فلسطين أون لاين

كيف بدأت درب التبانة حياتها قبل 13 مليار سنة؟

...
توضيحية (أرشيف)

تمكن فريق بحثي دولي مشترك من بناء تسلسل تاريخي، هو الأدق إلى الآن في علم الكونيات، لمجرتنا درب التبانة خلال 13 مليار سنة مضت، الأمر الذي سيسهم في تحقيق فهم أفضل لمستقبل مجرتنا، وطبيعة المجرات في العموم.

بيانات جايا المدهشة

للتوصل لتلك النتائج، التي نشرت في دورية "نيتشر أسترونومي" وأعلن عنها في الخامس والعشرين من مايو/أيار الماضي، استخدم العلماء بيانات مليون نجم في منطقة الهالة المجرية، صادرة من التلسكوب الفضائي "جايا" التابع لوكالة الفضاء الأوروبية.

والهالة المجرية هي مساحة كروية ضخمة تحيط بالمجرات، وتوجد النجوم والتجمعات النجمية والسحب الغبارية بها بكثافة أقل من أذرع.

وبحسب الدراسة، فإن تحليل تلك البيانات أشار إلى وجود مجموعتين منفصلتين من النجوم في الهالة الخاصة بمجرتنا "درب التبانة"، الأولى تميل للون الأزرق، والثانية تميل للون الأحمر، وكلتاهما تتحرك في خط سير مختلف.

وتشير تلك النتائج بالتبعية إلى أن كلا من هاتين المجموعتين من النجوم له مصدر مختلف عن الآخر، ما يعني أن مجرة درب التبانة نجمت من التحام مجرتين سابقتين لها، وقد استخدم الباحثون نسب المعادن في كل من المجموعتين للتأريخ لهذا الالتحام بصورة هي الأدق إلى الآن.

تاريخ صاخب

وبحسب الدراسة، فإنه قبل 13 مليار سنة من الآن كانت هناك مجرتان قريبتان من بعضهما، سمّيتا "دايا-إنسيلادوس" -وهي مجرة صغيرة- و"سلف درب التبانة"، وتساوي أربع مرات حجم رفيقتها.

دام التحام المجرتين حوالي ثلاثة مليارات عام، وأثناء ذلك عمت الفوضى، وكان من نتائج ذلك خروج مجموعتين من النجوم إلى هالة المجرة الجديدة، وهما اللتان التقطهما المرصد الفضائي "جايا"، واستنتج العلماء من دراستهما كل هذا التاريخ الصاخب.

وتستمر الدراسة في تأريخ ما حدث لمجرتنا وصولا لمرحلة الاستقرار التام قبل ستة مليارات سنة مضت، حيث وصلت لصورتها التي نعرفها الآن.

مستقبل درب التبانة

وتؤكد تلك النتائج على فرضية سابقة للعلماء تقول إن المجرات الأولى كانت صغيرة ونشطة للغاية، ثم التحمت شيئا فشيئا مكونة المجرات التي نعرفها اليوم، والتي بدورها قد تلتحم معا في مرحلة ما مكونة مجرات أكبر.

يفيد ذلك التأريخ الدقيق في توقع مستقبل مجرتنا درب التبانة، حيث نعرف الآن أنها وجارتها "أندروميدا" (المرأة المسلسلة) -التي تقع على مسافة 2.5 مليون سنة ضوئية- تقتربان من بعضهما بعضا بسرعة.

ويحتمل أن يحدث التحام بينهما خلال أربعة إلى خمسة مليارات عام، الأمر الذي سينتج مجرة بيضاوية ضخمة اعتاد هواة الفلك على تسميتها "ميكوميدا".

في كل الأحوال، فإن الباحثين بالدراسة الجديدة يأملون في أن تطور نتائجهم من مفاهيمنا عن تاريخ مجرتنا، كذلك فإنهم -كغيرهم من الباحثين في هذا النطاق- يتطلعون إلى مزيد من بيانات التلسكوب "جايا الفضائي".

وكان مشروع تلسكوب "جايا" الواعد قد انطلق في عام 2013، ويهدف بشكل رئيسي إلى بناء خارطة ثلاثية الأبعاد لمليار من نجوم درب التبانة، الأمر الذي سيسهم بشكل استثنائي في تطوير معارفنا عن هذا الكون الواسع.

المصدر / وكالات