يتسلل جيش الاحتلال ليلًا إلى قرية كوبر في عمق الضفة المحتلة لهدم بيت المقاوم قسام البرغوثي، فتختفي عناصر الأمن الفلسطيني ويتسلم الشباب الفلسطيني الأعزل مهمة الدفاع عن الأرض والعرض بصدور عارية، ويواجهون جيش الاحتلال بما تيسر من أدوات نضالية بدائية لكنها تؤلم المحتل وتؤكد عزيمة وإرادة الشباب الفلسطيني المتمسك بأرضه.
بعد انتهاء عدوان الاحتلال وانسحاب جيشه من عمق قرى ومدن الضفة يعيد عناصر الأمن الفلسطيني انتشارهم من جديد لحفظ النظام والحيلولة دون وصول الشباب الفلسطيني الثائر إلى الحواجز العسكرية الصهيونية أو المستوطنات التي تنهش أراضي الضفة المحتلة.
يوجد في الضفة المحتلة 31.913 ألف عنصر أمن يتبعون الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي يقودها 232 عميد/جنرال عسكري، ويفترض أن مهمتها الأساسية هي الدفاع عن شعبنا الفلسطيني وحمايته من الاعتداءات الصهيونية المتواصلة على مدار الساعة، إلا أن الاتفاقات الموقعة والتنسيق الأمني مع جيش الاحتلال، والعقيدة الفاسدة التي غرسها الجنرال الأمريكي كيث دايتون في عقول قادتها حرفت بوصلة الأجهزة الأمنية وكبلت أيادي عناصرها وحرمتهم من أداء دورهم الحقيقي في الدفاع عن شعبهم.
الأجهزة الأمنية الفلسطينية تستهلك 30% من إجمالي نفقات الموازنة العامة بقيمة تعادل مليار دولار سنويًّا، يتم توفيرها من المنح والمساعدات التي تستلمها السلطة الفلسطينية باسم الشعب الفلسطيني، إضافة إلى الضرائب التي يدفعها المواطن الفلسطيني، والقروض العامة التي تسددها الأجيال الفلسطينية المتعاقبة من قوت يومها.
مشهد تصدي الشباب الأعزل لجيش الاحتلال في قرية كوبر يصف بدقة حالة التيه التي تعيشها الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة وانحراف بوصلتها عن القيام بدورها في الدفاع عن شعبنا، فتلك الأجهزة أصبح هدفها الأكبر هو ملاحقة أنصار المقاومة الفلسطينية، ووأد الأصوات السياسية المعارضة لنهج الخنوع للاحتلال، واعتقال أصحاب المبادرات الإنسانية والأيادي الرحيمة التي تعمل على إيصال المساعدات الإغاثية لعوائل الأسرى والشهداء، وتوفير الحد الأدنى من عوامل الصمود لأبناء شعبنا في الضفة المحتلة.
رغم أن انحراف الأجهزة الأمنية الفلسطينية عن دورها فاقم معاناة أهلنا في الضفة وأوجد فجوة كبيرة من عدم ثقة المواطن بتلك الأجهزة فإن المجال ما زال متاحًا أمام أبنائها للقيام بدورهم المأمول فلسطينيًّا، فالاحتلال الصهيوني تنصل من جميع التزاماته تجاه إقامة الدولة الفلسطينية، وضاعف سياسة التوسع الاستيطاني ومصادرة الأراضي واعتقال أبناء شعبنا وهدم بيوتهم، لذا بات لزامًا على الأجهزة الأمنية الفلسطينية التوقف عن التنسيق الأمني المهين، والتحلل من جميع الاتفاقيات الهزيلة مع جيش الاحتلال، واستعادة دورها الحقيقي في إسناد شعبنا، ومواجهة جيش الاحتلال الذي بات يقتحم مدن وقرى الضفة ليلًا وهو على قناعة تامة أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية ستوفر له انسحابًا آمنًا إذا ما حوصر من الشباب الفلسطيني الثائر في عمق الضفة المحتلة.