قائمة الموقع

عطاف النجيلي.. بورق وإسفنجة تتجه للقب "سفيرة"

2020-06-15T14:53:00+03:00

لم تتمكن عطاف النجيلي (27 عاما) من التسجيل للفصل الدراسي الجامعي بسبب الظروف المالية الصعبة، فقررت حينها أن تبحث في الجانب الآخر من شخصيتها، حيث موهبتها المركونة جانبًا في الرسم.

كانت تحمل في داخلها ألوانا زاهية لحلم جديد تتنقل فيه بين مؤسسات يمكن لها أن تنميه وتشبع شغفها فيها وتكون لها حاضنة، ولكنها صدمت عندما قال لها أحدهم: "خايف أقبل التحاقك بالمؤسسة أندم، وخايف أرفضك أخسر"، فكان ذلك موقدًا لإشعال ثورة بداخلها لتنمية موهبتها لتكون فنانة تشكيلية، وسفيرة له.

الشابة النجيلي التي تقطن في مدينة خان يونس درست تكنولوجيا معلومات واتصالات، آمنت بالضوء الذي بداخلها، وبحثت عنه لينير طريق حياتها، ولتكون فردًا فعالًا في المجتمع.

لم يكن أمامها إلا بضعة أوراق بيضاء اللون، وقلم رصاص، وقطعة إسفنج من طرف الفراش لعدم توافر الفراشي الخاصة بالرسم، وسكينة مطبخ، والألوان الخاصة بالدهان، فأمسكت القلم الذي يلوح في مخيلتها وبدأت بخطوط تظهرها ملامح حلمها، ولم يكن يخطر ببالها أنه سيأتي يومًا لتختار بين التعليم والفن الذي يجري في عروقها.

تقول النجيلي لصحيفة "فلسطين": "كان القرار صعبًا أن أختار بينهما، ولكن الظروف هي من قررت هذه المرة، لتتشكل الخطوط نفسها بولادة حلم جديد"، وبدأت بتشكيل أول جدارية فنية في غرفة منزلها مستخدمة ألوان الصبغة الخاصة بدهان الحائط"، وهذا الجدار الملون والإنجاز الصغير كان نافذة أمل لها.

وفي اتجاه آخر بدأت بتعلم فن رسم الشخصيات، بقلم رصاص وورق خاصة بالطباعة بدأت برسم صورة لوالدها المتوفى لتطوير أدائها في رسم البورتريه، "وكل محاولة فشل وتمزيق للورق كنت على يقين أنه سيحالفني نجاح باهر".

ولا يغيب عنها أثر الهدية الأولى التي قدمها لها أحد الفنانين تشجيعًا منه، ولكن كانت تحريضا منه على إخراج الطاقة الفنية الكامنة بداخلها.

وبعدها بدأت النجيلي تطرق أبواب الفن من زوايا مختلفة، بدايتها مع الطبيعة ثم القضايا كالقدس والعودة والأزمات والرواتب والرموز الوطنية حتى وصلت عالم الكاريكاتير، مضيفة لـ"فلسطين": "وكفنانة تشكيلية أنتمي للمدرسة التجريدية، أعمل على إيصال رسالة فلسطين للعالم، وأبرز هويتي الخاصة، وأثري في المجتمع".

وقد شاركت في أول مسابقة دولية في رسم الكاريكاتير "صاروخان" في مصر عام 2019م، ومسابقة أخرى لنجيب محفوظ، وأيضًا مسابقة أفضل لقب فنان تشكيلي في العالم بجانب فنانين لهم باع طويل في الفن، ولكن قبل بدئها في الرسم تبحث عن معلومات خاصة بالرسمة لتتمكن من إعطائها الروح، واللمسة الخاصة.

وفي منزلها بدأت النجيلي تحتل جدرانه شيئًا فشيئًا لتعلق لوحاتها عليها، التي تعددت مواضيعها، وركزت فيها رسوماتها عن المرأة الفلسطينية "العنقاء" لتتحدث عن قوتها وأثرها الاجتماعي وتغلبها على كل الظروف التي تمر بها، وقد استمدت تلك الشخصية من والدتها التي ربت خمسة أيتام بعد وفاة والدها.

وانضمت إلى العديد من الصالونات الأدبية والمؤسسات التي تعنى بالفنون، وشاركت في معارض محلية للوحات معلقة ورسومات جدارية، "الفنان دائمًا يبحث عن فرصة، فلا أنام الليل حتى أتمكن من الإمساك بطرف الخيط".

ومع تعدد طرق الرسم بالفحم والقهوة وألوان الأكريليك، والخط السنبلي إلا أنها بها جميعا رسمت الوجع الفلسطيني، وفي الحجر المنزلي كإجراء وقائي من فيروس كورونا اضطرت للرسم بالملح، من أجل الوصول إلى هدفها.

وقد تلقت النجيلي تدريبًا خاصًا حول فن الأداء لمدة 12 يومًا، ويعتمد على لغة الجسد، ويهتم بالقضايا الاجتماعية والوطنية وخاصة المرأة، وكتبت فكرة سيناريو يُحاكي تأثير أزمة انقطاع التيار الكهربائي في قطاع غزة على الصحة والتعليم وكان بعنوان "نور الشمس".

وسلطت الضوء في فيلمها على الحالات الإنسانية في المجتمع الفلسطيني، ومدى تأثير انقطاع التيار الكهربائي عنها كالمرضى مثلًا، فمن خلال البحث، وجدت أن هناك أضرارًا كبيرة نتيجة انقطاع التيار الكهربائي على قطاع غزة، في ظل الحصار المشدد الذي يفرضه الاحتلال منذ 14 سنة.

وبنفس قوي تعمل النجيلي على مواصلة طريقها دون الالتفات إلى المثبطين حتى تصل لحملها وأن تكون "سفيرة الفن التشكيلي" في فلسطين.

اخبار ذات صلة