نشر موقع ما يسمى "شبيبة التلال" الاستيطاني، أمس، مقاطع فيديو لدقائق ثم حذفها، تُصور عملية حفر نفق ومشاركة عدد كبير من المستوطنين كانوا يحملون التراب، ويتبادلون معدات الحفر ويلتقطون صورًا لبعضهم البعض وهم في حالةٍ من النشوة والفرح في إضاءةٍ خافتة.
وأظهر التسجيل المحذوف أن الموقع يقع أسفل باب المغاربة قرب "مركز الزوار" في مدخل وادي حلوة ومنطقة القصور الأُموية الملاصقة للجدار الجنوبي للمسجد الأقصى، عند الباب الثلاثي للمصلى المرواني من الخارج، حيث تعتزم جمعيات استيطانية متطرفة افتتاح نفق جديد، في خطوة خطيرة تستهدف المسجد الأقصى المبارك، للوصول بأعداد أكبر من المستوطنين المتطرفين للمسجد وبشكل دوري ودائم.
ويُظهر التسجيل ثلاثة مستويات من الحفر أسفل بعضها البعض، ما يشير إلى أن هذه الحفريات والأنفاق جزء منها قنوات مياه قديمة جرى توسيعها وعمل تفرعات لها، إضافة إلى استخدام مواد كيماوية في تذويب الصخور في باطن الأرض، وفق مطلعين وخبراء.
تزييف التاريخ
وحذر المهتم بشؤون وقضايا القدس يوسف النتشة، من أن سلطات الاحتلال توظف الحفريات في خدمة مصالحة تلمودية لإضعاف الرواية الفلسطينية وتزييف التاريخ بأحقيتهم في المنطقة.
وأوضح لصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال يحاول إعادة صياغة التاريخ من خلال تزييفه الآثار التي يعثر عليها أسفل أساسات القدس والمسجد الأقصى المبارك، مؤكدًا أن تلك الحفريات تنذر بخطورة كبيرة على الأقصى؛ لأن جدرانه وأساساته باتت معلقة بالهواء مع وصول الحفريات إلى أعماق كبيرة أسفل المسجد وفي محيطه.
وبين النتشة أن الجمعيات الاستيطانية تعمل بشكل حثيث لتسريع هدم المسجد وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه، مشددًا على ضرورة التحرك ولجم الاحتلال في القدس والأقصى في ظل انشغال العالم بمواجهة جائحة كورونا.
ورأى أن الجزء الأخطر من المشروع هو ذلك الذي لم تكشف تفاصيله بعد، داعيًا للالتفات إلى توقيت كشف الاحتلال عن مخططاته بالقدس خاصة بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن القدس، وفي ظل جائحة كورونا.
وحذر من خطورة المرحلة والحفريات وما يتم التخطيط له بكونه إعلان حرب دينية بمباركة الإدارة الأميركية، "وهذا يستدعي وضع الخطط وردود الأفعال المناسبة بحجم الأخطار المحدقة بالقدس والمسجد الأقصى".
عزل القدس
بينما قال رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي، إن المشروع الاستيطاني في مدينة القدس يحظى بأولوية الاحتلال الإسرائيلي، موضحًا أن الهدف من الحفريات الإسرائيلية أسفل الأقصى قطع أية تواصل جغرافي حول المدينة المقدسة في مقدمة لعزلها عن باقي الضفة الغربية.
وبين لصحيفة "فلسطين" أن سلطات الاحتلال تعمل بموازاة الحفريات على إنشاء بؤر استيطانية منفردة ثم تربطها ببعض كي تفصل أحياء القدس التي يسكنها الفلسطينيين جغرافيا وديموغرافيا عن بعضها.
وعدّ الهدمي افتتاح نفق جديد في باب المغاربة وحائط البراق، محاولة إسرائيلية لبسط السيطرة على المكان والبحث عن تاريخ مزور في القدس والأٌقصى.
وقال: "بعد هذه السنوات الطوال من الحفريات لم يستطع الاحتلال إثبات أي تاريخ له في المكان، فعمل على افتتاح المكتبات والكنائس وقاعات للاجتماعات أسفل المسجد الأقصى في محاولة لتشريع هدمه وإقامه الهيكل المزعوم على أنقاضه".
ولم يتسنى حصر الحفريات أسفل القدس والمسجد الأقصى المبارك والمدينة المقدسة نظرًا لكثرتها، أو التعرف نهايتها، وفق الهدمي، الذي أكد أن سلطات الاحتلال تفرض السرية التامة عليها وتمنع الفلسطينيين من الوصول إليها.
ويدلل الهدمي، على كثرة الحفريات أسفل القدس والأقصى والمدينة المقدسة من خلال التشققات والتصدعات التي تظهر على جدران وأسقف ومنازل المقدسيين والانهيارات الأرضية التي تحدث بين الفينة والأخرى.
وحذر رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، من خطورة الحفريات الإسرائيلية المتواصلة في مدينة القدس المحتلة، داعيًا الكل الفلسطيني ليكون له موقف تجاه الجرائم الإسرائيلية الممارسة بالقدس والأقصى.