يتوجّه عشرات الآلاف من أبنائنا الطلاب والطالبات في هذه الأيام إلى قاعات الامتحانات المنتشرة في ربوع الوطن، لتقديم امتحان الثانوية العامة في مختلف الفروع والتخصصات، وإننا نتمنى لأبنائنا الطلاب والطالبات النجاح والتوفيق، لِيُكْملوا مسيرة العلم والنّور وخدمة دينهم ووطنهم، فالشباب في كلّ أمة هم عِمَاد حاضرها، وأَمَلُ مستقبلها، وَدَمُهَا المُتَدَفِّق، وبحرُ عِلمها الفَيَّاض.
ومن المعلوم أن ديننا الإسلامي الحنيف الذي أكرم الله البشرية به، دين يدعو إلى العلم، فأول خمس آيات نزلت من كتاب ربِّ العالمين على سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – جاءت لِتُؤكِّد على أهمية العلم وفضله ووجوب تحصيله وطلبه، كما جاء في قوله سبحانه وتعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بالْقَلَمِ*عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}(سورة العلق، الآيات"1-5").
ونحن في هذه المناسبة نتوجه إلى أبنائنا وفلذات أكبادنا من الطلاب والطالبات ببعض التوجيهات والإرشادات، منها:
* يجب عليهم مراجعة دروسهم بعناية وتركيز، وعدم تضييع الوقت، كما يجب عليهم قبل توجههم إلى قاعات الامتحانات أن يتوكلوا على ربهم، طالبين منه العون والتوفيق.
* يجب عليهم الحرص على الذهاب مُبَكِّراً إلى قاعات الامتحانات، أي قبل بدء الامتحانات بنصف ساعة تَحَسُّباً لظروف الطُّرُق والمواصلات.
* يجب عليهم احترام الملاحظين والمراقبين؛ لأنهم جاءوا لخدمتهم وتوفير المناخ الهادئ لهم.
* يجب عليهم ضرورة التَّقَيُّدِ بالتعليمات التي أصدرتها الجهات المعنية للوقاية من فيروس كورونا، ومن أهمها: الالتزام بضرورة ارتداء القفازات والكمامة الطبية بشكل جيّد عند انطلاقهم من بيوتهم مُتَّجهين إلى قاعات الامتحان، وضرورة تجنب المصافحة أو المعانقة أو التجمع أثناء الوصول للقاعة، والاكتفاء بالحديث مع الآخرين من مسافة لا تقلّ عن مترين، و تَجَنُّب استخدام أية أدوات من الآخرين داخل قاعة الامتحان كالأقلام وآلة حاسبة ومسطرة ومحارم، وإحضار كلّ ما يلزمهم من أقلام وقرطاسية.
ومن الجدير بالذكر أن بلادنا فلسطين أرض العلماء، فَكَمْ مِنْ عالمٍ وُلِد على ثَراها، أو ترعرعَ في أزقتها، أو زارها، أو دُفن فيها، ومن المعلوم أن بلادنا فلسطين من أزخر البلاد الإسلامية بالعلماء الذين ملأوا طباق الأرض علماً، واستنارَ بعلمهم أبناء الأمتين العربية والإسلامية.
كلنا ثقةٌ وأملٌ بأبناء شعبنا وأمتنا من علماء ومفكرين وباحثين أن يُشَمِّروا عن سواعد الجدّ والاجتهاد؛ حتى يكون لهم دورٌ بارزٌ في الابتكارات والاختراعات العلمية في شَتَّى المجالات، خاصة والعالم اليوم يُعاني من جائحة الكورونا، فيجب على علمائنا أن يكون لهم دورٌ بارزٌ في معالجة هذه الأمور، وهذا يتطلب ضرورة العمل على استعادة عقولنا المهاجرة، وتشجيع الأبحاث العلمية المتميزة لإيجاد الأدوية ومضاعفة التوعية.
لذلك فمن أولى أولويات الدول الناجحة الاهتمام بالتربية والتعليم؛ لأنهما حجر الزاوية لتحقيق طموح الدول الراغبة في التقدم والاستقرار والسَّعادة والمكانة الرائدة بين الدول، فبالعلم تُبْنى الحضارات، وتتقدم الأمم، وترقى المجتمعات، وينتصر الحقّ على الباطل، وينتصر المظلوم على الظالم، لأن العلم نور، والله نور السماوات والأرض.
ونحن إذ نُحَيّي طلبتنا ونشدّ على أيديهم، ندعو الله لهم بالتوفيق والسَّداد، ونتمنى أن يُحَقّقوا ما يصبون إليه من تقدّم ونجاح وتفوق، فهم أملنا الكبير، وعليهم يعتمد مستقبل هذا الوطن، ومن خلالهم ينطلق البناء الصحيح للمجتمع، فنحن في فلسطين ننظر إلى الإنسان باعتباره أعظم ثروة نملكها ورأس مالنا الحقيقي.
وفي الختام لكم منا أيها الأبناء خالص الدعاء : (اللهُمَّ لا سَهْلَ إلاَّ مَا جعلتَه سَهْلاً، وأنتَ تجعلُ الحَزْنَ إذَا شِئْتَ سَهْلاً، برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهُمَّ اشرحْ صدورهم ويَسِّرْ أمورهم، وَفَهِّمْهُمْ ما يقرأون، وَيَسْتَوْعِبُون ما يدرسون، اللهُمَّ فَهِّمْهُم الأسئلة وَأَلْهِمْهُم الأجوبة، اللهُمَّ افتحْ عليهم فُتُوحَ العارفين، وكُنْ لهم عونًا يا ربَّ العالمين).