لم اتشرف يوما بالجلوس إليك، وذلك لا يضيرك، وقتك لم يسمح وما زلت انتظر الإذن بالدخول إلى مدرستك العريقة كي أحظى بصورة معك، لذلك فصلوك من عملك لأن الاقزام لا تدرك قيمة العمالقة وقاماتهم وقممهم ولا هاماتهم وهمتهم .
أخي إياد ...
قطعًا من يرصدك هو من يدرك نوع السلاح الكاميرا التي كنت تمتشق، وتحشوها بذخيرة الحقيقة، وكل الحقيقة للجماهير، لم يدرك هؤلاء الحمقى مبغضي حقنا ورايتنا وروايتنا كيف هي حياة التوأمة بينك وبين سلاحك الجامد البارد الكاميرا، تبعث الحياة فيها زهاء عقدين من الزمن.
لم ترتعش ذراعك ولا العدسة يوما ولا لوم عليك إن فعلت لأن الجبال ترتعش قلوبها من هول ما كنت تلاحق من صيد ثمين، ترسمه على وجه العدسة، الشريط، الذاكرة، حياتنا، آهاتنا، دمنا على أبوابهم، أعتابهم، يلون خبزهم.
شعر رأسك الذي ذهب بعيدا في الوديان والتلال والغاز المدمع والرصاص المغلف ورشقات الموت، لم يذهب هباء، ضرب جذره عميقا في كل تجوال ليقول لهم: أنا صوت الحقيقة هنا وسوطها، صوت يجلجل في وجه قراراتكم، وسوط يلسع ظهر الوشاة.
اخي إياد يا رعاك الله ....
رسالة الوداع التي كتبتها بحروف المعاناة، وذرات الغازات الملونة، وخوض الوحل بأنواعه، كانت مؤلمة، وصرخة تضع سيرتك لوحة فينا، وصورتك تطيل النظر إلى الجرمق يرمقك بنظراته فيحني قمته خجلا في حضرة قامتك السامقة.
لا أخفيك ان سطورك ألهبتنا، لكنها تجلد النفر الذي يملك أن يقول لكنه ينضم لقائمة هو سيد الخرسان فيها، تصفع كل من يملك أن يفتح الأبواب على مصراعيها لك فيوصدها وكأن الأمر لا يعنيه، تمسك الذين يمشون بالوشايات من آذانهم الكبيرة الصحون اللاقطة لتقطع عنها البث.
أخي إياد...
رسالتك حملت من المصطلحات ما لم يعتاد عليها من وضع السياسات التحريرية في وكالة تنحاز للقاتل وتبريء دمويته وعنصريته وفظاعته، وكالات ندرك أنها غريبة كما المحتل، وسوداء كما الشريط الذي أصابه العطب.
واخيرا لو كانت مؤسساتنا تملك قرارها لإحتضنتك وشرعت الأبواب أمام قامتك وتجربتك الطويلة الغنية، لكن الجبناء لا يصنعون الامجاد وبينهم وبين صناعة الأمل ما بين السماء والأرض، ومن ذاق عرف، وتقبل تحياتي.