لم يكن اهتمام حسني محمد العطار (61 عامًا) وتأليفه للكتب في علوم شتى، واهتمامه بالقضايا الوطنية والقدس، حديث العهد، بل جاء امتدادًا لجذور عائلته التي سجلت اهتمامها البالغ بالقضايا الوطنية والعلوم الشرعية منذ بداية القرن الماضي.
مؤلفاته العديدة في مجالاتٍ متنوعة ستبقى حبيسة الأدراج، ما لم يتبنّ أحد نشرها ودعمها ماليًا من أجل خروجها للنور، وحتى تلك اللحظة، وفي ظل شعوره بعدم تقدير الجهات المعنية للعلم والعلماء، وصل إلى قناعة, أن ما يكتبه جهد ضائع.
العطار الذي بدأ شغفه في القراءة والكتابة منذ صغره، تعود أصوله إلى بلدة يبنا، وولد في مدينة رفح التي هاجر إليها ذووه، وتلقى فيها تعليمه الأساسي والإعدادي، لكنه اختار دراسة الثانوية العامة في القدس.
وشكلت السنوات الثلاث التي سكن خلالها القدس أثناء دراسته في مدرسة ثانوية الأقصى الشرعية وكان مديرها آنذاك مفتي فلسطين الدكتور عكرمة صبري، علامة فارقة في حياته، وعشقه للقدس.
وحصل العطار على بكالوريوس الفلسفة الإسلامية والعامة في جامعة الأزهر بالقاهرة، ثم بكالوريوس الحديث الشريف من الجامعة الإسلامية بغزة ثم ماجستير تخصص مذاهب معاصرة.
ولم تطُل فترة عمله في مدارس الوكالة في برنامج الصمود، ليضطر للمغادرة للعمل في ليبيا معلمًا للغة العربية والتربية الإسلامية، هروبًا من ضيق المعاش ومضايقات الاحتلال الإسرائيلي، على خلفية عمله خطيبًا في مساجد رفح وتعرضه للاعتقال، ومصادرة أجزاء كبيرة من مكتبته.
عاد العطار إلى غزة عام 1996 وعمل معلمًا في الحكومة حتى عام 2016، وتعرض لظلم كبير عام 2007 بقطع راتبه على خلفية انتمائه السياسي ومناصرته للحركات الإسلامية.
العطار أوضح في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن عائلته تشتهر باهتمام أبنائها بالعلم الديني الشرعي، وخرجت الكثير من العلماء، منهم جده أحمد عبد الرحيم العطار من كبار علماء فلسطين، وعماه علي العطار رئيس بلدية يبنا قبل احتلال فلسطين، والعالم الأزهري رجب العطار، وعمّاه فوزي وسليمان العطار اللذان تتلمذا على يد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين الشيخ حسن البنا، وكان لهم دور مهم في الجماعة.
وقال: "قدرٌ جميلٌ أنني ولدت في مكتبة لأعمامي في مدينة رفح وبدأت أكبر شهرًا بعد شهر وأمامي الكتب أقلّبها ولا أعرف ماذا فيها، حتى تعلمت القراءة والكتابة وبدأت أقرأ الكتب مع انجذاب نفسي إليها بطريقة لافتة".
ولفت العطار إلى أن مكتبته في منزله الواقع في حي يبنا بمحافظة رفح جنوبي قطاع غزة، تضم أكثر من 4500 كتاب جلبها من دول عدة، مشيرًا إلى أنه قرأ معظمها، وقرأ أضعاف ما فيها، خاصة أن الظروف المادية لم تمكنه من شراء جميع الكتب التي أعجب بها.
وذكر أن أول كتاب ألفه ضمن مسابقة في الجامعة الإسلامية في عام 1984 بعنوان "الماسونية.. أخطر الجمعيات السرية"، قائلًا: "تنوعت اهتماماتي في الكتابة الدينية حتى وصلت لهذا الكم الكبير، نحو 57 مؤلفًا، منها ما هو مطبوع ومنشور في مصر ومعظمها ينتظر الدعم والخروج للنور".
وطالب وزارة الثقافة الفلسطينية والمنتديات العلمية والأدبية وأصحاب رؤوس الأموال بالاهتمام بالعلم والعمل على نشر المؤلفات، قائلًا: "أبذل جهودًا كبيرة وأواصل الليل بالنهار من أجل البحث والكتابة، لكن معوقات النشر تقف سدًا منيعًا أمام انتشار المؤلفات وتوزيعها".
وحول مؤلفاته قال: "كتبت في صنوف الفكر والثقافة، كتبت في قضية فلسطين، والتفسير، وعلوم القرآن، وعلوم الحديث، والفقه، والتاريخ، والدراسات الأدبية"، لافتًا إلى أنه تقدم في مسابقات داخل فلسطين وخارجها وحصل على المراتب الأولى ونال جوائز مالية واعتبارية.
ولفت العطار إلى أن جميع مؤلفاته مُحكمة أكاديميًا وفق مناهج البحث العلمي من أساتذة كبار في الجامعات المختلفة، وبعضها منشور في المكتبة الشاملة ومكتبة السنة النبوية الإلكترونية.
وأشار إلى أن مكتبته في المنزل مفتوحة أمام الباحثين في الأدب واللغة العربية والعلوم الإسلامية والفلسفة، قائلًا: "حتى اليوم لا أتورع عن جلب كتب جديدة لإثراء المكتبة بكل جديد، ولا أبخل على الكتاب بمالي".
وأوضح أنه ألف نحو سبعة كتب في القضية الفلسطينية، وكانت أبرز العناوين "القضية الفلسطينية رؤية إسلامية، القدس بين التهديد والتهويد، القدس ماضٍ مجيد ومستقبل موعود، فضائل بيت المقدس في الكتاب والسنة، الوعد الإلهي لليهود في امتلاك فلسطين".
وقال العطار: "كما تناولت في كتاب آخر وصف مدينة القدس: شوارعها ومبانيها ومؤسساتها ومقابرها وكل أحيائها ومعالمها، خاصة أنني عشت في القدس لمدة ثلاث سنوات".