بحذر وخطوات محسوبة يتعامل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، مع إبرام صفقة تبادل الأسرى بجوانبها الإنسانية في ظل أزمة فيروس "كورونا" التي تهدد حياة المرضى وكبار السن منهم، لكن هذا الجانب، وفق مراقبين، آخر ما يهمه، لكونه يبحث عن مكسب سياسي فيبقى هناك تشكيك بمدى جديته ما لم يكن هناك خطوات عملية.
ورأى المراقبان، أن مبادرة رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار حركت المياه الراكدة بعدما ألقى حجرًا فيها، معلنًا في لقاء تلفزيوني على فضائية الأقصى، استعداد حركته لتقديم "مقابل جزئي" في قضية الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة، مقابل الإفراج عن الأسرى من كبار السن والمرضى والأطفال.
وبعد المبادرة، دعا نتنياهو، إلى إجراء "حوار فوري عبر وسطاء، حول الإسرائيليين المفقودين في قطاع غزة"، وهذه المرة الأولى التي تعلن فيها دولة الاحتلال استعدادها للحوار حول الإسرائيليين الأسرى في غزة.
واردة التحقق
ويعتقد المختص في الشأن الإسرائيلي، نهاد أبو غوش، أن إمكانية إبرام صفقة تبادل "واردة" ولكن ليس في ظل حكومة تسيير أعمال، فيجب أن تكون الحكومة مستقرة، خاصة مع احتمالية التوجه لخيار الانتخابات الرابعة.
ويقول أبو غوش لصحيفة "فلسطين": إن "نتنياهو سيبقى متخوفًا من إبرام صفقة جديدة لأن اليمين المتطرف وتحديدًا وزير الجيش نفتالي بينيت وكذلك زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان يمكن أن يستغلا أي "تنازل" للمزاودة على نتنياهو ومحاولة زيادة شعبيتهما.
واستدرك: لكن إذا تمكن "نتنياهو" من تذليل آخر العقبات مع بيني غانتس، سيكون الطريق مفتوحًا أمام إبرام صفقة للتبادل، يمكن أن تحظى بدعم غالبية جمهور الاحتلال الإسرائيلي عدا اليمين المتطرف، ونتنياهو يتمتع بشعبية وقوة تمكنه من إبرام الصفقة. وذكر أن دافع إجراء الصفقة ليس إنسانيًّا من جانب الاحتلال، "إذ إن آخر ما يهم حكومة الاحتلال المشاعر، فلا تتعامل مع الأمور بعوامل إنسانية ولا يهمها جنودها، لكن ما يهم نتنياهو شعبيته.
وأشار إلى أن نتنياهو يتصرف بحذر شديد في موضوع إبرام الصفقة ويحاول إحالته للطواقم المختصة، مبينًا أنه سيكون خائفا من المضي في إبرامها، ما دام أن هناك شبه توجه لانتخابات رابعة.
وحول أسباب دعوة نتنياهو الوسطاء للتحرك، رأى أبو غوش أن ما يجري تحت الطاولة أوسع مما يتم في العلن، لكن نتنياهو يريد تهيئة الجمهور الإسرائيلي وهذا تفسيره أن هناك ضغطًا من عائلات الجنود الإسرائيليين ومستويات مختلفة تطالب بمعرفة مصير الأسرى بغزة.
ضغط إسرائيلي
وبين المختص في الشأن الإسرائيلي، فرحان علقم، أن هناك أصواتًا إسرائيلية تطالب حكومة الاحتلال بالاستجابة لمبادرة السنوار، والتعامل معها بجدية، وفي الوقت نفسه تشكك بمدى جدية نتنياهو في تعامله معها، وتطالبه بالتعامل معها بالمبدأ الإنساني نفسه وليس من ناحية تحقيق مكاسب سياسية.
وقال علقم لصحيفة "فلسطين": "هناك من يرون أن مطالب حماس معقولة أي أنها مستعدة للإفراج عن بعض المعلومات عن مصير الجنود مقابل إطلاق سراح أسرى من كبار السن والنساء ومرضى، ويمكن البناء عليها في تحقيق اتفاق تهدئة".
وأضاف أن الفترة القادمة حاسمة بهذا الملف، فإذا كُلف نتنياهو بتشكيل الحكومة من قبل رئيس دولة الاحتلال خلال 28 يومًا ونجح في الحصول على مقعدين سيكون هناك فرصة لإبرام صفقة، وإذا لم يكلف وصار التوجه لانتخابات رابعة فسيتجمد الملف لأنه سيكون بصفة حكومة تسيير أعمال ولا يستطيع اتخاذ قرارات استراتيجية.
لكن ربما تسلسل الأحداث، كما تابع المختص ذاته، يطرح نفسه على الاحتلال بشكل لا يستطيع رفضه، أي أن الظروف قد تفرض نفسها على الاحتلال لدفعه للمزيد من المرونة استجابة للمطالب الإنسانية، مشيرًا إلى أن تحرك روسيا ومصر قد يجبر نتنياهو على اتخاذ خطوات عملية.