بينما ترزح الضفة المحتلة بين مقصلة الاحتلال الدموي وسكين التنسيق الأمني تبزغ مع شمس الضفة الأبية بشارات الثورة, فلا توجد قوة على هذه الأرض مهما بلغت عربدتها وسطوتها تستطيع أن تكسر إرادة الفلسطيني المؤمن بوطنه وحريته. محاولات حثيثة ومكر بالليل والنهار من أجل وأد ثورة شعبنا الفلسطيني عبر سياسات الترويض والقمع معا, لم تتوقف الاعتقالات اليومية والاقتحامات الليلية للمدن والقرى الفلسطينية, والتنسيق الأمني "المقدس" الذي تُوظف خلاله أجهزة الأمن المدعومة بميزانيات باهظة, لتنفيذ مهمتها الرئيسة وهي تكبيل يد الثأر للضحايا الأبرياء، وكسر السيف الفلسطيني المتأهب من أجل الدفاع عن الأرض والإنسان والمقدسات في فلسطين.
بشارات الثورة تولد من رحم الصمود والتضحية, فالبيوت المهدمة بجرافات الاحتلال هي رخيصة أمام الوطن الكبير, تشاهد تلك المعاني الفدائية في كبرياء أهلها الكرام, والأرواح من الشباب الثائر تُبذل بكل الرضا والإقدام دفاعاً عن فلسطين, الفلسطيني الجديد لم تتغير ملامحه، أصباغ التسوية الزائفة وأوهام السلام مع شر الضباع التلمودية, سيخرج لهم الفلسطيني المقاتل في كل زمان وعلى كل طريق وزقاق في فلسطين, يحمل ملامح ذاك الفدائي الأول في أحراش يعبد وأزقة القسطل.
يوم 11-5-2020, تتقدم جرافات الحقد الصهيوني, لتهدم بيت عائلة الأسير قسام البرغوثي, في رسالة ردع وتخويف لا يفهم حروفها شعب الشهادة والبطولة, فهي رسالة مردودة على جنرالات الاحتلال عبر غضب الشباب في قرية كوبر شمال رام الله المحتلة, وهم يواجهون جرافات الاحتلال وعرباته العسكرية بالحجارة, فلقد صُودرت الأسلحة وطُورد المقاومون, واعتقل كل من يفكر بمقاومة الاحتلال بالحديد والنار, فنحن في زمان يراد أن تمرر من خلاله على شعبنا سلمية النعاج التي تستسلم لسكين الجزار بلا حراك أو تمرد, هذه الثقافة الغريبة لا يستسيغها ثوار الضفة الأبطال, ولا يقبلون بتمريرها على واقعهم اليومي في ظل ممارسات العربدة من الاحتلال ومستوطنيه, وانكشاف مخططات الاحتلال وداعميه وتكالب الأعداء على الحق الفلسطيني وهرولة المطبعين المخزية, فليس أمام شبابنا وشعبنا إلا المقاومة بكل ما يملكون ولو كان قليلا من قوة, فاستمرارية العمل الفدائي وتراكميته تنتجان حصيلة الرعب الذي ينتصر من خلاله أهل الحق على دعاة الباطل والتزوير والاحتلال.
في بلدة يعبد القسام جنوب مدينة جنين فجر 12-5-2020, تقدمت خفافيش الظلام الصهيونية تبدد سكينة يعبد في الليالي الرمضانية, مهمتها إرهابية بامتياز؛ قمع واعتقالات وترويع الآمنين, قطيع ضباع الاحتلال من نخبة "جولاني" هاجمت يعبد القسام وفي ظن هؤلاء المجرمين استسلام أهل البلدة وشبابها لواقع الاحتلال وعربدته, حجر واحد فلسطيني كان الكفيل بإنهاء حملة العربدة والإرهاب الصهيونية ضد أهل يعبد, انطلق يهوي على رأس جندي الاحتلال فأرداه قتيلا, وكأنه بانطلاق الحجر نحو رأس الجندي قد انطلقت معه كل الثارات المؤجلة وعذابات السنين من القمع والاحتلال والقتل والتشريد, هو حجر لكل فلسطيني منه نصيب, وكان راميه قد رمى عن كل الفلسطينيين, الذين فرحوا بخبر هلاك جندي "جولاني", لتأكيد حقيقة أن المقاومة قرار الشعب, وأن شعبنا لن يرضى على حالة الذل والهوان, ولن يقف صامتاً أمام عربدة المحتلين ومخططاتهم الخبيثة في استهداف الهوية الوطنية لأرض فلسطين ومقدساتها. المقاومة قرار الشعب في يعبد وكوبر وسلواد والعيسوية وشعفاط, المقاومة خيار الشعب في حلحول والدهيشة وعايدة, المقاومة خيار الشعب في العروب وقلنديا والجلزون وبيتا وبيت فوريك, المقاومة قرار الشعب في كل فلسطين, وإذا قال الشعب كلمته فعلى الجميع الالتزام بها والعمل بمقتضاه, لتعود ثورة الشعب وانتفاضته فهي الأقدر على حماية الوطن من كل المخاطر والأطماع, وهي الأجدر في ردع الاحتلال وإفشال مخططاته وكنسه عن ثرى فلسطين.