اتفق باحثان مختصان في الشأن السياسي على أن (إسرائيل) استغلت التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، لتنفيذ المزيد من مشاريع التهويد والاستيطان في الضفة الغربية على حساب المصالح الفلسطينية، في حين أن السلطة لم تجنِ من وراء التنسيق إلا القضاء على المقاومة في الضفة المحتلة.
ورغم أن السلطة كررت حديثًا تهديداتها بوقف التنسيق الأمني، فإن الباحثين أكدا لـ"فلسطين"، استمراره لكونه أحد مبررات وجود السلطة برئاسة محمود عباس.
ومعروف أن التنسيق الأمني أقر بموجب اتفاق (أوسلو) في يونيو/ حزيران 1993 بين منظمة التحرير و(إسرائيل) برعاية أمريكية ومباركة عربية، والتزمته السلطة طيلة السنوات الماضية دون أن تستفيد هي شيئًا في المقابل، وسط رفض مستمر من فصائل العمل الوطني والإسلامي في الوطن والشتات.
و قال مدير مركز القدس لدراسات الشأن الفلسطيني والإسرائيلي عماد أبو عواد، إن الفائدة الأولى التي عادت على (إسرائيل) من وراء التنسيق تتمثل بالقضاء على المقاومة في الضفة الغربية.
وأضاف: "كان من نتائج ذلك بصريح العبارة أن الاحتلال أخذ راحته في التوسع والتمدد الاستيطاني ومصادرة المزيد من أراضي الضفة الغربية والقدس المحتلتين؛ وهذا أدى إلى انعكاسات سلبية كبيرة على الإنسان والأرض".
وذكر أبو عواد أن التنسيق الأمني خلق فجوة بين الشارع وقيادة السلطة التي ترى في التنسيق مصلحة للشعب الفلسطيني، لكن الشارع يقول غير ذلك تمامًا، ويراه أنه ضده، وهذا الأمر خلق فجوة كبيرة استطاع الاحتلال اللعب عليها؛ مضيفًا: "بمرور الوقت أصبح هناك مشروع يتبنى المقاومة ومشروع في الضفة يتبنى التسوية السياسية، الأمر الذي حول السلطة إلى أداة تنفذ التنسيق الأمني وتتعاون أمنيًا مع الاحتلال دون تحقيق أي مطالب سياسية لها".
ونبَّه إلى أن قبول السلطة بالتنسيق ساهم في تكبيل أياديها بشكل كبير، الأمر الذي أضر بها كثيرًا.
وأشار إلى أن السلطة لم تذهب إلى خيارات أخرى خشية انهيار السلطة، والتخلص من بعض الشخصيات التي تقود هذا الملف.
وقال: إن "تيارًا في السلطة يرى أن العمل الدبلوماسي أكثر فائدة من مقاومة الاحتلال، لذلك استمر الرهان على الشرعية الدولية بشكل كبير، وتحولت السلطة إلى هدف بحد ذاتها لدى شريحة كبيرة من أعضائها وقادتها ولم تعد تمثل وسيلة للوصول إلى التحرر والدولة".
الباحث المختص في الشؤون السياسية ساري عرابي، عدَّ أن فكرة وجود سلطة تحت الاحتلال هو أمر بحد ذاته يشير إلى الحالة الراهنة التي تمر بها السلطة الفلسطينية، حتى وصل الأمر إلى قتل الروح الكفاحية لدى فئة معينة.
وأوضح عرابي أن الهدف من كل ذلك هو إجبار السلطة على اللجوء إلى فكرة البحث عن أي دولة في أي مكان من أرض فلسطين التي تسعى (إسرائيل) إلى تصفية الوجود الفلسطيني عليها وقتل حلم الدولة المستقلة بنيتها تنفيذ مشروع ضم الضفة الغربية عليها.
وقال: إن منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية التي التزمت التنسيق الأمني، لم تستفيدا شيئًا من التنسيق الأمني، وتأثرت به حركة فتح كحركة تحرر وطني.
يشار إلى أن أوساط حقوقية تدين إصرار السلطة على التنسيق الأمني وما تمارسه من اعتقالات سياسية بحق المناوئين لسياساتها وانتهاكات الاحتلال، حتى وصل الأمر إلى اعتقال أسرى محررين من سجون الاحتلال، أو إطلاق سراح معتقلين سياسيين واعتقالهم مباشرة في سجون الاحتلال.