تتوالى عمليات المصادرة الإسرائيلية وتتصاعد في مدينة القدس المحتلة، كانت أولاها مواصلة شق "الشارع الأمريكي" الذي استأنفت بلدية الاحتلال العمل فيه انطلاقًا من بلدة جبل المكبر جنوب شرقي القدس المحتلة.
وكانت لجنة التخطيط والبناء التابعة لبلدية الاحتلال قد طرحت مخطط شارع الطوق بالقدس قبل 13 عامًا، ويشمل المخطط القدس بشقيها الشرقي والغربي، ويعد المقطع الأوسط من الشارع هو الأضخم، ويمتد على طول (12 كم) مع عرض وارتداد يصل إلى (70) مترًا.
وتبدأ عمليات الشق من الحاجز العسكري (مزموريا)، مرورًا بحي الشيخ سعد والمقطع الأوسط من الشيخ سعد، وتنتهي في عين اللوزة في سلوان بنفق في باطن الجبل.
أما المرحلة التالية من المشروع، فتبدأ من بداية النفق في عين اللوزة وينتهي حيث الحاجز العسكري في الزعيم شرق المدينة المقدسة وأسفل مستشفى المطلع وجبل الزيتون.
أهداف المشروع
وعن أهداف المشروع الاستيطاني، أوضح خليل تفكجي، الخبير في شؤون الاستيطان ومدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية في القدس المحتلة، أن العمل الإسرائيلي يهدف إلى فصل الأحياء الفلسطينية عن بعضها، وفرض السيطرة الأمنية عليها.
وقال تفكجي في حديث لصحيفة فلسطين: "مشروع الشارع الأمريكي يأتي ضمن (مشروع الطوق) الإسرائيلي الهادف للوصول إلى السيطرة الكاملة على ما يسمى (القدس الكبرى)، تتضمن إقامة بنية تحتية لربط المستوطنات الإسرائيلية ببعضها".
وأضاف: "الاحتلال استأنف العمل في المشروع الاستيطاني، تطبيقًا عمليًّا لسياسته الواضحة في عملية تهويد القدس وعملية فصلها، وفرض سياسة الأمر الواقع على المدينة".
وأكد تفكجي أن الاحتلال يتعمد تنفيذ تلك المشاريع في الأحياء الفلسطينية ومصادرة ممتلكاتهم، للحد من النمو السكاني العربي في القدس المحتلة، مشيرًا إلى أن المشروع صادر أكثر من (1050) دونمًا فلسطيني.
وذكر تفكجي أن "الشارع الأمريكي" سيربط تجمع "كفار عتصيون" الاستيطاني الممتد بين جنوب القدس وشرقها إلى أراضي الفلسطينيين في محافظة في بيت لحم، بالكتلة الاستيطانية "معاليه أدوميم" شرق القدس ومستوطنات وسط الضفة وشمالها، في طريق التفافي استيطاني يمتد من الكتلة الاستيطانية شمال الضفة الغربية "أرئيل" جنوب مدينة نابلس إلى "كفار عتصيون" شمالًا على مشارف محافظة الخليل.
وأفاد بأن المشروع يسعى لتنظيم المستوطنات الإسرائيلية في كتل ضخمة، يجعل نظام أمنها وبناها التحتية أكثر كفاءة، ويسمح بوجود مساحات مفتوحة بينها؛ ليعلن أنها خارج القرى الفلسطينية والتوجه لمصادرتها لاحقًا.
ومنذ عرضِ وإقرار بدلية الاحتلال للمشروع، الذي يتضمن ثلاثة أنفاق ضخمة، تجاوزت تكلفة كل مقطع منه المليار شيقل تقريبًا.
ومع إتمام المشروع الاستيطاني، سيمر الشارع من أراضي المواطنين الفلسطينيين وأحيائهم: الصلعة وجعابيص وبشير وشقيرات والقنبر وحي المدارس وأم ليسون وصور باهر وجبل المكبر، إضافة إلى مناطق شرقي القدس كأبو ديس والسواحرة الشرقية والشيخ سعد.
ويعد "الشارع الأمريكي" أحد مرتكزات "مشروع القدس الكبرى"، الذي جاء بعد التوقيع على اتفاق أوسلو عام 1993م، عندما دخلت حكومتا "العمل" و"الليكود" الإسرائيليتان في سباق محموم مع الزمن؛ لاستكمال الطوق الاستيطاني حول مدينة القدس المحتلة في إطار ما نُفذ بأكثر من (70%) حتى الآن.
ويقدم مشروع القدس الكبرى سلسلة من الخرائط التي تتضمن الاستخدام الأمثل لطبوغرافية الأرض والدمج المبرمج لمخطط القدس في عهد الانتداب البريطاني مع مخطط كاندل (1966م)، الذي أطلق عليه مخطط القدس الكبرى، إضافة إلى المخطط الصهيوني الذي بدأ في تجزئة المناطق العربية داخل القدس وخارجها (1967–1987) وتتويج ذلك بمخطط الاستكمال (1994–2025م).