قائمة الموقع

"كوماندوز غزة" فرقة شبابية "تتحرر" من البطالة

2020-06-14T10:50:00+03:00

بوضعية القرفصاء كان يجلس بعضهم بجانب بعض لجني المحاصيل الزراعية من الأراضي المحاذية للسياج الفاصل شرق خان يونس، فيعملون كالآلة، ولا يُضيِّعون وقتًا رغم وجود أجواء من الضحك والمزاح وأحيانًا تكون مشحونة.

طاردوا البطالة، ولم يستسلموا لواقع حصار قطاع غزة، وأبحروا بعيدا في تفكيرهم ليتمكنوا من تقبل عمل بعيد عن مجال تخصصاتهم الجامعية التي سهروا ليالي طويلة للحصول على شهادتها، ولكنهم صدموا بعدم توافر فرص عمل، فأسسوا فرقة "كوماندوز غزة" لشباب خريجين عاطلين عن العمل، يعملون بمهن مختلفة من حصاد وبناء وقصارة وغيرها.

الشاب علاء أبو طير (31 عامًا) من سكان مدينة خان يونس، وصاحب فكرة إنشاء الفرقة، بدأ بتأسيسها منذ 2016م، يتحدث مع صحيفة "فلسطين" وتتملكه حالة من الغضب لحاله والشباب الآخرين: "لم أتوقع أن أُصدم بواقع "مؤلم"، فمنذ تخرجي من الجامعة لم أحظَ سوى ببطالة مدتها ستة أشهر".

لم يتقبل أن يصنف ضمن العاطلين عن العمل، لذلك تحدى الظروف المعيشية لينغمس في هذا المجال ليوفر احتياجات عائلته وقوتهم، إلى جانب 39 شابًا يعيشون كمعاناته، فولدت طاقة داخلية ليعملوا كـ"النحلة"، بل وأسرع من آلة الحصاد.

من شمال القطاع إلى جنوبه يتنقلون بين الحقول الزراعية، يقول أبو طير عن ذلك: "خمسة دونمات لم تستغرق معنا ساعتين ونصف الساعة في الحصاد، في حين أن الآلة تحتاج للوقت ذاته، ولكن لحصد دونم واحد"، ويكمل بضحكة خفيفة تكاد تظهر أسنانه: "فنحن بالفعل كالكوماندوز".

ويشير إلى أن الكوماندو هو رجل المهمات الصعبة الذي يؤديها في وقت قياسي للاعتماد على نفسه، "فلنا الشرف في العمل بهذه الطاقة والشغف من أجل لقمة الحلال".

وينطلق كل عضو في الفرقة من بيته الساعة الخامسة فجرًا، وبعد تجمعهم في مكانٍ محدد ينطلقون إلى مكان العمل، ويُجمع غالبيتهم على أن العمل شاق وطويل، والمعيقات كثيرة، وأخطرها تعرضهم في إحدى المرات لإطلاق نار من الاحتلال الإسرائيلي في أثناء عملهم في أرض زراعية حدودية، ما دفعهم للانسحاب حفاظًا على أرواحهم.

وبعد خمس ساعات متواصلة من العمل، ارتفعت حرارة أشعة الشمس الصباحية آذنة بتوتر الأعصاب وإرهاق الأبدان.. لكنهم يقتلون أي سلبية في المشاعر، بصنع جو من المزاح، ليطفئوا به لهيب المشكلات والمشادات الكلامية.

أما الشاب محمد أبو لحية (28 عامًا) فكان قد أنهكه التعب، وأصم أذنيه عن أحاديثهم، وركز في عمله الذي التحق به قبل أربعة أشهر، بعدما أصابته حالة من خيبة الأمل لتخرجه من كلية أصول الدين وعدم حصوله على فرصة عمل تتلاءم مع دراسته.

كل يوم بعد أدائه صلاة الفجر يجهز نفسه وينطلق من الساعة الرابعة والنصف على دراجته الهوائية ليقطع مسافة سبعة كيلومترات، ويصل لمكان تجمع الفرقة في الوقت المتفق عليه. يضيف لصحيفة "فلسطين"، بعدما رفع قبعة القش ليمسح عرقه بكم قميصه: "نقوم بأعمال متنوعة، وحصد مختلف المزروعات من قمح وطماطم وبامية وبطيخ، أي شيء، ونرفع مواد بناء من أحجار إسمنتية ورمل وغيرها".

ما دفعه لهذا العمل الذي يصفه بـ"الشاق" الظروف الاقتصادية الصعبة، "ومع ذلك الأجور المتدنية لا تبني مستقبلًا بل توفر لقمة العيش فقط، لكنها أحسن من الجلوس في البيت، ومن باب العدالة وكوني خريجا جامعيا يفترض أن أحظى بوظيفة".

وما يؤلم الشاب أبو لحية أن طبيعة عمله وعودته المتأخرة إلى البيت قد سرقتاه من طفلته الصغيرة، فيخرج من البيت وهي نائمة، ويعود إليه وهي على الحال ذاتها، هذا عدا عن فرصته الضعيفة في مشاركة الأهل والأقارب في المناسبات الاجتماعية.

بينما الشاب محمد أبو عامر كان عليه أن يقبل بأي عمل لينشل عائلته المكونة من ستة أفراد من الفقر الذي قد يضيع طريقها، فالظروف أجبرته على الالتحاق بتلك الفرقة الشبابية.

استأصل مفهوم البطالة من قاموس حياته وانطلق في العمل لتوفير قوت يومه وعائلته، ونصح الشباب بالاعتماد على أنفسهم والسعي نحو الجد والبحث عن فرص عمل حتى لو لم تكن ضمن اختصاصهم للقضاء على البطالة والفقر.

 

اخبار ذات صلة