قائمة الموقع

​الشاب ليس "بنكًا" والفتاة ليست "هدية"

2017-04-04T09:25:54+03:00

يعترض الشاب المقبل على الزواج كثيرًا على ولي الأمر الذي يطلب مهرًا غاليًا لابنته، ما يدفع الشباب بين الحين والآخر للمطالبة بحملات للحد من "غلاء المهور" وفق نظرتهم وحاجاتهم واعتمادًا على الأوضاع الاقتصادية التي يمرون بها.

في المقابل تقف الفتاة على الضفة الأخرى، وهي ترى أن حقها الشرعي هو الورقة المطروحة على طاولة التفاوض، ومقداره هو الذي سيحكم عليها بتغيير حالتها الاجتماعية في بطاقتها الشخصية من "آنسة" إلى "متزوجة".

وفي قرارة نفسها يصارع الفتاة شعور بالوجع بأن أهل الشاب سينفقون الكثير والكثير على كل تفاصيل الفرح، فلِمَ المساومات والمفاوضات على حقٍ شرعي لها ستنفقه أولًا وأخيرًا لتجهيز نفسها لزوجها؟

لذا ما بين أن (الشاب ليس "بنكًا" والفتاة ليست "هدية"), "فلسطين" تناقش الفكرة بين العادات والتقاليد وتختمها بالقول الفصل بما يقوله الشرع الإسلامي..

الضروريات والهامشيات

رئيس مجلس إدارة مركز التدريب المجتمعي د. درداح الشاعر، يشير إلى أن هذه النظرة مردّها إلى أن كلًا من الرجل والمرأة لا يعرفان ما لهما وما عليهما، مضيفًا: "الأفراح في بلادنا تمر بطقوس عديدة وتحمّل العريس الكثير من الأعباء الاقتصادية التي تذهب هدرًا وتكون سببًا في شقاء الزوجين".

ويشدد د. الشاعر في حديثه لـ"فلسطين"، إلى أن الزواج نوع من الشراكة وتقاسم الأعباء، وإقامة الأسرة المتماسكة وإنشاء الذرية الصالحة، وصورة من صور التضحية، بأن يضحي كل طرف من أجل الآخر، مدللًا على ذلك بقوله: "إن قال الرجل للمرأة قدمت لكِ كذا وكذا، فالأصل أن تجيبه بقولها: "من أجبرك على هذا الإنفاق؟"".

وينوه إلى أنه من اللافت في غزة في الآونة الأخيرة إنقاص المهور، وفقًا للواقع الاقتصادي المرير الذي يمرّ به قطاع غزة؛ الذي أثر سلبًا في الوضع المادي للشباب، مشيرًا إلى أن إنقاص المهور أفضل حتى لا يضطر بعد الزواج إلى بيع حلي زوجته ومصاغها، تبريرًا بأنه دفع ثمنًا باهظًا في سبيل إحضار الزوجة.

غير أن د. الشاعر يؤكد أنه ما كان ضروريًا ومن الأولويات المهمة للزواج وجب توفيره، وأما ما كان هامشيًا فليس من الضروري الإصرار على وجوده في مراسم الزواج.

"طقاطيق" الفرح أصعب

من ذلك، يقول: "وليمة الزواج" مهمة لكن لا داعي لمظاهر البذخ فيها وذبح الذبائح الكثيرة من أجل التفاخر وبعد ذلك تغرق العائلة في الديون، ما الضير لو كانت الوليمة تقتصر على الأقارب والمعارف دون تكاليف باهظة؟ وهنا من يتحمّل الذنب؟ هل أجبرتك عروسك على تكليف نفسك كل هذا؟، مضيفًا: "المهر جانب شرعي لا يجوز التلاعب فيه بعد الاتفاق".

ويتابع د. الشاعر: "المثل يقول: "ما أسهل الفرح وما أصعب طقاطيقه"، في إشارة إلى تبعاته الكثيرة، فالمهر ليس التكلفة المالية الوحيدة فيه، كون تكاليف الزواج بخلاف المهر تصل في المتوسط إلى عشرين ألف دينار"، مثل بدلة العروس، وتكلفة "الكوافير"، والغداء، ومكان إقامة العرس وغيرها من التفاصيل المرهقة.

ويكمل: "من حق العروس أن تقول إنها ليست هدية في مواجهة الرجل، فالأصل في الأفراح أن يحركنا الجانب الشرعي، والمهر حق شرعي للمرأة، وكل ما يلزم تكاليف الزواج هي مسؤولية الرجل، لذا فليرفق في التكاليف الأخرى لا في الحق الشرعي للمرأة".

ويختم د. الشاعر بقوله: "بالتراضي والتراضي فقط يمكن للمرأة أن تبيع جزءًا من ذهبها أو تعطيه من مهرها، إن أمنت له حقها في استعادته، لكن لا يمكنه غصبها على ذلك لا في العرف ولا العادات فما بالنا في الشرع؟".

تصرفات جالبة للبركة

بالانتقال إلى القول الفصل في الإسلام، يقول عميد كلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية د. ماهر السوسي: "صحيح أن أقل النساء مهرًا أكثرهن بركة، لكن هذا الحديث يصدق تطبيقه في مناخ تكون تصرفات الناس كلها جالبة للبركة".

ويضيف د. السوسي لـ"فلسطين: "وعليه فلا يصح أن نطلب البركة من خلال مهر العروس، ويكون تصرف العريس جالبًا للمعصية، وذلك من خلال تلك النفقات الباهظة التي ينفقها على الحفلات المنكرة، والسهرات الماجنة، والتي إن لم تكن كذلك فإنها تكون مظهرًا من مظاهر الإسراف المحرم، لما ينفق فيها من أموال يمكن استثمارها في أمور أخرى، أو على الأقل الاستغناء عنها والتقليل من الديون التي تفسد الحياة الزوجية من بدايتها".

ويشير إلى أنه فيما يتعلق بحقوق كل واحد من الزوجين؛ فإن الإسلام قد جعل المهر حقًا للزوجة، وقرر أن المهر ينبغي أن يكون لائقًا بها، مفسرًا بذلك بقوله: بمعنى أن يكون المهر محققًا للغاية التي شرع من أجلها وهي تطييب خاطر المرأة، وإشعارها بالاحترام، حيث المهر دليل على ذلك".

حقوق وواجبات الطرفين

هذا من جهة، ومن جهة أخرى –وفق قول د. السوسي- يكون المهر قادرًا على تلبية احتياجاتها التي لا بد منها عند انتقالها من بيت أبيها إلى بيت زوجها، وخصوصًا في أيامنا هذه التي تفتح فيها أم العريس عينيها واسعتين على جهاز العروس الذي تحضره معها، وتود لو أنها أحضرت السوق في حقائبها التي تجلبها من بيت أبيها في يوم (تعليق الجهاز).

ويشدد على أن المهر حق للزوجة، تتصرف فيه كيف تشاء، ولا يحق لأحد غيرها التصرف فيه إلا بإذنها، أبًا كان أو زوجًا أو غيرهما، وليس من حق الزوج أن يأخذ ذهب زوجته الذي هو من مهرها، ولا حتى (نقوطها) إلا بإذنها وكامل رضاها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه)، وإن لم تعطه ذلك فليس له أن يأخذ أي موقف سلبي منها على الإطلاق.

ويختم د. السوسي بقوله: "أما حق العريس فهو أن تأتيه العروس وقد تجهزت بما يليق به من جهاز، وألا تثقل كاهله بطلباتها الكثيرة في أول حياتهما الزوجية وأن تحسن عشرته، وأن تكون عونًا له على نوائب الحياة".

اخبار ذات صلة