كشف جهاز الأمن الداخلي، مساء اليوم الإثنين، النقاب عن اعتقال عدد من عملاء الاحتلال الذين كلّفهم بمراقبة فعاليات مسيرات العودة وكسر الحصار على الحدود الشرقية لقطاع غزة، وأثر هذه المسيرات على دولة الاحتلال الإسرائيلي.
جاء ذلك خلال فيلم قصير نشره الجهاز، استعرض الصراع الأمني بين جهاز الأمن الداخلي ومخابرات الاحتلال الإسرائيلي في مسيرات العودة على مدار العامين الماضيين منذ انطلاقها نهاية شهر آذار/ مارس من العام 2018.
أقدم وأهمّ العملاء
وقدّم الفيلم مشهداً تمثيلياً يُحاكي عملية اعتقال جهاز الأمن الداخلي لأحد المشتبه بهم في رصد ومراقبة مسيرات العودة، وقد أظهرت التحقيقات أنه من أقدم وأهم العملاء المُجندين من قبل المخابرات الإسرائيلية.
كما كشف الفيلم تفاصيل أحد العملاء، الذي يحمل الرمز M12 ويبلغ من العمر 60 عاماً، وقد ارتبط بالمخابرات الإسرائيلية منذ عام 1994.
وتطرق لأبرز اعترافات المتخابر M12 حول المهام المُكلف بها وضباط مخابرات الاحتلال المُشغلين له، حيث تعامل عام 1994 مع الضابط "أبو داود"، وفي 2009 مع الضابطين "جلال وجهاد"، وفي 2016 كان على تواصل مع الضابط "شفيق"، فيما كان يتواصل عام 2017 مع الضابطين "زاهر ورياض".
وكشف الفيلم عن صورة لضابط المخابرات الإسرائيلية "شفيق" والذي يعمل في حاجز بيت حانون شمال قطاع غزة، حيث اعترف المتخابر M12 أنه قابل الضابط المذكور منتصف شهر ديسمبر من عام 2016، في حين كانت المقابلة الثانية في بداية شهر يونيو 2017 والمقابلة الثالثة في مدينة "نتانيا" في الأراضي المحتلة.
ولفت المتخابر في اعترافاته إلى أن ضابط المخابرات "شفيق" طلب منه تقديم معلومات حول عدد من رجال المقاومة، وعن العاملين في جهاز الأمن الداخلي، وعن أشخاص يعملون في الشرطة الفلسطينية.
وذكر أنه تواصل في شهر مايو 2018 مع ضابط يُدعى رياض وقدم معلومة له عن مكان لإطلاق صواريخ للمقاومة من خلف منزل في محيط سكنه.
تحضيرات المسيرات
وفي هذا الصدد، كشف الفيلم عن اتصال هاتفي جرى بين المتخابر M12 وضابط المخابرات الإسرائيلية "رياض" في إطار تكليفه بمهام متابعة مسيرات العودة ومراقبة نشطائها.
وورد في الاتصال الهاتفي بين العميل وضابط المخابرات سؤال الضابط له حول معلومات عن أماكن تجمع نشطاء مسيرات العودة وتحضيراتهم المسبقة لفعاليات أيام الجمعة.
وردًّ عليه المتخابر: "لحتى الآن لا آخر النهار ممكن تعرف، هما دايما طبيعة الحال بندهوا من بعد الظهر أو العصر إذا في بكرة انه بتواجدوا هناك أو بصير مسيرة أو اشي".
ويروي المتخابر في اعترافاته أن ضابط المخابرات كان يسأله عن التحضيرات التي تتم كل جمعة لتنظيم مسيرات العودة، ودعوة الجماهير للتوجه إلى الحدود للمشاركة في هذه الفعاليات، والتعرف على الشباب الذين يجلبون الإطارات المطاطية "الكوشوك".
ويضيف: "أوصلت معلومة للمخابرات أن يوم 14-5 يوم صعب وفيه شباب بكرة حيقصوا السلك ويدخلوا جوا".
وتابع ضابط المخابرات اتصاله الهاتفي بالعميل بقوله: "بصير خير شوف علي كيف يخوي .. خلينا إذا أنت اليوم بتسمع كمان شغلة طبعاً بلغني"، فرد عليه المتخابر "طبعاً طبعاً !".
وكشف الفيلم عن اتصال هاتفي آخر جرى بين المتخابر M12 وضابط المخابرات الإسرائيلية "أبو الأمير"، ورد فيه إدلاء المتخابر بمعلومات بقوله "إذا صار فيه اشي ضروري صار ميكرفونات اليوم أو اشي تهيئة لبكرة بلغني حتى لو اليوم انا بتصل عليك عادي، لو أنا معي خبر في من هالنوعية اشي".
ومضى يقول: "أنا بعرف أقدر من تعون الكوشوك وتعون السلك .. هدول لما بكونوا جاهزين يوم الخميس العصر دايما بكونوا في نص البلد بتجهزوا لشغل الجمعة، إذا بشوف أنهم بتهيأوا معناه في شيء، أنا مش حستنى ولا دقيقة بتصل عليك ببلغك أنه في تحركات وتحضيرات لبكرة".
مشاريع وُطرق
أما المتخابر الثاني الذي كلفته مخابرات الاحتلال بمراقبة مسيرات العودة فيحمل الرمز R24 ويبلغ من العمر 63 عاماً، فقد ارتبط بمخابرات الاحتلال منذ عام 2016، وكان على تواصل مع ضباط التشغيل "أبو الأمير وأبو نعيم وأوري".
وقال المتخابر R24 : "ضابط المخابرات الإسرائيلي أبو الأمير قال أنه احنا دفعنا فلوس كتير في غزة على أن يثور الناس على حكومة غزة، لكن للأسف كل المشاريع وكل الطرق التي استخدمناها فشلت، والناس بدل ما تثور على الحكومة في غزة توجهت للحدود تعمل لنا مشاكل هناك".
ويُشير إلى أن ضابط المخابرات سأله هل يوجد أمن من غزة يُتابع مسيرات العودة، فرد عليه "يُوجد أمن بكثرة".
وتابع: "رئيس الإدارة المدنية كان رده على أن مسيرات العودة أحدثت خللاً كبيراً لدولة (إسرائيل) وأثرت عليهم وأفقدتهم السيطرة"، لافتاً إلى أنه كان يُركز بأن هذه المسيرات أثّرت على جيش الاحتلال وجنوده وانتشارهم المستمر على حدود قطاع غزة.
ومضى يقول: "رئيس الإدارة المدنية كان دائماً منزعجاً من مسيرات العودة وأنها أثرت عليهم في كافة النواحي الاقتصادية مما دفع المستوطنين من سكان غلاف غزة لتنظيم احتجاجات نتيجة تأثير هذه المسيرات عليهم، حتى أنهم صاروا يهربون إلى تل أبيب".
وتحدث المتخابر R24 ضمن اعترافاته أن ضابط المخابرات "أبو الأمير" أبلغه أن قطاع غزة تعرض لحروب واجتياحات كثيرة لكن جيش الاحتلال فشل في كسر هيبة سكان غزة، وأن جهاز الأمن الداخلي "أحرجهم" وتسبب في فشل عدة ضباط من مخابرات الاحتلال.
وتوجه أحد المتخابرين برسالة في ختام الفيلم بقوله "أنا شخصياً ما كنت في يوم من الأيام أتوقع أنه نكشف".
فيما اختتم الفيلم بعبارة "سيبقى جهاز الأمن الداخلي درعاً وسيفاً"، كما وجه الجهاز التحية لأبطال مسيرات العودة وكسر الحصار الذين أربكوا الاحتلال وقيادته.