قائمة الموقع

​بهية الهشلمون..صوت زوجها الأسير عبر "التواصل الاجتماعي"

2017-04-06T09:35:03+03:00

في المساحة المخصصة لكتابة نبذة عن صاحب الحساب في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، عرّفت بهية النتشة، زوجة الأسير ماهر الهشلمون، نفسها بأنها: "زوجة أسير عجل إلى ربه ليرضى عنه.. أمثل امتدادًا له بعدما حُكم بـ200 عام".. وهذا ما يبدو واضحًا من خلال جولة بسيطة في حسابها الذي يقارب عدد متابعيه الثلاثين ألف مستخدم، فهي تكثر من الكتابة عن زوجها وتشارك متابعيها بعض تفاصيل حياتها، ويطغى على ما تكتبه نبرة الصبر والثقة بأن الحرية قريبة.

"فلسطين" حاورت زوجة الأسير عبر الهاتف لتتعرف منها على طريقتها الخاصة في التحكم بمشاعرها، وعلى الدور الذي اختارته لنفسها في إيصال صوت زوجها وغيره من الأسرى لتكون كتاباتها عبر المواقع التواصل الاجتماعي متميزة ومؤثرة، وعمّا تفعله لتكون امتدادًا لزوجها المحكوم بالسجن مؤبدين اثنين بعد إدانته بتنفيذ عملية طعن.

التضحية بالخصوصيات

بداية دخول النتشة على هذا الخط، كانت من الصورة التي انتشرت لزوجها في قاعة المحكمة مبتسمًا، وتداولها الكثير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي إعجابًا بها واستغرابًا منها في الوقت ذاته، حيث الابتسامة العريضة المرسومة على محيّاه لا يبدو مطلقًا أنها تزامنت مع الحصول عل حكم بالسجن.

تقول النتشة: "بعدما انتشرت الصورة بقوة، سألني شقيق زوجي لماذا لم أنشرها أنا على حسابي الخاص، فنشرتها دون أن أتوقع رد الفعل الذي وجدته، فقد وجدت اهتمامًا كبيرًا من الناس بها، وبالتواصل معي، وكذلك شعرت برغبة المتابعين في معرفة المزيد عن ماهر".

وتضيف: "تضحيته الكبيرة دفعتني لمواصلة مشواره، خاصة بعدما رأيت الكثير من الأسرى الذي ضحّوا كثيرًا لكنهم مجهولون إعلاميًا، ورأيت أن في قصة ماهر ما يمكن أن يقتدي به المتابعون".

وتتابع: "قبل هذه التجربة كنت أرفض نشر تفاصيل حياتي لقناعتي بأنها خصوصيات لا ينبغي إطلاع الجميع عليها، ولكن رد الفعل جعلني أضحي بجزء من الخصوصية مقابل الحديث عن زوجي، فمثلًا أنشر صورة لابني بعد تفوقه دراسيًا أو إتمامه لحفظ عدد من أجزاء القرآن الكريم ليكون في ذلك رسالة بأن الحياة مستمرة رغم المعاناة".

وتشير إلى أن ردود الفعل الإيجابية التي تتلقاها نبهتها على تميز دورها، وعلى أن صوت زوجات الأسرى مفقود في معظم الأحيان، رغم أهميته.

الصبر واليقين المجتمعان في كتاباتها عبر مواقع التواصل لا ينفيان الحزن العميق على زوج غيّبته سجون الاحتلال، فكيف تجمع النقيضين معًا، ولماذا تفعل ذلك؟ تجيب النتشة: "الحزن واليأس جزء من طبيعة النفس البشرية، ولكن لا بد من القوة أمامهما لنواصل حياتنا، وعباراتي التي أنشرها وتنال إعجاب المتابعين لا تأتي إلا بعد خروجي من لحظات الحزن، وهذه الكتابات هي التي تقوّيني".

التحكم بالمشاعر

وبحسب النتشة، فللحزن أشكال، فهو إما أن يكون سلبيًا يؤثر في باقي تفاصيل الحياة، فيكون الدعاء أقرب إلى "ندب الحظ"، وإمّا أم يكون شعورًا طبيعيًا مؤقتًا يدفع صاحبه إلى مناجاة الله بيقين، وهذا يمنح النفس راحة وثقة.

وعن التحكم بالمشاعر، تبيّن: "لم أصل إلى هذه الدرجة من التحكم دفعة واحدة، وإنما سيطرت على نفسي بالتدريج، لثقتي بأن البكاء لن يحقق لي سوى الألم النفسي والجسدي، ولن يغيّر الواقع أبدًا، بينما التوجه إلى الله هو سبب التغيير، حتى أنني كثيرًا ما أبتسم عندما أتذكر ماهر بدلًا من البكاء".

هذا التحكم نقلته النتشة لابنيها، وزرعت فيهما التفاؤل، مستفيدة من صغر عمرهما، وعن ذلك تقول: "لأنهما طفلان، فهما كإسفنجة تتشرب أي شيء، ما سهل عليّ تعويدهما على الإيجابية في التعامل مع افتقادهما لأبيهما".

ومن أمثلة تصرفها مع الصغيرين، أن ابنها إن طلب لعبة ولم يجدها في أحد المتاجر، ثم وجد أفضل بعد البحث في أكثر من متجر، تخبره أن الله أخّر حصوله على اللعبة من أول مرة ليجد الأفضل منها لاحقًا، وكذلك إن سألتها ابنتها في مناسبة ما: "ليش بابا مش معنا"، ترد عليها: "لا تفتحي هذا الموضوع معي، افتحيه مع الله"، فيكون رد فعل الطفلة أن تدعو الله ثم تظهر عليها علامات الارتياح.

وتلفت إلى أن التفاؤل هو أحد أشكال "الامتداد" الذي تسعى لتحقيقه، فزوجها متفائل بطبعه، ومنذ اعتقاله يتحدث دومًا عن قرب نيل الحرية، مرددًا: "قرّبت".

وتؤكد أن الأمل ليس مبنيًا على وهم، وإنما مُستند إلى الدعاء المتواصل، والتقرب إلى الله، مع الحرص على الاستقامة قدر الإمكان، موضحة: "البعض لا يبذل جهدًا، ويغفل حتى عن الدعاء، ويعيش حالة من اليأس المتواصل، وإذا ما سمع خبرًا عن احتمال عقد صفقة تبادل يتفاءل، ولكن هذا التفاؤل لحظي لا علاقة لنا به، بل آمالنا مبينة على يقين بالله، ومعرفة برحمته عزّ وجلّ".

كأنه لم يغِب

وبحسب النتشة، فإن سعيها لأن تكون امتدادًا لزوجها لا يقتصر على الحديث عنه، وانتهاج مبدأ التفاؤل الذي كان يتبعه، وإنما تحاول أيضًا أن تكون استمرارًا لدوره الاجتماعي أب وابن وأخ.

وتوضح: "أحاول أن أتصرف وكأنه لم يغِب، فبيته مفتوح دومًا لأهله، وأحرص على تواجدهم باستمرار، إضافة إلى تفاصيل أخرى مثل وليمة شهر رمضان، والأضحية، إضافة إلى الاهتمام بابننا وابنتنا".

وتبين: "أفعل هذا لتبدو الصورة تمامًا كما لو كان موجودًا، ولكن عندما تنتهي اجتماعاتنا العائلية وأنفرد بنفسي يظهر كل ما أخفيه، ولكن لا أسمح للحزن أن يكون سلبيًا، أو أن يسيطر عليّ بطريقة تعيقني عن المضي في الحياة بشكل سليم".

اخبار ذات صلة