تشهد المدن والقرى في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 جُملة من المتغيرات السياسية والقرارات العنصرية الإسرائيلية، ما يدفع المواطنين للخروج بمظاهرات احتجاجية رفضاً لقرارات الاحتلال وتقاعس شرطته عن القيام بواجبها، كما في البلدات التابعة للاحتلال.
وكان آخر القرارات العنصرية التي أقرتها سلطات الاحتلال في مدينة يافا تجريف مقبرة الإسعاف، بهدف إقامة مشروع استيطاني لصالح تسكين عددٍ من المستوطنين الشبان، ما جعل أهلها ينتفضون رفضاً لهذا المخطط.
وتقود المؤسسات والأحزاب في مدينة يافا النضال ضد بلدية الاحتلال في (تل أبيب) منذ عامين، بسبب نبش القبور في مقبرة الإسعاف، وما جعل الأمور تزداد توتّراً إصرار الأخيرة على تنفيذ المشروع.
ويرى الأهالي والمؤسسات والأحزاب الفاعلة في يافا، أن قرار بلدية (تل أبيب) تنفيذ المشروع على مقبرة الإسعاف تعدٍ على حرماتهم، وتمهيد لانتهاكات أخرى للمقدسات في يافا.
كما شنّت بلديّة (تل أبيب) – يافا وشرطة الاحتلال، حملة واسعة على المصالح العربيّة في المدينة لتدفيعها غرامات باهظة. وطالت الحملة المحلات في شارعي "ييفت" و"كيدم" والأحياء الداخلية للمدينة.
وادّعت البلديّة والشرطة أن الغرامات بسبب مخالفة تعليمات وزارة الصحّة بخصوص الحدّ من تفشّي جائحة كورونا، إلا أن الأهالي في المدينة عدوها "انتقاميّة، وردًا على تظاهرات المدينة خلال الأسبوعين الماضيين رفضًا لتجريف مقبرة الإسعاف الإسلاميّة".
في حين تتواصل احتجاجات الفلسطينيين أيضاً، خاصة أهالي النقب، رفضاً لمخططات التهجير والاعتداءات المستمرة والهدم، فخلال السنوات الأخيرة هدمت وحدة "يؤآف" المسؤولة عن هدم البيوت في النقب قرية العراقيب للمرة (176).
وإزاء هذه التحركات والاحتجاجات الفلسطينية المتواصلة يبقى التساؤل المطروح هنا حول مدى تأثيرها على سلطات الاحتلال وإمكانية التراجع عن قراراتها "العنصرية"!
ويؤكد الناشط السياسي في حيفا آدم أبو العردات، أن هذه الاحتجاجات لها تأثير كبير على سلطات الاحتلال، مستدلاً بوقفها تجريف القبور الموجودة في مقبرة الإسعاف بفعل الهبة التي أشعلها السكان.
وأوضح أبو العردات خلال اتصال هاتفي مع "فلسطين"، أن الاحتلال يخشى المواجهة مع السكان في بعض الأحيان، لذلك قد يتوقف "مؤقتاً" عن بعض المشاريع العنصرية التي ينفذها.
وبيّن أن بعض الحركات الوطنية تتخذ أشكالاً متعددة خلال المظاهرات، أبرزها إغلاق الشوارع الرئيسة، وهو ما يجعل القضية تطفو على السطح أمام شاشات الإعلام "وهو ما يخشاه الاحتلال".
وأشار إلى أن درجة تأثير الاحتجاجات على الاحتلال تختلف من حدث لآخر، عاداً أن هبة أهالي يافا، من أكبر الهبّات التي تشهدها مُدن الداخل في المرحلة الحالية كونها تمس الحضارة الإسلامية.
وذكر أبو العردات أن مقبرة "القسام" الموجودة في حيفا تتعرض أيضاً للنبش والهدم كما "الإسعاف" من أجل إنشاء مشروع سكاني للمستوطنين.
وشدد على أن سلطات الاحتلال تنتهج سياسات عنصرية منذ سنوات طويلة، بهدف طرد السكان الفلسطينيين وبسط سيطرتها الكاملة على المدن الفلسطينية في الداخل المحتل، وأبرزها سياسة التمييز العنصري.
ولفت إلى أنها تتذرع بحجج واهية من أجل فرض ضرائب ومخالفات باهظة على المشاركين في الوقفات الاحتجاجية، ضمن سياسة الترهيب التي يتبعها لليِّ ذراعهم وعدم الخروج والمشاركة في الوقفات الأخرى.
تجدر الإشارة إلى أن أراضي الـ48 في الداخل تشهد ارتفاعاً ملحوظاً بمعدل الجرائم وسط غياب واضح ومتعمد من سلطات الاحتلال لوقفها وبذل الجهود للقبض على الجناة، بشكل يؤشر على سياسات عنصرية ممتدة على مدار سنوات طويلة.
وقُتل في العام الماضي (93) مواطنًا من فلسطينيي 48 بينهم (11) امرأة، في حين سجل (76) حالة قتل في عام 2018 بينهم (14) امرأة، بزيادة أربع حالات عن عام 2017.