قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف: إن (إسرائيل) ضربت استقرار المنطقة بمشاريع الضم والتوسع الاستيطاني في مدينة القدس والضفة الغربية المحتلتين مستندة في ذلك إلى تحالفها مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤكدًا في الوقت ذاته أن السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، مطالبة بتنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي الآن أكثر من أي وقت مضى.
وعدَّ أبو يوسف في حوار مع صحيفة "فلسطين"، إصرار الاحتلال الإسرائيلي على عدم الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني، وعدم تنفيذ القرارات الدولية وخاصة الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، سيزيد عدم الاستقرار في المنطقة.
ونبَّه إلى أن (إسرائيل) تستمد الدعم والأمن والحماية دائمًا من الموقف الأمريكي الذي يملك حق "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي، ومن ثم تفلت دومًا من العقاب أمام جرائمها التي ارتكبتها بحق أبناء الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، وخاصة غزة والضفة والقدس، وكذلك التهديدات الموجهة إلى المنطقة، وإرهاب الدولة المنظم الذي تمارسه بحق سوريا، ودول عربية أخرى.
وأضاف: "هناك عدم التزام بالقرارات الدولية، وهذا يثبت تراخي المجتمع الدولي تجاه مسؤولياته من تنفيذ القرارات الصادرة"، عادًّا أن هذا التراخي انعكس في عدم تأكيد ضرورة التوصل إلى حل المنطقة يستند إلى حقوق الشعب الفلسطيني.
وأكد أبو يوسف أن هذه الحقوق "ثابتة قدم لأجلها الشعب تضحيات جسامًا، وتستند إلى عدالة القضية الوطنية والحق التاريخي والطبيعي للشعب الفلسطيني بأرضه، وفي مقدمتها حق عودة اللاجئين وتقرير المصير، وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس".
وأكمل أبو يوسف: "دون ذلك لا يمكن قبول أي حل أو سلام، ولن تشهد المنطقة استقرارًا، وكل ما يجري الآن محاولة لضرب كل هذه الأسس عمليًّا لأي مسار سياسي يفضي إلى سلام واستقرار في المنطقة".
مقابل ذلك رأى أنه بات من الضروري التخلص من جميع الاتفاقيات المبرمة بين السلطة والاحتلال، سواء كانت أمنية أو اقتصادية أو حتى سياسية، وسحب الاعتراف بالاحتلال الذي لا يعترف بالدولة الفلسطينية.
وذكر أن هذا "الأمر أقره المجلس المركزي لمنظمة التحرير والمجلس الوطني، ولا بد من تنفيذه"، مضيفًا: "حان الوقت من أجل تقييد العلاقة مع الاحتلال، لأنه لا يمكن أن يكون هناك علاقة في ظل ما يرتكبه على الأرض من عدوان وجرائم بحق الشعب الفلسطيني".
وأشار إلى تصريحات أدلى بها رئيس السلطة محمود عباس، مؤخرًا، بأن السلطة في حلٍّ من أي اتفاقيات أو تفاهمات مع الاحتلال والإدارة الأمريكية في حال ضم (إسرائيل) سنتمترًا واحدًا من الأراضي الفلسطينية، عادًّا أن هذا التوقيت مناسبٌ لمحاصرة الاحتلال وفرض العقوبات عليه، وسحب الاعتراف به، وتفعيل المقاطعة الدولية.
وحول قدرة السلطة الفلسطينية على تنفيذ ذلك قريبًا، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير: "هذا هو المطلوب بعينه، لأن ما يقوم به الاحتلال من عدوان إجرامي، ومشاريع ضم واستيطان، يأتي في صلب الحكومة اليمينية المتطرفة".
وشدد على أن ذلك "مطلوب تحقيقه الآن وفورًا" في ظل استغلال الاحتلال انشغال العالم بالتصدي لجائحة "كورونا"، لتنفيذ مخططات مصادرة الأراضي وإنشاء المزيد من المشاريع الاستيطانية.
مخاطر كبيرة
وأكد أبو يوسف أن "المخاطر التي تواجه القضية الفلسطينية كبيرة، خاصة منذ بدء الحديث عن صفقة القرن، والتحالف الصهيوأمريكي الذي جاء بشكل فج وواضح تمامًا بهدف السيطرة على جميع الأراضي الفلسطينية والإعلان عن ضمها، وإلغاء أي إمكانية للحديث عن إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف، ومن ثم أصبح المشهد خطيرًا جدًّا".
وذكر أن حكومة الاحتلال الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو، يستند برنامجها السياسي إلى ضم الأغوار ومنطقة شمال البحر الميت وشرعنة المستوطنات ومصادرة الأراضي المبنية عليها، "وهذا يفضي إلى أن هناك سياسة تحالف استراتيجي بين الاحتلال الإسرائيلي وإدارة ترامب".
وتابع: "في ظل الحديث عن خرائط وغيرها في إطار تنفيذ ما تسمى "صفقة القرن"، وترتيبات جديدة على الأرض، يتضح لنا أن سياسة الضم بدأت قبل الإعلان عن تشكيل الحكومة (بالتحالف بين رئيس حزب أرزق أبيض بيني غانتس، وبنيامين نتنياهو)، ويتضح ذلك ببناء آلاف الوحدات الاستيطانية في المستوطنات المقامة على أراضي الضفة والقدس المحتلتيْن، وما يجري من تهويد أيضًا في الحرم القدسي الشريف، وكذلك السيطرة على الأراضي المحاذية للأقصى لاستخدامات المستوطنين".
واعتبر أن "هذا التحالف الاستراتيجي الإسرائيلي الأمريكي يحاول فرض سيطرته على الأرض لتصفية القضية الفلسطينية في صفقة واحدة، والآن يدرك الاحتلال ذلك، ويستغل الفرصة بانشغال العالم بتفشي فيروس كورونا من أجل المضي قدمًا في تنفيذ أجندتها الهادفة إلى تصفية القضية الوطنية".
وفي تقييمه لردود الفعل الدولية، أكد أنها كانت مهمة مقابل إعلان الاحتلال عن مشروع ضم الأغوار، في وقت تحاول حكومة الاحتلال برئاسة نتنياهو، ترسيم ذلك من خلال استراتيجية هادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية.
وأضاف: "أعتقد كان هناك ردود فعل مهمة من الاتحاد الأوروبي والأمين العام للأمم المتحدة، ودول عربية وإسلامية، والجامعة العربية، وجميعهم أكدوا معارضة مشاريع الاستيطان للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني".
كذلك مؤسسات أمريكية مثل الكونغرس الأمريكي أكدت خطورة ذلك والبرلمان البريطاني وغيره أيضًا، لكن كل ردود الفعل هذه "لم تعكس آليات عملية" للضغط على الاحتلال ومحاصرته مقابل ما ينفذه على الأرض من مشاريع استيطان وضم.
وقال عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة: "على المجتمع الدولي الاستناد إلى حقوق الشعب الفلسطيني حتى تعود المنطقة إلى سلام حقيقي، مع ضرورة تظافر الجهود للجم الاحتلال وإلزامه تنفيذَ قرارات الشرعية الدولية من خلال عقد مؤتمر دولي تحت رعاية الأمم المتحدة لتنفيذ هذه القرارات التي تستند إلى حق عودة اللاجئين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس".