عبَّر عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس د.صلاح البردويل عن خشيته أن كل ما تريده السلطة الفلسطينية من مواجهة مساعي الاحتلال لضم الأغوار، هو إيجاد فرصة جديدة لإعادة التفاوض على ما تبقى من فلسطين.
وقال البردويل في حوار مع صحيفة "فلسطين": "حين ضم الأغوار ستصبح مساحة 22% من فلسطين خيالًا، خاصة بعد ازدياد المستوطنات وما حدث في القدس المحتلة من تهويد"، مبينًا أن ما تبقى بعد صفقة ترامب نتنياهو هو عبارة عن "أشلاء" دولة، ولن يكتب لها أن تكون دولة ولا دويلة ولا حكم ذاتي بل جزء من إدارة مدنية تابعة للاحتلال الإسرائيلي".
وأضاف: "من ثم لن تتجاوز مساحة الدولة التي يبحث عنها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس 10% من أرض فلسطين حين الضم".
الفصل الأخير
وأشار البردويل إلى أن "أوسلو" جاءت مقدمة حقيقية لصفقة "ترامب"، وأن "الضم" هو فصل من فصول المشهد الأخير لأوسلو، وكانت بداية التصفية للقضية الفلسطينية حينما تم الاعتراف للاحتلال بما احتله من أرض وبما اقترفه من جرائم، وكذلك الاعتراف باحتلال (إسرائيل) لمساحة 78% من أرض فلسطين التاريخية، ومن ثم تشريع التفاوض على 22%".
وتابع: "اليوم وصلنا إلى خاتمة مأساة "أوسلو" بما يسمى "صفقة ترامب"، مردفًا: "الصفقة ليست مشروعًا جديدًا وإنما نهاية لمسرحية كبيرة مورست ضد الشعب والقضية الفلسطينية، حيث إن الاحتلال أراد أن يبعدنا عن حقيقة الأمر ويوحي أن المشكلة تتعلق بضم "الأغوار"، لكن المشكلة هي احتلال لأرض فلسطين واعتراف بهذا الاحتلال على الأرض".
واعتبر أن قضية الضم خدعة كبيرة للتعمية على الفصل الأخير في إنهاء القضية الفلسطينية.
وقال البردويل: إن مشروع الضم جزء لا يتجزأ من صفقة "ترامب"، وهو مشروع لتصفية القضية الفلسطينية، فالأمر لا يقاس بمساحة الأرض التي ستضم، وإنما القضية تتعلق بتصفية الأرض، بعد أن اُحتلت أرض فلسطين عام 1948م، ثم عام 1967م.
وحول ما هو مطلوب من الشعب الفلسطيني، قال: "لا شك أن كل الشعب يقف ضد احتلال أراضٍ فلسطينية وضد الضم، لكن؛ للأسف بعض الناس –في إشارة إلى السلطة- اعترفت باحتلال 78% من أرض فلسطين، وما زالت مستوعبة بعض التبديلات في الأرض وتخفيض مساحة الأرض التي ستقام عليها الدولة، لأنها ارتضت إقامة دولة محدودة السيادة".
وأضاف البردويل: "من ثم لا يقاتلون على أرض وكرامة الشعب الفلسطيني ولا على القدس والضفة، بل يقاتلون على "الحصة" التي كانت تظن أنها ستمنح لها بموجب الاتفاقيات، ويظن أنه بفقدان أرض الأغوار انتهكت كرامته، وهو الذي تنازل عن 78% ولم يعتبر أن كرامته انتهت من قبل".
وتابع أن الشق الثاني من الشعب الفلسطيني الذي يقوده تيار "المقاومة" في الأساس لا يعترف بالاحتلال لا قبل الضم ولا غيره، ولا يعترف باتفاقية "أوسلو"، ولا ملحقاتها "المشينة" بعد أن سببت له نكبة في الضفة وغزة، ومن ثم تأتي قضية الضم جزءًا من المأساة.
وبشأن تداعيات الضم، أكد البردويل أن مشروع الضم "خطير"، لعدة أسباب أهمها حالة "النوم العربي" العميق والتطبيع العربي "المخزي" مع الاحتلال، وانهماك السلطة في صراعات داخلية، والبحث عن طرق للمفاوضات.
اجتماع فلسطيني
ووصف الضم بـ"النكبة الجديدة"، وهو ما يحتاج قبل كل شيء إلى أن يجتمع الكل الوطني الفلسطيني تحت راية واحدة تقوم على عدم الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي وأن من حق الشعب الفلسطيني مواجهة الاحتلال بكل الوسائل، بدءًا من الوسائل العسكرية وانتهاء بالوسائل الدبلوماسية.
واستدرك البردويل: "ما دمنا لم نمتلك إرادة وعقيدة بهذا الموضوع ونشطب الأنانية والاستفراد بمنظمة التحرير، ستظل القضية في حالة "موات"، وما دام التمثيل مسروقًا لصالح فئة تنازل عن أرض فلسطين ولم تتراجع، فلن تقوم قائمة للشعب الفلسطيني".
وطالب من الجميع استدراك كل ما جرى، عبر وحدة القرار وعقد اجتماع فلسطيني يقوم على الشراكة الكاملة على قاعدة: "لا أحد له على أحد حكم، ولا أحد يفرض على أحد رؤيته"، وسحب "أوسلو" وعدم الاعتراف به.
وعن إمكانية تفجر الأوضاع في غزة كذلك إن حدث الضم، قال البردويل: "يجب أن يدفع الاحتلال ثمنًا باهظًا، والقضية ليست غزة والضفة بل قضية شعب وأمة، وليست الحرب التي نريد أن نشنها حول معركة "الأغوار" فالمعركة وجودية تتعلق بوجود الاحتلال على أرض فلسطين، و"الأغوار" ما ظهر من جبل الجليد على سطح الماء".
ورفض البردويل تقزيم القضية، مضيفًا: "لا شك أن الأغوار جزء لا يتجزأ من أرض فلسطين، لكن يجب إعادة القطار إلى "سكته" بمعنى أن الصراع مع الاحتلال صراع وجودي".
وبشأن إن كانت هناك تطورات في صفقة التبادل مع الاحتلال، قال: "صفقة التبادل حول الأسرى موضوع ليس مطروحًا للإعلام في حركة حماس، ومحظور على أي شخص في حماس التحدث بصفقة مفاوضات حول الأسرى إلا عندما يحدث تقدم ملموس في الموضوع، لأنه لا أحد يعرف إلى أين تصل الأمور والاحتلال ما زال يتباطأ، وإذا حدث تقدم فمن حق الشعب الفلسطيني معرفة ذلك حينها".
وحول المنحة القطرية وتأخر وصولها، أوضح البردويل أنها عبارة عن منحة من دولة عربية للشعب الفلسطيني، معربًا عن أمله أن يكون التأخير "فنيًّا" وألا تحدث أزمة وحصار للشعب الفلسطيني وأن تُستأنف المنحة كحق للشعب قُدِّم من دولة شقيقية.