قائمة الموقع

وسائل التنبيه الحديثة لا تغني عن صوت "المدفع"

2020-05-02T17:46:00+03:00

لا يزال المقدسي أبو خالد العباسي (60 عامًا)، يشعر بالسعادة عندما يسمع صوت المدفع ليعلن موعد الإفطار، كما كان وهو بعمر خمس سنوات.

"وأنا طفل كنت أشعر بفرح وبهجة لا يمكن وصفها عندما أسمع صوته، ومن ثم أرى قطع القماش الملونة وهي تتطاير فوق باب العامود، فحتى يومنا هذا لا أتناول تمراتي إلى بعد أن أسمع صوت المدفع يدوي في أذني، فهو من أجمل طقوس الشهر المبارك"، يقول العباسي لصحيفة "فلسطين".

ويرى أن به حفاظا على التراث الفلسطيني، فهو طقس رمضاني لا يمكن الاستغناء عنه، ومن جماليات شهر رمضان، ويستخدم لإعلام الناس بمواعيد الإفطار والسحور خاصة القرى البعيدة عن وسط البلد التي كان يصعب عليها سماع دخول وقت الإفطار، وعند ثبوت هلال رمضان وهلال العيد أيضًا، وقد كان دافع الحاجة إليه عدم وجود مكبرات صوت، وفق حديثه.

ويقع المدفع المقدسي في المقبرة الإسلامية "مقبرة المجاهدين" في شارع صلاح الدين شرق مدينة القدس المحتلة، ويتمركز في ذلك المكان منذ العهد العثماني.

ويذكر العباسي أنه منذ 20 عامًا يستخدم القنابل الصوتية بدلًا من القماش المضغوط بالبارود الذي يتم حشوه في المدفع لإطلاقه بوجود أفراد من الشرطة، ويُصدر صوتا ضخما يسمعه كل أهل القدس، وكثيرون في البلدة القديمة ومحيطها.

وعلى الرغم من توافر وسائل تنبيه أخرى والتطور التكنولوجي، فإنه لا يفطر إلا على صوت المدفع.

وأول مدفع مقدسي تم استخدامه كان في الحقبة العثمانية، وبعدها استبدلته الحكومة الأردنية بآخر، لينقل الأول للمتحف الإسلامي في الأقصى.

ويحاول الاحتلال طمس هذا المعلم التراثي التاريخي والديني، ولكن الاستمرار في عمله حفاظ على الإرث الثقافي والطقس الرمضاني الخاص.

ولم يكن المدفع الوحيد الذي يتم إطلاقه، بل حتى الثمانينيات من القرن الماضي كان يطلق في أغلب المدن الفلسطينية كنابلس والخليل وبيت لحم وغزة والقدس، ولكن الاحتلال أوقف معظمها في الانتفاضة الأولى ومنع تصنيع البارود المستخدم.

طقس معطل

وفي غزة، يمثل المدفع العثماني موروثا تاريخيا وإسلاميا، حيث وضعته بلدية غزة على عمود خرساني وسط ساحتها، وذلك بعدما اعتاد الناس على سماع صوته لمعرفة موعدي الإمساك والفطور، وذلك حتى عام 1967م.

ويقول رئيس قسم الإعلام في بلدية غزة حسني مهنا: "كان طقسا رمضانيا مميزا لا يمكن الاستغناء عنه في رمضان والأعياد والمناسبات الوطنية، وبعد احتلال قطاع غزة توقف استخدامه".

وفي حديث مع صحيفة "فلسطين"، يشير إلى أن المدفع يعود إلى القرن التاسع عشر، ومع مرور الوقت تعرض للتآكل، وأصبح لا يمكن استخدامه لوجود نقص في بعض القطع، في حين حاولت البلدية إصلاحه لإعادة استخدامه كطقس رمضاني، لكنها لم تتمكن.

ويوضح مهنا أن له أجواء مميزة في شهر رمضان، حيث إنه يضفي جوا من البهجة والفرح، ففرحة الناس منقوصة باستقبالهم هذا الشهر لغياب المدفع منذ أعوام، إلى جانب حالة الطوارئ المفروضة وإغلاق المساجد كإجراء وقائي لمنع انتشار فيروس كورونا.

والمدفع الرمضاني جزء من التراث والعادات والتقاليد، وقد كان موجودا في أغلب المدن الفلسطينية، وعطل الاحتلال استخدامه، عدا مدفع القدس، كونه تحت رعاية وزارة الأوقاف الأردنية.

 

اخبار ذات صلة