أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، أن حركته أخذت على عاتقها التصدي لجائحة كورونا في القطاع بالإمكانيات المتاحة، وبالسرعة القصوى.
وقال السنوار خلال لقاء تفاعلي عبر فضائية الأقصى، مساء اليوم، إنه في 5 فبراير/ شباط الماضي، اتخذ القرار لتجهيز مكان للحجر الصحي في رفح جنوب قطاع غزة، بواقع 45 غرفة، بتكلفة 130 ألف دولار، وشكلنا لجنة على رأسها عضو المكتب السياسي لحماس روحي مشتهى، ووكيل وزارة الداخلية والأمن الوطني اللواء توفيق أبو نعيم، ووكيل وزارة الصحة يوسف أبو الريش، لحجر كل وافد من خارج قطاع غزة.
وبين السنوار أن السيطرة على معابر وحواجز قطاع غزة للأفراد والبضائع ممكنة، ومستوى الاحتكاك محدود، لذلك من السهل السيطرة على تفشي كورونا، فيما الأمر في الضفة الغربية المحتلة بالغ الصعوبة لكبر المساحة الجغرافية وسهولة الاحتكاك، مؤكدا أن كل مواطن هناك عليه الالتزام بالبيت والتعليمات المستمرة.
وبشأن تقسيم المحافظات في قطاع غزة أو فرض حظر التجوال، قال إن الوضع في قطاع غزة مختلف عما في مكان آخر، وذلك لأننا نجحنا في مكافحة تفشي الفيروس قبل انتشاره بإجراءات احترازية مبكرة، مشيرا إلى أنه لم تسجل أي إصابة من داخل قطاع غزة حتى الآن، وكل الحالات التي سجلت كانت من الوافدة، وقد خضعت للحجر الصحي.
وذكر أنه تم تمديد مدة الحجر الصحي و"لن يغادر أحد مراكز الحجر الصحي إلا إذا تم فحصه مخبريًا"، مطالبا الجهات المانحة بتزويد القطاع بأجهزة التنفس الصناعي، وكل المعدات الصحية اللازمة لمواجهة أزمة كورونا.
ودعا المواطنين للالتزام بأقصى ما يستطيعون بالإرشادات الصحية، وتقليص الحركة، والابتعاد عن التجمعات والاكتظاظ، والتكافل الاجتماعي والاهتمام بالجيران والأقارب، وتقليص النفقات لنعطي أنفسنا قدرة لمواجهة الأزمة لأطول مدة.
وأضاف "أمرنا بتأمين المخزون الاستراتيجي للسلع، وطلبنا من البنك الوطني، وبنك الإنتاج وقف الخصومات، لكنهم غير قادرين لأننا طلبنا منهم تحويل مخزونهم المالي لحالات الطوارئ"، مردفا "سنستمر في مساعدة العائلات الفقيرة من خلال المنحة القطرية، ورفع الضرائب عن السلع الأساسية".
ونبه السنوار إلى أن البضائع القادمة لغزة يتم تعقيمها أولا بأول قبل وصولها للمخازن أو المواطن، مبينا أن هناك عدة مبادرة لتشكيل أشبه بصندوق تكافلي لمساندة المواطنين المعوزين في هذه الجائحة القائمة. وأردف "اتخذنا قرارًا بتخفيض أسعار المحروقات في قطاع غزة أسوة بالضفة الغربية المحتلة تمامًا".
وعن عدم إغلاق قطاع غزة إغلاقا كاملا، أوضح أنه لا يمكن الحكم على الناس بالموت، فهناك مرضى بحاجة إلى جرعات علاجية في الخارج، حيث الحصار الإسرائيلي المشدد المتواصل على القطاع منذ 13 عاما أدى إلى تهالك القطاع الصحي، وعدم توفر العلاج اللازم للكثير منهم، لذلك "لا يمكن الحكم على هؤلاء الناس بالموت".
وشدد أنه في المقابل يجب على من يعود لغزة من الخارجين للعلاج الالتزام بالحجر الصحي عند العودة، مبينا في الوقت ذاته أنه لا تفريق بين مواطن وآخر على لون سياسي أو غيره.
وقال السنوار إنه تم فرض الحجر الإجباري في مناطق متفرقة في قطاع غزة، وكنا نعلم أننا سنواجه بالرفض من سكان المناطق، ونعلم أننا نواجه فقرا كبيرا في الإمكانيات، لكن حاولنا قدر الإمكان توفير أماكن بشكل مبدئي، وقد "شهد أول يومين ارتباكا في العمل" لكن الأمور سارت فيما بعد على ما يرام وبأفضل ما أمكننا ذلك".
وعن دعم السلطة والمعونات الخارجية لمكافحة كورونا في غزة، بين أنه وصل من وزارة الصحة برام الله إلى غزة (2 كت) أي 192 مسحة لعملية الفحص، وهو رقم ضيئل جدا بالنسبة لفيروس يغزو العالم بهذا الشكل، إضافة إلى 1500 "عود فحص" مع أنابيب فحص بقيمة 4000 دولار بإعلانٍ من وزيرة الصحة هناك.
وحول إن كان هناك خطة طوارئ في قطاع غزة، أوضح السنوار أنه تم وضع خطة طوارئ بمرجعية حكومية من كل من وزارة الداخلية، ووزارة الصحة، والوزارات المعنية، موضحا أن القطاع يعاني كثافة سكانية هائلة، مع وجود العادات والتقاليد الخاصة بسكانه، مع تهالك القطاع الصحي بسبب الحصار وإجراءاته، وأن تفشي الفيروس يعني القضاء على الآلاف. واعتبر أن مقاومة الوباء "هي دفاع عن مشروع وطني قومي" لحماية شعبنا ومقاومتنا رأس الحربة.
وتابع "نعمل على أن يبقى قطاع غزة خاليًا من المرض، وحتى الآن نجحنا في تحقيق هذا الهدف، ومسؤولية مواجهة هذا الفيروس مسؤولية وطنية لكل شخص فينا أن يلتزم بالإجراءات على أكمل وجه"، مردفا أن "قائد كتائب القسام أبو خالد الضيف يتابع عن قرب هذه الأزمة، وأعطى تعليماته بتجنيد كل مقدرات الكتائب للمساعدة في تجاوزها".
مقايضة الاحتلال
وعن مقايضة وزير جيش الاحتلال نفتالي بينيت غزة بإدخال ما يلزمها لمكافحة كورونا بالإفراج عن جنوده الأسرى في غزة، أكد السنوار أن قادة الاحتلال ديدنهم الإجرام والمقايضة واللاإنسانية.
وقال إن الاحتلال إن لم يلتزم بمطالب قطاع غزة، وإذا ما هدد الفيروس المواطنين واستمر الاحتلال في حصاره، فإن 6 مليون إسرائيلي "سينقطع عنهم النفس"، وإذا ما أصابنا السوء "لا قدر الله، فإننا سننتزع ما يلزمنا خاوة (إجبارا) من أنياب الاحتلال".
وحول إمكانية إبرام صفقة تحرير الأسرى، أكد السنوار أن قضية الأسرى على رأس الأوليات ولا تغيب عن الأجندة، وليس لدى الاحتلال من يدفع كلفة ذلك مع عدم استقرار الوضع السياسي لديه.
وأضاف أنه "يمكننا أن نقدم تنازلًا جزئيًا في موضوع الجنود الأسرى لدينا مقابل إفراج الاحتلال عن الأسرى كبار السن والمرضى كمبادرة إنسانية في ظل أزمة كورونا، أما الثمن الكبير للأسرى جميعهم فهو كبير يجب على الاحتلال أن يدفعه، لافتا إلى أن الشرط الأول لبدء المفاوضات مع الاحتلال هو الإفراج عن محرري "صفقة الأحرار".
وقال "نحن وقيادة كتائب القسام نراقب الحالة الصحية لأسرانا في سجون الاحتلال، وقد نتخذ إجراءاتٍ كبيرةً في حال تقاعس الاحتلال في حماية الأسرى صحيًّا".
ونبه السنوار إلى أن المقاومة في غزة رغم كل المعيقات والمهددات، تعد عدة التحرير "ومقاومتنا بخير، وشباب كتائب القسام يعملون ليل نهار في الإعداد والتجهيز، ولا تقلقوا على المقاومة في قطاع غزة".
وذكر أن الوضع المالي للحكومة وحركة حماس في غزة صعب جدًا و"على الرغم من ذلك تم تخصيص مليون دولار لتوزيعها على 10 آلاف عائلة تعمل بالمياومة".
واعتبر أن كورونا عرّى العالم وخاصة الدول المتقدمة، وجعلها ضعيفة هشة أمام الفيروس.
وبشأن الموظفين الحكوميين، قال السنوار إننا ننظر إليهم كجزء أساسي في خط الدفاع الأول لمكافحة كورونا، في حفظ أمن وصحة المواطنين، وملاحقة العملاء، وتعليم أبنائنا "وجميعهم يعيشون على حد الكفاف، وما تصرفه وزارة المالية من نسبة 40% من رواتبهم هو ما تستطيعه في ظل الأزمة المستمرة، وسنبذل كل ما يمكننا لدعمهم ومساندتهم، فهم جنب إلى جنب مع حاضنتنا الشعبية المهمة لنا".
وتابع "لو استطعنا أن نجعل راتب الموظفين 41% فلن نتخلى عن ذلك، ونعبر عن عظيم شكرنا وتقديرنا لهؤلاء المقاتلين "الموظفين" الذي لا تقل أعمالهم عن أعمال المقاومين، إلا أن هناك أزمة حقيقية في موضوع رواتبهم، والبلد جميعها بأزمة بسبب الحصار".
وبشأن فلسطينيي لبنان، ذكر السنوار أنهم يعيشون حياة صعبة وقاسية في مخيماتهم وأن حركته لن تتركهم في محنتهم، مطالبا إياهم بالالتزام بإجراءات الوقاية من كورونا حتى مرور هذه الأزمة، ومواصلة الكفاح من أجلهم.
وتقدم السنوار بأحر التعازي لذوي الشهيد إسلام دويكات، وللأسير القائد في كتائب القسام إبراهيم حامد بوفاة والدته اليوم، ولأهل المناضلة تيريزا هلسة، ولذوي القيادي في حركة فتح عبد الله أبو سمهدانة، وذوي المتوفين بفيروس "كورونا" في فلسطين والوطن العربي والإسلامي.
وعبر عن عظيم تقديره للواء أبو نعيم الملتزم بالحجر الصحي على الرغم من أن نتيجة فحصه من فيروس كورونا كانت سلبية، وللأسير المحرر نور الدين صرصور المصاب بكورونا، وتحيته للأسرى الثلاثة الذين تحرروا من سجون الاحتلال والتزموا بالحجر الصحي.
وأعرب عن شكره لدولة قطر على مساعدتها ووقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني، باعتماد المنحة التي تساعد العائلات الفقيرة، عدا عن المساعدة في حل جزئي لأزمة الكهرباء.