قائمة الموقع

كيف نُجنِّب المسنّين "الآثار النفسية الصعبة" لكورونا؟

2020-06-14T10:42:00+03:00

غزة/ مريم الشوبكي:

يلتزم مازن عطا الله (72 عاما) بيته بل ويخشى أن يستقبل أحدا فيه أيضا، حيث يقضي جل وقته متسمرا أمام شاشة التلفاز يتابع أخبار جائحة كورونا، وتارة أخرى يتابعها عبر الراديو، حتى أصابه الاكتئاب لأنه لم يعتد على الجلوس مدة طويلة في البيت.

تعود عطا الله على زيارة أصدقائه في حي الدرج شرق غزة، ولكنه لم يفعل ذلك منذ نحو ثلاثة أشهر، للوقاية من فيروس كورونا المستجد المنتشر عالميا، حتى وصل به الأمر إلى عدم مصافحة أبنائه وأحفاده.

الآثار النفسية التي تركها الحجر المنزلي بفعل "كورونا" على عطا الله كانت ظاهرة وجلية، حيث تراجعت شهيته، وأصبح لا يفضل مقابلة أحد أو الخروج برفقة أبنائه للترويح عن نفسه قليلا.

ورغم ما توصف بإجراءات "التعايش" مع كورونا في بعض دول العالم، ما تزال فاتنة النعسان من ناحيتها، ترفض الخروج من البيت كإجراء احترازي من فيروس كورونا، وخشية على صحتها لأنها مصابة بضغط الدم والنقرس وتعاني من ارتفاع في نسبة الدهون الثلاثية.

تتحدث ابنتها ناهدة مع صحيفة "فلسطين" عن حالة والدتها التي بلغت (68 عاما): " من المفترض أن يتم حفل خطوبة لحفيدتها في نهاية هذا الشهر، ولكنها إلى الآن ترفض حضوره ليس بسبب إجراءات الوقائية، بل لأن روحها منطفئة وليست لديها دافعية لمشاركتهم الفرحة".

الاختصاصية النفسية إكرام السعايدة تقول: "لا تخفى على أحد حالة الرعب التي بثتها جائحة كورونا في نفوس الأفراد صغارا كانوا أم كبارا، إناثا أم ذكورا، وأينما حلوا، والسيئ في الموضوع ما تطالعنا به منظمات ومؤسسات طبية بقولها: "لا تقلقوا، الفيروس يفتك بكبار السن وضعيفي المناعة فقط".

وتضيف السعايدة لصحيفة "فلسطين": "وكأن لهم تاريخ صلاحية وانتهاء، لك أن تتخيل مسنا يسمع تلك الأخبار التي تشكل نذير شؤمٍ له، كيف ستمسي نفسيته؟".

وتشير إلى أن من إجراءات الوقاية والتدابير الصحية قرار الحجر المنزلي الذي ترك آثارا عدة على مستوى الصحة النفسية لكبار السن، منها ما هو إيجابي ومنها ما هو سلبي، من تلك الآثار زيادة الروابط الأسرية بين المسنين وأبنائهم بحكم مكوثهم مع بعضهم لفترات أطول.

وتلفت السعايدة إلى أنها ساهمت بتعزيز بعض المفاهيم الدينية والروحانية لديهم من تسامح وعفو، أما السلبي فهي حالة القلق التي سيطرت على عدد كبير منهم وخوفهم من الموت بطريقة صعبة، والملل الذي سرى في نفوسهم ، وحالة الإحباط واليأس من الفكاك من ذلك الفيروس.

يدرك كل منا ما هي أفضل الطرق ليتخلص كبير السن خاصته من الحالة النفسية التي أصابته، وتذكر أن أولى خطواتها هي المحافظة على سلامته وتوافر شروط الصحة واتخاذ التدابير الصحية اللازمة، ثم العمل على طمأنته وتزويده بنماذج لأناس قهرت الفيروس.

وتدعو السعايدة إلى اتخاذ التدابير الصحية التي تضمن سلامتهم والبعد عن مهددات صحتهم، مع عدم المبالغة في سماع الأخبار والاعتماد على المصادر الموثوقة، وتوفير سبل الراحة والهدوء لهم ، واحترام خصوصياتها.

وتنصح السعايدة بترك العنان لهم ليعبروا عن مخاوفهم وماذا ينتظرهم، وتوفير جو من الهدوء والراحة، والابتعاد عن الأخبار المزعجة، وإيجاد جو من النشاط والحيوية لهم، وإن اكتفوا بالمشاهدة.

وتبين أن بناء نظام متكامل صحي، جسديا ونفسيا وروحانيا دينيا، مع الاعتناء بهم وتوفير احتياجاتهم المتنوعة، والاستماع لهم وتركهم يمارسون ما يفضلون، سيساهم في نشلهم من حالة الخوف التي يعيشونها.

وتحث السعايدة الأبناء على مشاركة الآباء تجاربهم ومخاوفهم ليشعروا أنهم ليسوا وحدهم، مع التركيز أيضا على التحدث عن تجارب والديهم وبطولاتهم في مواجهة الصعاب من قبل، والتأكيد لهم أنهم قادرون على تحقيق انتصارات عدة.

وتوضح أن المحافظة على شبكة علاقة كبار السن الاجتماعية وتوفير سبل التواصل عن بعد، ينهيان وحدتهم ويشعرانهم أن الجميع حولهم ولا داعي للخوف.

وتؤكد وزارة الصحة في غزة خلو القطاع من أي إصابات بكورونا، باستثناء الحالات المعلن عنها في مراكز الحجر الصحي.

اخبار ذات صلة