مع التزام البيوت للوقاية من جائحة فيروس كورونا المستجد، يقضي المعظم وقت فراغ طويلًا، كان يستثمر سابقًا في الدراسة والعمل، والتدريب، والتطوير، واليوم بعد تعليق الدوام في المدارس والجامعات وكثير من الوظائف لم يعد أمام كثيرين ما يفعلونه سوى تصفح منصات التواصل الاجتماعي، لكن هل هذه الطريقة المثلى للتعامل مع وقت الفراغ؟

وكيف يمكن للكبار الاستثمار الإيجابي للوقت، وتنمية الجانب الذاتي، والعلمي، والإيماني، والتطوعي، والثقافي لدى الشخص، مع الحفاظ في الوقت نفسه على الترفيه المثمر مع العائلة لزيادة الأواصر الاجتماعية، وإعادة الترابط بين أفرادها؟

يذكر مدرب التنمية البشرية معتز صافي أنه على المستوى الذاتي على الشخص مراجعة وأرشفة أوراقه ووثائقه، وأن يصنّف أغراضه (ملابس، ومقتنيات ..)، والتخلص من القديم منها، ويراجع هاتفه (قائمة الاتصال، والواتس، والمجموعات، وحساباته في وسائل التواصل ... إلخ، لتصنيفها والتخلص من الفائض منها.

ويدعو إلى التفكير في المشاريع التي بدأها الشخص، وتوقف عنها بسبب الانشغال.

أما في المجال الأسري فينصح صافي بالمكوث أكثر مع الأبناء، والإخوة، والأخوات بجلسة ودية من قرب، بعيدًا عن الهاتف والملهيات الأخرى.

ويقترح ممارسة الألعاب والمسابقات معهم، واستذكار قصص ومواقف من حياتك وذكرياتك وتجاربك في الماضي معهم، لاستخلاص أهم الدروس والخبرات.

ويشير صافي إلى أهمية التواصل مع الأقارب والعائلة ممن هم بعيدين عنك، أو قصرت في التواصل معهم سابقًا.

وينصح ببث أمور إيجابية في يوميات الأبناء، بوضع جدول تنافسي لهم أو للأسرة عامة، تحدد فيه أهم الجوانب للاستفادة منها، ومتابعتها يوميًّا.

وفيما يتعلق بالجانبين الإيماني والتطوعي، ينصح صافي بتحديد ورد من القرآن يوميًّا (جزء، أو صفحة ...)، مع عدم إغفال الأذكار اليومية (الصباح والمساء، والتسبيح، والاستغفار، والدعاء ..).

ويلفت إلى أن الشخص يمكنه الاستعداد والتهيئة لبرنامج رمضان الإيماني، منذ اليوم، ويمكنه المساهمة في الأعمال التطوعية والخيرية ما استطاع.

مهارة ورياضة

ومن المهم أيضًا عدم إهمال الجانبين المهاري والرياضي، إذ ينصح صافي بتعلم مهارة جديدة (لعبة، أو طبخة جديدة، أو العمل على برنامج إكسل/ فوتوشوب/ ...).

ويؤكد أهمية ممارسة رياضة منزلية يوميًّا ربع ساعة على الأقل.

وتغذية الروح لا تقل أهمية عن غذاء المعدة، وتأتي بالاهتمام بالجانب الثقافي والعلمي، إذ يوضح صافي أن ذلك يتجلى بتحديد كتاب يقرأ صفحة أو صفحات منه يوميًّا.

ويذكر أن الدورات والبرامج التي تفيد في مجال كل شخص متوافرة عبر موقع (يوتيوب)، ويمكن مشاهدة ساعة أو أقل يوميًّا، واختيار مسلسل تاريخي أو علمي أو ترفيهي "نافع ومفيد ذي قيمة" للمتابعة اليومية.

ويلفت مدرب التنمية البشرية إلى أن الشخص لن يجد فرصة أكثر مناسبة من الحجر لكتابة الأفكار، وتدوين تجارب الحياة الواقعية والتحقق من أهدافه بالحياة، ما يخفف وحدته، وقد تكون فرصة لمشاركته في كتابة التاريخ وكيف قاوم ضمن البشرية ذلك الفيروس.

ويؤكد ضرورة البحث عن الأخبار واستقائها من مصادر موثوقة ورسمية، وتجاهل ما يُتداول عبر منصات التواصل الاجتماعي عن مرض كوفيد-19 إذا صدر عن غير الجهات الرسمية، لمعرفة كل الإجراءات الوقائية التي يجب أن يلتزم بها حتى لا يصيبه الفيروس.

تجربة رائد الفضاء

مع الحجر المنزلي الذي يطبقه الناس طواعية للحد من انتشار فيروس كورونا، خرج رائد الفضاء الأمريكي سكوت كيلي، ليصف كيف عاش وحيدًا في محطة الفضاء الدولية نحو 360 يومًا.

عن ذلك يقول كيلي ساردًا تجربته: "من المهم تحديد جدول زمني لتساعد نفسك وعائلتك أيضًا على التكيف مع الحياة المنزلية أيامًا متتالية، سواء أكنت تعمل أم تقوم بنشاط آخر من داخل البيت، وستحتاج لتخصيص وقت للأنشطة الترفيهية والممتعة، كمشاهدة الأفلام والتواصل مع الأصدقاء، وتخصيص وقت لوثائقيات المناظر الطبيعية، ولا تغفل هوايتك كالقراءة أو سماع الموسيقا".

ويؤكد كيلي أنك لن تجد فرصة أكثر مناسبة من العزل لكتابة أفكارك، وتدوين تجارب حياتك الواقعية، ما يخفف وحدتك، وقد تكون فرصة لمشاركتك في كتابة التاريخ وكيف قاومت ضمن البشرية ذلك الفيروس، علاوة على البحث عن الأخبار واستقائها من مصادر موثوقة ورسمية.