يطل من جديد رئيس الحكومة الصهيونية المتطرفة بنيامين نتنياهو عبر الإعلام من خلال صحيفة (إسرائيل هيوم) في مقابلة مطولة حملت مضامين بالغة الخطورة، تكونت من نقاط أو شروط عشر مطلوب من الفلسطينيين الرضوخ لها، باعتبارها مسلمات كأمر واقع لا يقبل المناقشة علهم يجدون ملاذا آمنا أو زاوية في ركن الوطن يبقيهم على قيد الحياة.
فملك (إسرائيل) يزداد عنجهية وتطرفا مع مرور الوقت على الرغم من الفضائح السياسية التي رافقت حكمه، والاخفاقات المتواصلة التي مني بها وكان للمقاومة الفلسطينية دور فاعل في إرهاقه ومشاغلته وتحطيم جزء من مخططاته العنصرية، ليرضخ بين الفينة والأخرى مكرها للاستجابة لشروط تفرض تحت وطأة نيران المقاومة مبررا لجمهوره أنه يسعى للحفاظ على أمن المستوطنين.
ويعود اليوم بحقيبة مثقلة بالشروط وينثر هذه الرسائل السياسية في وجه السلطة الفلسطينية، والشعب الفلسطيني، والمتابعين من العرب والمسلمين، والمهتمين من الأطراف الدولية، محاولا فرض خارطة طريق أحادية جديدة هادفة إلى تركيع الشعب وتقويض سيادته، وتفتيت وجوده، وطمس حقوقه الثابتة، مع اغلاق الباب نهائيا في وجه المفاوض الفلسطيني لإمكانية المناقشة.
قد يكون نتنياهو في أوج قوته وذلك لاعتبارات مختلفة منها الوضع المتردي الذي تشهده الحالة الفلسطينية من تفرد رئيس السلطة بقرارات مصيرية، وتوحده مع منهجية السلام، وتسببه في تقويض كثير من مقومات الوحدة والقوة، ومواصلته المراهنة على المجتمع الدولي دون الاستفادة من قدرات شعبنا او احترام رغبته في اشعال المواجهة مع (إسرائيل).
هذا بالإضافة للانتكاسات العربية المتكررة التي اصابت العالم العربي بفعل الحروب البينية، والاقتتال الداخلي، والمنازعات المستمرة، وطلب الوصاية من الأجنبي، والخشية على الممالك وأنظمة الحكم من غضبة الشعوب، الامر الذي دفعهم للارتماء في الحضن الإسرائيلي على طريق التطبيع في المجالات المختلفة، والقاء فلسطين وقضيتها على هامش الملفات.
إلى جانب العامل الأبرز وهو صعود الرئيس الأمريكي العنصري ترامب إلى سدة الحكم، والذي يستهوي مخططات نتنياهو ويغازله دوما بالدعم المستمر عبر أكبر مشروع تصفوي يقدمه للحكومة الإسرائيلية وهو (صفقة القرن)، والتي نسفت ما قبلها من محادثات ورؤى واتفاقيات دولية لوضع حلول للصراع القائم، وأجهزت على آمال وتطلعات الفلسطينيين في إقامة دولة ووجهت لكمة قاتلة لفريق التفاوض ومن خلفه من قيادة السلطة دون الاعتبار لوجودهم أو احتجاجهم المستمر.
كل ذلك وغيره من الأسباب الأخرى ساهم في تشكيل زخم سياسي وميداني جعل ملك (إسرائيل) الجديد يشترط ويسخر من شعبنا الفلسطيني ودولته، فيا ترى هل يمكن أن تتحقق رؤيته في إلغاء العودة أو تثبيت أبدية القدس عاصمة لـ(إسرائيل) وتهويد المقدسات وضم الأراضي وفرض سيادة شاملة في الضفة وأماكن أخرى؟.. لا أعتقد ذلك فالموت أهون على الفلسطينيين من قبول هذه الشروط.
لكن ماذا ينتظر شعبنا وعلى ماذا تراهن السلطة فلتتحركوا سريعا فلا سبيل في مواجهة التطرف إلا بفتح الأبواب على مصراعيها في وجه نتنياهو، حتى لا يأمن أن يجلس في مكتبه أو يتحرك في محيط مقر إقامته فالشباب الفلسطيني قادر وفعل ذلك مرارا، إذن المقاومة الشاملة في وجه الوضع القائم تشكل طوق النجاة فقولوا حي على الكفاح يا رجال..