قائمة الموقع

ما واجب المسلمين ضد خطة "ضم الضفة"؟

2020-06-18T13:44:00+03:00

يحاول الاحتلال الإسرائيلي جاهدًا الاستيلاء على مزيد من الأراضي الفلسطينية، فقد وجه أنيابه في هذه المرحلة لما يسمى "ضم" نحو 30% من الضفة الغربية المحتلة، فما الواجب الواقع على المسلمين لمواجهة ذلك؟

"سياسة الضم تعني الاستيلاء على أراضي المسلمين، وهذا يعني تمكين غير المسلمين من أراضيهم، وهو أمر ممنوع شرعًا، لقوله صلى الله عليه وسلم: "الإسلام يعلو ولا يعلى عليه"؛ بهذا يبدأ أستاذ الفقه المقارن المشارك في كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية د. ماهر السوسي حديثه مع صحيفة "فلسطين".

ويشير السوسي إلى أنه ما دام يستطيع أصحاب الأرض المستولى عليها الدفاع عنها فيكون الحكم فرضًا من فروض الكفاية، خاصة إذا كانوا يملكون قوة تمكنهم من ذلك، وإذا لم يكن باستطاعتهم فإن الواجب يقع على المحيطين بهم، بالاشتراك معهم بالدفاع، ويستمر هذا الفرض بالاتساع إلى أن يشمل كل المسلمين.

ويلفت السوسي إلى أن ذلك يدخل ضمن باب الجهاد الذي شُرع من أجل الدفاع عن عقيدة الإسلام.

ويضيف: "ما يعطّل تحرير أراضي المسلمين عدم رغبة الحكام المسلمين، وعدم اكتراثهم لتلك القضية، ومدهم بيد العون لغير المسلمين، وحكمه في الشرع التحريم وأنه معصية لله لأنه يخالف مقاصد الشريعة".

ويبين السوسي أن تراخي الحكام في الدفاع عن أراضي المسلمين لا يبرّئ المسلمين من واجبهم، ولذا يفترض أن يكونوا إيجابيين فاعلين نحو تحرير فلسطين، لقوله تعالى: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ"، (آل عمران: 110)، فيخاطب الأمة وليس الحكام.

ويوضح أن جماهير المسلمين يتحملون عبء الدفاع عن أراضي المسلمين، كقادة الفكر والرأي والعلماء لتهيئة الرأي العام، وبيان خطورة الاعتداء على أراضي المسلمين، خاصة أن الكثيرين يجهلون ما يحدث في الضفة، ومدى خطورته على الأمة الإسلامية.

ويتابع السوسي: "الأمة الإسلامية آثمة إذا استمر صمتها حتى لو كانت محكومة بالحديد والنار، ويمكن توجيه الرأي العام في كل دول العالم عبر وسائل التواصل الاجتماعي بالحديث عن القضية وخطورتها، وتشكيل فرق لمكافحة عملية الضم".

بدوره يشدد عضو رابطة علماء فلسطين الداعية أحمد زمارة على أن فلسطين أرض وقف إسلامي، ووصية ربانية لعموم الأمة، فهي آية في كتاب الله، وحديث في سنة نبينا، فلا يجوز التفريط فيها ولا بشبر منها.

وفي حديث مع صحيفة "فلسطين"، يلفت إلى أن مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين أكد أنه لا يجوز المبادلة ولا البيع ولا المعاوضة في الأرض أو في شبر منها مهما كلف الأمر، وعلى الفلسطيني المسلم أن يتمسك بأرضه وعقاره، ومن يتجاوز الحكم الشرعي آثم ومحاسب أمام الله.

ويشير زمارة إلى أن هذا دليل واضح وصريح وقطعي على وجوب التصدي لخطة نتنياهو بضم الأراضي وعلى شباب الأمة جمعاء أن يقوموا لمحاربة هذا المشروع، كلٌ في حدود استطاعته وقدرته، وفي موقعه وثغره.

ويبين أن على كل مسلم استحضار نية الرباط في أرض فلسطين والذود عنها، وتذكير النفس بأجر الرباط، وأنه لا يتخلف عن الرباط إلا للمانع القائم من الحكومات والسياسات، عملًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم "مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِهِ؛ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ".

أما الأمة فيوضح زمارة أنه يقع على عاتقها التصدي لمخططات "الضم" بشتى الوسائل، داعيا أبناء الأمة الى استثمار مواقع التواصل وشبكات الإنترنت ونشْر حديث فلسطين، وتاريخ القضية الفلسطينية في كل المحافل وجعْل خريطتها التاريخية صورة ثابتة لحساباتكم الشخصية والرسمية.

وينبه إلى أنه يتوجب على الأمة ألا تغفل عن الدعاء بظهر الغيب، وأن تجأر إلى الله تعالى بأن يرد المسجد الأقصى والقدس الشريف إلى أمة الإسلام، وأن يخلصهما من الاحتلال، والدعاء للمجاهدين بالثبات لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلا الدُّعَاءُ"، وقال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه: "إنكم لا تُنصرون بعتاد ولا عدد إنما تُنصرون من السماء، فإني لا أحمل همَّ الإجابة، إنما أحمل همَّ الدعاء".

ويدعو زمارة إلى مقاطعة منتجات الاحتلال بيعا وشراء، وتطبيق النموذج النبوي في سوق المدينة، والاستفادة من حركة المهاتما غاندي في الهند التي تسببت برحيل الإنجليز عن بلاده بسبب المقاطعة الاقتصادية.

ويضيف: "بل وماذا على المسلمين لو استفادوا من طريقة عدوهم في الحرب على الإسلام على مدار التاريخ مرورا بشعب أبي طالب، وحصار المسلمين هنا وهناك في هذا الزمان، بل والمعمول به في ميثاق الأمم المتحدة أن لكل دولة الحق في اعتماد المقاطعة الاقتصادية، إذا أحست بأن مصلحتها في خطر".

ويختم: "من لا يستطيع حمل السلاح فهو يحمل القلم والهاتف الذكي وغيرها من الوسائل التي تفضح سياسة الاحتلال وتقلب الرأي العام".

 

اخبار ذات صلة