قائمة الموقع

المقدسية عويضة.. وذكريات "رمضان زمان"

2020-04-25T20:16:00+03:00
المقدسية عويضة إلى جانب الشيخ رائد صلاح

قبيل مدفع الإفطار بوقت قليل كانت زينات عويضة تحمل أقراص العجة واللبن والمخللات من بلدتها العيسوية شمال شرق القدس المحتلة، مشيًا على القدمين حتى تصل إلى باحات المسجد الأقصى، تنتظر جدها وجدتها أمام مصطبة الكأس مقابل المسجد القبلي حتى يتناولوا طعام الإفطار.

ثم تمضي الوقت في اللعب بعد الإفطار مع باقي الأطفال حتى انتهاء صلاة التراويح في الأقصى، ثم تعود مجددًا إلى البيت برفقة جديها، وفي ميعاد السحور تعود برفقة جدتها إلى الأقصى حاملة لها طعام السحور، إذ اعتادت تناوله طيلة ليالي شهر رمضان المبارك حيث تصلي الفجر، ثم تعودان إلى بلدتهما المجاورة، كما تقول لصحيفة "فلسطين".

عويضة (64 عامًا) تعج ذكرياتها المرتبطة برمضان، حيث كانت أسعد إنسان حينما ترافق جدتها إلى الأقصى وتحمل لها طعام السحور، إذ كانت المتعة تتجلى في التجمع في الباحات لسماع صوت مدفع الإفطار، ولكن الاحتلال الإسرائيلي عكّر صفوها بجرائمه وقيوده.

كانت حارات البلدة القديمة، وباقي حارات مدينة القدس تتزين بالقناديل والزينة الورقية لاستقبال الشهر الكريم، ومع ثبوت الهلال يجوب المسحراتي الحارات ويلتف حوله الصغار الذين كانوا لا ينامون وينتظرونه، ويدق على الطبل بعصا، أو على "تنكة" من الصفيح بعصا خشبية صغيرة، وينادي على كل رب أسرة في الحارة.

ومع انتهاء رمضان وثبوت هلال عيد الفطر، كان يجوب الحارات للمرة الأخيرة، ليأخذ "الإكرامية" نقودًا يجود بها السكان، وفق حديث عويضة.

"الحكواتي" أبرز طقوس رمضان قديمًا، إذ كان يجلس أمام بيت عويضة في حارة السعدية، ويختبئ خلف الحائط ويحرك دمياته "كراكوز" و"عواظ" ويقلد أصواتهما، وكان أطفال الحارة يلتفون حوله لسماع قصصه على مدار 30 ليلة.

عويضة التي كانت ظل جدتها كانت تفطر وتتسحر طيلة شهر رمضان في المسجد الأقصى، باقي العائلة كانت تجتمع في البيت على مائدة واحدة طيلة الليالي الرمضانية، ثم يهرولون بعدها نحو الأقصى لأداء صلاة التراويح.

الملوخية والمقلوبة، والقطائف، والخروب، والعرق سوس، و"البلوظة" مهلبية الحليب أو قمر الدين، مأكولات ومشروبات ارتبطت فقط بشهر رمضان المبارك، وأصبحت من عادات المقدسيين الذين ما زالوا متمسكين بها حتى يومنا هذا، وفق حديث عويضة.

تقول عويضة: "كان من العيب قديمًا أن يشم الجيران رائحة الطعام ولا يأكلوا منه، فكانت أمي ترسل صحنًا من فطورنا اليومي للجيران، وهم يفعلون الأمر ذاته، كان التكافل والإحساس بالآخر موجود، اليوم نادرًا ما تجتمع العائلات الممتدة أو يتفقد الجار جاره، إذ افتقدنا هداة البال".

البلدة القديمة في القدس كانت عنوان رمضان الأبرز، إذ تمتلئ محالها التجارية بالمواد الغذائية المرتبطة برمضان، من مشمش مجفف، و"قمر الدين"، والخروب، والكركديه، والتمر، والمكسرات والجوز واللوز، وبسطات لبيع القطائف، وأخرى لبيع المشروبات، ولا ننسى الكعك المقدسي.

وبعد الإفطار تعج شوارع وأدراج البلدة القديمة المجاورة للأقصى بالزوار والمصلين، كانت القدس المدينة التي لا تنام ولا تهدأ الحركة بها في رمضان، إذ كان الناس يفطرون في باحات الأقصى، ويتسحرون في حاراتها أيضًا.

لن تنسى عويضة –كما تقول- هذه العادات التي بات بعضها ذكريات أصيلة في وجدانها.

اخبار ذات صلة