يتفق مراقبون لسياسة استمرار اعتقال الاحتلال للعاملين بالمؤسسات العالمية والإقليمية التي تقدم مساعداتها الإنسانية في قطاع غزة بين الفينة والأخرى، أن الهدف من هذه السياسة هو الحد من نشاط تلك المؤسسات وزيادة تضييق الخناق والحصار على أهالي القطاع بصورة غير مباشرة.
وكانت سلطات الاحتلال قد اعتقلت مدير مؤسسة الرؤية العالمية بغزة محمد الحلبي في 22 يونيو/ حزيران الماضي، كذلك اعتقلت مدير مؤسسة وكالة التنسيق والتعاون التركية "تيكا" بغزة محمد مرتجى في 13 فبراير/ شباط الماضي، فيما أفرجت عن العامل في البرنامج الإنمائي الأممي في القطاع وأحد موظفي مؤسسة "undp" بغزة وحيد البرش، بعد اعتقال دام 6 أشهر.
تضخيم القضية
خالد زبارقة، محامي مدير مكتب "تيكا" محمد مرتجى، بين أن محاكم الاحتلال قدمت لائحة اتهام ضد مرتجى يوم 16 مارس/ أذار الجاري، وأجلت الجلسة في المحكمة للتداول في القضية أول من أمس، مبينا أن القضية الآن في مرحلة التداول، وأن الجلسة القادمة ستعقد في 8 مايو/ أيار القادم.
وقال زبارقة لصحيفة "فلسطين": "إن سلطات الاحتلال ضخمت القضية بشكل كبير، وحاولت أن تربط كثيرا من العناصر بهذه القضية"، معتبرا أنها محاولة لضرب أي عمل إنساني واجتماعي داخل غزة، وصبغه وربطه بفصائل المقاومة لتخويف أي دولة تريد أن تدعم إنسانيا أهل القطاع.
وأضاف: "مرتجى كان فريسة لمجريات تحقيق عسكرية غير قانونية بعيدة عن الأسس الموضوعية لإظهار الحقيقة".
وبين أن الاحتلال يستعمل قضية مرتجى في مناكفته لتركيا والتي تلقي بظلالها على العلاقات الثنائية بين الطرفين، موضحا أن الاحتلال يحاول ربط العمل الإنساني التركي الرسمي بالمقاومة.
والتحقيق مع مرتجى، وفق زبارقة، يدور حول الدور التركي الرسمي من خلال وكالة تيكا الرسمية، وحول المشاريع الإنسانية التي نفذتها بغزة، إضافة إلى المشاريع الإسكانية، وتمويل محطة الكهرباء، والزواج الجماعي.
ولفت النظر إلى أنه يتعامل مع القضية بالأدوات القانونية المتاحة، وأن هناك قناة اتصال مع السلطات التركية من أجل فهم صورة ووضع مرتجى ضمن عمله الذي كان مكلفا فيه.
وبين أن الملف حاليا موجود بمحكمة الاحتلال المركزية ببئر السبع أمام هيئة مكونة من ثلاثة قضاة إسرائيليين، موضحا أن الأمر في بداية الطريق، وأن الصورة ستتضح من خلال مجريات التداول.
وذكر زبارقة أن مرتجى كان متفاجئا من لائحة الاتهام التي وجهت ضده، وأنكر ما نسب إليه في اللائحة.
من جانبه، أكد رئيس اللجنة الحكومية لكسر الحصار عن غزة، علاء البطة أن عملية اعتقال العاملين في المؤسسات الدولية، تأتي في إطار حرب الاحتلال على المنظمات الدولية التي تقدم مساعدة واضحة للشعب الفلسطيني لتخفيف المعاناة التي سببها الاحتلال.
وقال البطة لصحيفة "فلسطين": "إن الاحتلال فرض مزيدا من القيود على المؤسسات الدولية لزيادة معاناة الشرائح التي تستفيد منها".
وأشار في ذات الوقت، إلى أن الاحتلال بذلك يمارس ضغوطا غير مباشرة من أجل الاستمرار في سياسة الحصار التي يمارسها ضد الشعب الفلسطيني، لوضع حد لعمل تلك المؤسسات بالقطاع.
وجدد تأكيده أن المطلوب هو احترام مبادئ القانون الدولي، وممارسة تلك الدول الراعية لهذه المؤسسات مزيدا من الضغوط على الاحتلال لوضع حد للغطرسة التي يمارسها، داعيا المنظمات الدولية لممارسة عملها، من أجل القيام بالدور الإنساني والانتباه للتصرفات "الإرهابية" الإسرائيلية التي تهدف لوضع حد للمساعدات التي تقدمها.