قائمة الموقع

من معرش "زينكو".. الطفلة "فجر" تُطلق شغفها في التدريس

2020-06-21T11:31:00+03:00

معرش من "الزينكو" حولته فجر حميد (13 عاما) إلى صف مدرسي، سبورته باب خزانة قديم لونه بيج، المقاعد ألواح خشبية مجمعة يدويا ومثلها طاولة يكتب عليها الطلبة مثبتة على أرض رملية، زينت جدرانه برسوماتها، وصور قامت بتلوينها.

خطت "المعلمة الصغيرة" بطباشير صفراء درس التنوين على سبورتها وفي يدها الأخرى تحمل كتاب لغة عربية، بدأت تسأل والطالبات يجبن، وأخريات انشغلن بكتابة ما خطته على اللوح، وأصغر طالب لديها ذو الأربع سنوات أخذت بيديه تعلمه كيفية إمساك القلم.

فجر، من قرية المغراقة جنوب مدينة غزة، قررت أن تأخذ دور المعلمة بفعل جائحة كورونا واغلاق المدارس، وتراجع مع أطفال حيها الرياضيات واللغتين الإنجليزية والعربية.

تمتلك "كاريزما" لإيصال المعلومة وضبط الصف وأساليب التربية بلطف، فهي لم تنسَ أن تمنحهم قسطًا من الراحة بين ساعتي الحصة، يلهون على أرجوحة بسيطة من الحبال معلقة بجانب المعرش.

تقول فجر: "جائحة كورونا سببت لي الملل بسبب جلوسي في البيت بلا دراسة ولا نُزَه، فخطرت في بالي فكرة تعليم أختي الصغرى ما فاتها من المنهاج، وأطرد الملل في نفس الوقت".

صيتها بدأ يذيع في الحي وصار الطلاب يجمعون بعضهم حتى وصل العدد 22 طفلا، ينصتون لها بكل حواسهم مرتين في الأسبوع على فترتين صباحية ومسائية، فهي تنوع في الدروس.

الثقة عادة يستمدها الطفل من والديه فهما المشجع الأول لفجر في مبادرتها لتكون معلمة أطفال الحي، ولا ينفك أباها عن تذكيره لها بأنه فخور بها على الدوام.

طلبة فجر متنوعون ما بين الروضة حتى الصف السابع، كما تعدل النطق لطفلتين تلثغان بحرف الراء.

شغف فجر في التدريس يدفعها للتمسك بحلمها بأن تصبح معلمة مستقبلا، وترغب بأن تمتلك قناة على يوتيوب لتصوير يومياتها كمعلمة صغيرة.

البعض يطرح عليها سؤالا لماذا لا تطلبين أجرا على دروسك، يكون ردها" ما أقدمه هو عملا خالصا لله، وما أرجوه هو توفيقي في دراستي".

معلماتها في المدرسة صرن ينادين فجر "وين يا معلمة"، ويطلبن منها الاستمرار فيما بدأته، لأنهن وجدنا فيها مقاومات المعلمة وكلهن ايمان بأن لها مستقبلا واعدا في التعليم.

ما كانت ترفضه فجر في معاملة معلماتها لها، ترفضه في صفها، فهي تنبذ الضرب والصراخ على طلابها وهذا ما يجعلهم لا يملون وينتظرون حصتها يوميا بكل شغف، وأحيانا يذهبون إليها بلا موعد لا تردهم خائبين بل تقيم لهم حصة استثنائية.

التشجيع والمكافأة لم تسقطهما من أساليب جذب وترغيب طلبتها في المداومة على حضور الدروس، تبين أنها تدخر مصروفها اليومي وشراء السكاكر والحلوى وتكافئ الذي يبلي بلاء حسنا.

جاراتها يمازحنها "يا ريتك من زمان بدأتي"، تقول: "أصبحت الأمهات ينتظر الحصة ويرسلن أطفالهن إليها، ويطلبن منها أن تركز على ضعف أطفالهن في بعض المواد".

تحقيق أحلام فجر على بساطتها له أثر كبير على الاستمرار بشغفها في تعليم أطفال الحي.

ومواهب فجر لم تتوقف عند التعليم، بل تعدت إلى مهارة الرسم في وقت فراغها، ايمانها بموهبتها دفعها للمشاركة في مسابقات لرسم لتحصل على المركز الثالث في إحداها.

 

اخبار ذات صلة