قائمة الموقع

سفرة رمضان.. بين الاقتصاد و"المبالغة"

2020-05-07T17:24:00+03:00

قبل قدوم رمضان بشهر كامل تعمد نجاح سليم، أم لخمسة أبناء، إلى التحضير لهذا الشهر، وتحسب له ألف حساب قبل دخوله، إذ تنظم جدولًا للأكلات التي ستعدها، بالتوافق مع أبنائها، وآخر للولائم الرمضانية التي تكون مرهقة لجيوبهم.

"في سفرة طعام الإفطار لا نعتمد على صنف واحد من الطعام، فكل واحد من أبنائي يطلب صنفًا معينًا من الطعام، ولا يهون علي رفض طلبهم، خاصة أطفالي الصغار تحفيزًا لهم على صيامهم طيلة نهار رمضان".

وقبل رمضان بأسبوعين، كما توضح، "تقيم" في المطبخ وتجهز بعض المأكولات بكميات كبيرة وتجمدها في المجمد (الفريزر)، لتحضيرها بسرعة، ولأن بعضها يتطلب وقتًا وجهدًا.

أما خولة ربيع (أم لأربعة أبناء) فلا يختلف أبناؤها عن الآخرين في طلب أصناف معينة، ولكن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر عائلتها بها لا تسمح لها، ولذلك تعتمد في رمضان كما الأيام العادية ما هو متوافر وموجود في البيت؛ فلا تسرف بإعداد أصناف متعددة من الطعام، حتى في الولائم الرمضانية مبدأها قائم على "الجود من الموجود".

وفي دردشة مع صحيفة "فلسطين"، تشير إلى أنها تخصص ميزانية خاصة لشهر رمضان ولا تتعداها، حتى لا ترهق زوجها في المصاريف، فصيام شهر رمضان ليس للطعام وإنما للعبادة؛ وفق حديثها.

ربة البيت سامية عبد الله تتحدث بأن المائدة الرمضانية هي التي تفرض علينا تعدد الأطباق والأصناف، وذلك وفق حاجة جسم الإنسان بعد صيام 16 ساعة تقريبًا، فيحتاج إلى طبق الشوربة وسلطة الخضار، والطبق الرئيس والمقبلات، وصنف من الحلويات، قائلة: "جميع تلك الأطباق ضرورية أن تكون حاضرة على السفرة الرمضانية، وذلك بخلاف الأيام العادية".

أما إسراء حمادة -وهي ربة بيت جديدة- فتتابع القنوات الفضائية الخاصة بالطبخ، أو تستفيد من بعض المواقع الإلكترونية لتبهر عائلتها الجديدة بأصناف متعددة، وترى أن الأطباق التقليدية كالمقلوبة والفتة لم يعد لها مكان على سفرة الإفطار، خاصة مع تعلمها كيفية إعداد أطباق جديدة.

وتشير إلى أن الأمر لا يقتصر على ذلك، فتضفي لمستها الخاصة على الأطباق وتزينها.

ومع دخول شهر رمضان تسعى كثير من ربات البيوت إلى ابتكار أطباق جديدة من الطعام عربية وغربية، نوعًا من التنويع والتجديد في مائدة رمضان، وتحضير العديد من الأطباق نزولًا عند رغبة أفراد عائلاتهن، لكن أخريات قد يفعلن ذلك للتباهي بين الأقارب، ولبث الصور على مواقع التواصل الاجتماعي.

إهدار لمشاعر الآخرين

من جهته يلفت الاختصاصي النفسي زهير ملاخة إلى أن رمضان شهر العبر والعظات، أهمها إحياء المشاعر، ومشاعر حقيقة الإنسان، وكل سلوك يفعله مؤشر على مدى العظة والعبرة والفائدة التي حققها لذاته وأكدها لغيره، وعاشها بمشاعره وأكدها بأفعاله.

"إنْ مر رمضان علينا ولم نتسلح بمشاعر الصدق والإخلاص والوفاء، فقد فاتنا حسن العمل، وخير وفير، ليس في رمضان وإنما في كل الحياة التي نحياها، فما أجمل رمضان عندما يؤكد فينا تواضع الإنسان وإحساسه بالآخرين، وإدخال الفرح والبهجة والعون وجبر الخاطر" يضيف لصحيفة "فلسطين".

ويوضح ملاخة أن أي نهي قرآني إنساني لم نجسده في حياتنا تكون حينئذ الفائدة غائبة عن عقولنا، فقد نهى الله عن التبذير والبذخ وعن العيش للذات وملذاتها وإهدار مشاعر الآخرين.

ويرى أن من الأخطاء التي يقع فيها بعض الإسراف في موائد الطعام، وهو لا يليق بمسلم يحيي رمضان حدسًا وروحًا دون تكلف بالماديات، لذلك لا بد أن نصنع على قدر الحاجة من الطعام، "ويمكن أن نأخذ مما نحب لأنفسنا من طعام فندخله على صلة الأرحام، وذوي القربى والجيران، ومن قل زاده ممن نعرف، لنكتسب أجر الصدقة وإطعام الصائم".

وينبه ملاخة إلى أن بعضًا يزيد الأمر نفورًا وخطأ فلا يكتفي بالإسراف في إعداد أصناف الطعام بل يلقيه في حاويات القمامة، وأيضًا يصور الموائد ويخدش مشاعر المتعففين، والناكرين للخطأ من السلوك، وينشرها على مواقع التواصل، وكأن رمضان شهر استعراض للطهي وجمال السُّفر.

وينصح بالابتعاد عن التبذير والتباهي والتفاخر بموائد الطعام الكبيرة.

 

اخبار ذات صلة