا من خلال سلوك مدارس التعليم المعروفة".

ويضيف أبو توهة لصحيفة "فلسطين": "في ظني أن المرحلة الثانوية هي نقطة ارتكاز ينطلق الطالب عبرها من تعليم له وضع معين إلى وضعية تختلف تماما وهي المرحلة الجامعية التي يبني على أساسها مستقبله الطويل عبر عشرات السنين مقارنة باثنتي عشرة سنة من المراحل التي سبقت".

ويبيِّن أن الطالب هو الذي يحدد مستقبله من خلال إصابة الهدف في نوع التخصص الذي سيدرس فيه، وهذه الأهداف تقسم إلى قسمين: قسم من التخصصات يلبي الرغبة والميل النفسي للطالب، وهناك قسم آخر يلبي احتياجات المجتمع وحاجة الوطن، الأمر الذي يضع الطالب في حيرة، فهو قد يدرس ما يتمنى ولكنه في النهاية سيكون واحدًا من آلاف المنتظرين في طابور العاطلين عن العمل.

ويوضح أبو توهة أن الطالب قد يتخصص فيما يفرضه عليه الاحتياج فيكون ذلك على مضض، ولكي يخرج الطالب من هذه الحيرة فإنه يمكن أن يجمع بين ضرورة الحياة والعيش بالتخصص الذي تفرضه عليه احتياجات العمل مع المطالعة والدراسة والتثقف فيما يهواه فيكون متعلمًا ومثقفًا في آن واحد.

ويذكر أن الإجازة التي تعقب امتحانات الثانوية العامة هي استراحة محارب لكي يبدأ الناجح في البحث عن احتياجات السوق وما هو مطلوب في الساحة، فيعد العدة لتكون الشهادة الجامعية وسيلة رزق، فهذا الوقت الصعب.

ويشير أبو توهة إلى أن كثيرا من الناجحين والموفقين في حياتهم العملية ليس بالضرورة أن يشتغلوا في نفس المجال الذي خصصوا دراستهم الجامعية فيه، وبالتالي لو استدبروا من الأمر ما استقبلوا لجعلوا تخصصهم في نفس المجال الذي سيعملون فيه ليكونوا أكثر نجاحًا وتوفيقًا.

ويؤكد أنه كان لا بد من التخصص في المجال الذي يهواه الطالب، فينبغي أن يعمل حسابه أن يكون متميزا ليس كغيره من الآلاف المؤلفة، حتى يعمل في مجاله.

يتابع أبو توهة: "نحن في زمن تؤدي الشهادة فيه دورًا مهمًا وخطيرًا في التقدم إلى الوظائف والأعمال وإلا فإن مجالات العمل كثيرة، لكن المتقدم إليها سيكون مضطرًا إذا تجرد من الشهادة الجامعية أن يعمل في المستويات الدنيا وبأقل الأجور، وتلك عيشة لن تبني مستقبلًا ولكن تحقق حلمًا، إنما سيكون صاحبها واحدًا من المطحونين الذين ربما يعتلي على أكتافهم أصحاب المشاريع الذين لا يهمهم إلا جمع المال وحطام الدنيا".

بصمة للأمة

بدوره يقول الداعية أحمد زمارة: "بعد انتهاء طلبة الثانوية العامة من امتحاناتهم، أصبحوا مقبلين على الإجازة، وبالنظر إلى واقع تفشي فيروس "كورونا" المستجد تتسم هذه المرحلة بوقت الفراغ وهذا ما سنحاسب عليه، كما قال صلى الله عليه وسلم: (نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ)".

ويضيف زمارة لصحيفة "فلسطين": "مرحلة الشباب هي مرحلة العمل والعطاء، لذا على الشاب أن يبذل قصارى جهده في إضافة بصمة لهذه الأمة، فسيسأله الله عن شبابه فيما أفناه".

ويشير إلى أنه مع إنهاء مرحلة الثانوية العامة، تنتهي مسؤولية الأهل والمراقبة الدائمة، والانتقال إلى المرحلة الجامعية فيه نوع من الحرية والاعتماد على الذات.

ويدعو زمارة الشباب إلى مراجعة أعلام السيرة والتعرّف إلى ما فعلوه في مرحلة الشباب.