قائمة الموقع

​همام عودة.. رياديّ من "تحت الصفر"

2017-04-02T10:40:19+03:00
صورة أرشيفية لهمام عودة

أمنيته حاليًا أن يبيع له أحدهم وقته لكي يستطيع إنجاز أعماله، بعد أن قضي أربع سنوات يبحث عن عمل يملأ فيه وقته، استطاع أن يصنع رياديته من تحت الصفر، أسس شركته بـ"الدين" وكان فيها رجل جميع "الصنايع" بعد أن كان "البخت ضايع" بعد أن أيقظ محاربيه "المارد" داخله.

الريادي همام عودة، منذ 2010 حتى 2015 وهو يدور على المؤسسات الأهلية والدولية وحتى المدارس الخاصة باحثًا عن وظيفة يأكل منها "عيشًا"، وفيها شغل عدة وظائف ولكنه ما أن يثبت جدارته فيها ورقة "فصله" تكون القرار الأقرب لأرباب الوظيفة، حتى قال له أحدهم: "أنت لا تناسب فلسفتنا".

أصبحت رجلًا

الريادي عودة (ابن 33) ترتبيه السابع بين عائلة مكونة من تسعة ذكور وأربع إناث من قلقيلية، المؤسس والمدير التنفيذي لشركة "جامليون سليوشنز" لتكنولوجيا المعلومات والتسويق الإلكتروني، درس علم الحاسوب في الجامعة الأمريكية في جنين وتخرج عام 2010، كان له دور ريادي في خدمة المجتمع المحلي في جنين، أصبح رياديًا في مجال العمل عن بعد، ومؤسس شركة لتنظيف البيوت والشركات.

ظروف طفولته صنعت منه "رجلًا" في عمر الثماني سنوات، يروي تفاصيلها: "والدي كان أحد مبعدي مرج الزهور واعتقله الاحتلال أكثر من مرة، وهذا أثر في حياتي وإخوتي أيضًا لنعتمد على أنفسنا ونكون أصحاب عمل لمساعدة والدتي".

يضيف الريادي همام لـ"فلسطين": "في حينها أرسل والدي لي صورة له في الإبعاد وكتب عليها رسالة "أوصيك أن تساعد إخوتك في المزرعة فأنت أصبحت رجلًا"، بعدها أخذت وعدًا على نفسي بأن أكون رجلًا كما يراني أبي، ساعدت إخوتي في زراعة الأرض وحصد المحاصيل، لدرجة أنني كنت في الصف الخامس وحملت مضخة رش المزروعات التي يجد رجل بالغ مشقة في حملها".

وتابع: "في 2010 عام تخرجي، حملت حقيبتي وتوجهت للبحث عن العمل برام الله باعتبارها مركز العمل في الضفة، وعرفت حينها أنه تواجهني صعوبات لأنني وإخوتي ممنوعون من الحصول على وظيفة في المؤسسات الحكومية؛ بسبب انتماء والدي السياسي الذي تتلمذ على يده عدد من المشايخ".

فصل واعتقال

استطاع الريادي عودة بعد مشقة وفصله من عدة وظائف بسبب انتمائه السياسي، شغل منصب المختبرات والحاسوب في كلية الطيرة برام الله، وعمل مدرسًا في دار المعلمين أيضًا، ولكنه فصل من الوظيفتين أيضًا.

في 2012 حالفه الحظ في شغل وظيفية في "أونروا"، ولكن جرى عدد من التقليصات فيها فلم يجدد عقده، ووجد نفسه في الشارع مرة أخرى، مكث بعدها دون عمل لمدة ثمانية، لم يستسلم للراحة فيها بل حصل على دورات في مجال تخصصه ليقوي مهاراته.

وما لا تعرفه عزيزي القارئ أن "عودة" اعتقل تسع مرات في سجون السلطة في الضفة، ثمانٍ منها وهو طالب في الجامعة؛ لأنه كان يساعد الطلبة آنذاك، ومنع من السفر إلى الأردن للبحث عن عمل بعد أن سدت الطرق أمامه، ولكن أجهزة أمن السلطة منعته من السفر رغم أن والده يحمل جوازًا أردنيًا مؤقتًا".

ويكمل عودة سرد حكايته حول الوظيفة المفقودة التي يؤمن أصحابها بالإبداع والنجاح ويتمسكون بمن يثبت جدارته ولا يحرمونه من الوظيفة لأن تهمته جاهزة "الانتماء السياسي": "وما زلت أبحث عن أي فرصة عمل حتى عُيّنت مدرسًا في 2014 في مدرسة خاصة في حي الطيرة برام الله لمادة "آي تي", كانت لأبناء الوزراء ومدراء الأجهزة الأمنية، إلا أنه تم إنهاء عملي بعد فصل دراسي واحد، ولا أنسى كلمة المدير حينما سلمني ورقة فصلي من المدرسة: "أنت لا تناسب فلسفتنا"".

نقطة الصفر

ويضيف: "ولحظتها عدت إلى نقطة الصفر ولكني بعد عدة أشهر سجلت لإكمال الدراسات العليا في جامعة أبو ديس، إضافة إلى التحاقي بالعديد من الدورات حتى حصلت على الشهادة الدولية في إدارة المشاريع".

ولدى سؤاله عن مشاعره في خضم توقيفه عن جميع الوظائف التي أثبت فيها جدارته، أجاب عودة: "تجرعت المرّ مرّين، في لحظات صرت أحدث نفسي هل من المعقول بقي خير في الكرة الأرضية لكي يعطيني أحد حقي أو أنه انقرض؟ تساءلت لماذا يحدث معي كل هذا؟ وجدت الكثير من الغيرة والحسد من نجاحي وقاموا بتكسير مجاديفي".

ابتسم الحظ وأخيرًا لـ"همام"، فحصل على وظيفة في منظمة الصحة العالمية, ولكن ما لبث أن تركها، حينها قرر قرارًا لا رجعة عنه, حرّم على نفسه العودة إلى الوظائف الخاصة، كان يصارعه هاتف داخلي: أنت تمتلك العلاقات الواسعة والخبرة، لماذا لا تؤسس شركتك ومشروعك لتنطلق للعالم؟".

حرّ

عام 2015 كان عام الحظ لدى "عودة"، حيث قرر أن يكون حرًا يطير في فضاءات العمل بلا قيود، أسس من تحت الصفر بـ"الدَّين" مشروعه الخاص، وكانت شركته الشركة الأولى في التسويق الإلكتروني وتصميم وتطوير المواقع الإلكترونية وأنظمة الحاسوب وتطبيقات جهاز الهاتف المحمول.

أصبح يواصل الليل بالنهار حتى تقف شركته على "أرجلها"، العزيز القدير وفّر له أناسًا يقفون إلى جواره ويأخذون بيده نحو النجاح، ثقة صديقه بقدراته جعلته يسلمه إدارة شركته إلى جانب الشركة التي يديرها، ومكث لمدة عام حتى أخذ قرارًا بالاستقلال واستئجار مكان لشركته، والتي أثبتت نجاحًا طار صداه إلى أمريكا والأردن ودبي.

قال عودة: "طموحي ليس له حدود ولا يعرف المستحيل، حيث خضت تجربة أخرى في تأسيس شركة لتنظيف البيوت والشركات والرعاية المنزلية "نيو كلاس"".

شركة التسويق الإلكتروني عمرها الآن عامان، هذان العام كانا بمثابة حياة جديدة وعالم آخر كان مغطى عن عينيه، قبلها كان يبحث عمّن يأخذ بيده، والآن أصبح يمتلك إنسانيته وحريته، وأصبح صاحب فلسفة: "كل شيء تزرعه ستجده، وإنما في الوظيفة أنت تزرع وغيرك يحصد وآخر يقلعك".

الراحة مفسدة

ويواصل الريادي عودة: "السنتان علمتاني أن الراحة مفسدة، الدنيا ما زال فيها خير، علمتاني مهارات إدارية ومحاسبية، وكيفية الانطلاق نحو العالم والتعرف إلى طريقة تفكيره، والتبحر في عالم "البزنس"، كيف أصنع الاستثمار، كيف أخلق علاقة ناجحة، وكيف تصنع مشروعك واسمك".

ويتابع: "أيام كثيرة لا أعود من عملي إلا بعد أذان الفجر، أجني ما زرعت، أصبحت أدير مشارعي في عدة دول حول العالم في أمريكا، والأردن ودبي، كل التطوير والإبداع في العالم الحقيقي في العمل الحر, ورغم تعبه لا يحدّ طموحك شيء".

من هو الإنسان الريادي بالنسبة لـ"عودة"؟ عرفه: "أن تكون رياديًا يجب أن تكون رياديًا في كل الأعمال، إذا كان بمقدورك أن تصنع الشاي والقهوة لعملائك وزبائنك اصنعها ولا تعتمد على أحد، نفسي، كن أنت رجل كل المهام ما دمت تمتلك الخبرة والمهارة".

رسالته

وجه رسالة للشباب الفلسطيني الذي يعاني من البطالة بمعدلات "مخيفة"، قائلًا: "الإيمان الحقيقي أن الأرزاق مقسمة، استعِن بالله واجعل مخافته بين عينيك، يجب أن تطور نفسك لتكون كفؤًا، طوِّر نفسك ثقافيًا وعلميًا واقتصاديًا، اطرق كل الأبواب ولا تستحيِ، افتح قنوات تواصل وعلاقات مع الناس".

وأضاف: "ضع هدفًا واضحًا وناضل من أجله وستصل في النهاية، امتلك التفكير الصحيح، ليس هناك شيء اسمه مستحيل، ضع هدفًا وناضل من أجله, وسوف تصل، لا ترتبط بالوظيفة وجازف، ولا تهتم، فالله كفل لك رزقك".

وكشف الريادي عودة أن منظمة الرياديين في العالم، عرضت عليه أن يكون ممثلهم في فلسطين، وينتظر حاليًا التأكيد الرسمي والنهائي لمنحه هذا المنصب، ويعقب قائلًا: "الأجانب يوفرون لنا الشراع لنمشي فيه، وأبناء جلدتنا يكسرون مجاديفنا".

وعن طموحه المستقبلي، يتحدث عودة: "أتمنى أن يكون في فلسطين مجتمع ذكي، لأني لم أرَ عقلًا ناضجًا وخلاقًا ومبدعًا كالعقل الفلسطيني، عقل فريد من نوعه، فقد يريد من يأخذ بيده ويقوده، أطمح أن نؤسس شركات عالمية صادقة تعمل مع الداخل والخارج حتى نقضي على البطالة، أطمح أن أرى كل فلسطيني لديه مشروعه الخاص، أحلم بأن يكون لدينا جامعات فريدة".

اخبار ذات صلة