مع اقتراب حكومة الاحتلال الإسرائيلي من تنفيذ مشروع ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة لسيادتها تُطرح العديد من التساؤلات حول غياب الخيارات لدى السلطة الفلسطينية للمواجهة.
ويرى مراقبان للشأن الفلسطيني أن السلطة في رام الله لن تتخذ إجراءات حقيقية على الأرض، توازي خطوة الضم على صعيد تعزيز صمود المواطن الفلسطيني، وتعزيز علاقتها مع الفصائل الفلسطينية باستعادة الوحدة الوطنية.
ونهاية أبريل/ نيسان الماضي، اتفق رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو مع زعيم حزب "أزرق أبيض" بيني غانتس على بدء عملية ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية أول يوليو/ تموز المقبل، تشمل غور الأردن وجميع المستوطنات بالضفة الغربية.
وردا على نوايا الضم الإسرائيلية أعلن رئيس السلطة محمود عباس الشهر الماضي أنه أصبح في حلّ من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية.
إنهاء الانقسام
ويرى الكاتب والمحلل السياسي، سليمان بشارات، أن مسألة مواجهة "الضم" الإسرائيلي بحاجة إلى العديد من الخطوات الفلسطينية داخليا وعربيا ودوليا.
وقال بشارات لصحيفة "فلسطين": على الصعيد الداخلي يجب تعزيز الصف الداخلي والوحدة الفلسطينية والقرار السياسي، وهو ما يتطلب إنهاء الانقسام، وتوحيد الموقف الفلسطيني تجاه الضم.
وأشار إلى الحاجة لتعزيز حالة الثقة داخل الحالة الفلسطينية، إذ إن هناك فجوة في الشارع الفلسطيني بين الموقف الرسمي والحراك الشعبي، ما يؤدي إلى عدم وجود ردة فعل شعبية توازي الخطوات الإسرائيلية.
وأضاف أن "السلطة عندما تذهب باتجاه التحلل من الاتفاقيات وترفض استلام أموال المقاصة، ثم العدول عنه والرضوخ لضغوطات دولية وإسرائيلية، هذا قلل من نسبة ثقة الشارع بالخطوات السياسية، والنقطة الأخرى تتمثل بجعل المواطن الضحية الأولى في التصدي".
المواطن الفلسطيني، بحسب بشارات، بات يشعر أنه هو الشخص الذي يقدم ويضحي ولا توجد حاضنة وسند له، متسائلا فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية بمواجهة الاحتلال: كيف يمكن للمواطنين الصمود في وجود حالة غير مطمئنة، ومنع الراتب؟
ويعتقد بشارات أن هناك إشكالية في سياسة الصمود، وعدم تحقيق الثقة بين مستوى القرار والجمهور، وعدم وجود قراءة فعلية لانعكاسات أي شيء على المواطن، مضيفا: "قرار الضم ليس وليد الساعة، إذ إنه منذ أشهر عدة يتم الحديث عنها، لماذا لا يوجد تحرك فلسطيني ووضع خطة وخيارات في حال عدم تلقي أموال؟".
وأشار بشارات إلى أن عدم اشتراك المجتمع والمستوى السياسي أضعف حالة الصمود الداخلي، خاصة مع عدم وضوح سياسات اقتصادية تجاه المرحلة المقبلة.
خطوات غير جادة
ومن وجهة نظر الكاتب والمحلل السياسي، عمر عساف، فإن السلطة لم تتخذ خطوات عملية على الأرض وجادة في مواجهة سياسة الضم الإسرائيلية، واكتفت بإعلان موقفها الرافض، لكنه لم يترجم على أرض الواقع.
وقال عساف لصحيفة "فلسطين"، إن أولى خطوات الترجمة تتمثل باستعادة الوحدة، وترجمة الأقوال إلى أفعال، لأن الاحتلال يمارس سلوكا على الأرض، والمطلوب الرد عليه فلسطينًا.
وأضاف: "يجب الإقرار بأن الإستراتيجية المتبعة خلال الفترة الماضية خطأ، وأننا بحاجة لإستراتيجية جديدة تقوم على المواجهة".
ورأى عساف أن عين السلطة على العودة إلى المفاوضات مع الاحتلال، مضيفا: "السلطة لم تقطع العلاقة مع هذا النهج الذي مضى عليه ربع قرن، وهي أعلنت بشكل واضح أنه إذا توفرت أسس للمفاوضات فلا مشكلة لديها".
وهذا يشير، تبعا لكلام عساف، إلى عدم جدية السلطة في مغادرة نهجها، في حين يثير إجراء السلطة الشكوك أن هناك شيئا مفتعلا منها في موضوع الرواتب بهدف التضييق على المواطنين، ليقال إننا عملنا كل ما يمكن، ولا خيار لدينا سوى العودة للمفاوضات.
ودلل على كلامه أن الاحتلال منح السلطة قبل شهرين قرضا بقيمة 800 شيكل ومن المرجح أنها استلمته، وأن أموال الرواتب متوفرة، ما يعزز افتعال الأزمة.