قال تقرير لوكالة رويترز إن صناديق الثروة السيادية الخليجية قد تشهد انخفاضا في أصولها بنحو 300 مليار دولار نهاية العام الجاري، في حين تتجه صناديق الدول المنتجة للنفط عبر العالم إلى التخلص من أسهم قيمتها 225 مليار دولار بعد أن أثرت أسعار النفط المتهاوية ووباء فيروس كورونا على إيرادات تلك الدول.
ونقلت الوكالة عن خبير الإستراتيجية في "جي بي مورغان" نيكولاس بانيجيرتزوجلو قوله إن انتشار الفيروس بوتيرة سريعة أحدث اضطرابا في الاقتصاد العالمي، ودفع الأسواق للهبوط، وكبّد صناديق الثروة السيادية سواء في الدول النفطية أو غير النفطية خسائر في الأسهم تقترب قيمتها من تريليون دولار.
وأفاد التقرير بأن الحكومات في تلك الدول تواجه مشكلة مالية مزدوجة تتمثل في انخفاض الإيرادات بسبب الهبوط الحاد في أسعار النفط وارتفاع الإنفاق بسبب الوضع الاستثنائي.
وقال بانيجيرتزوجلو إن من المرجح أن تكون صناديق الثروة السيادية، باستثناء صندوق الثروة النرويجي، قد تخلصت من أسهم قيمتها بين 100 و150 مليار دولار في الأسابيع الأخيرة، وإن من المرجح بيع ما قيمته بين 50 و75 مليار دولار أخرى في الأشهر المقبلة.
ويتعين على معظم الصناديق القائمة على النفط الاحتفاظ بسيولة احتياطية كبيرة تحسبا لاحتمال انهيار أسعار الخام، الأمر الذي قد يدفع الحكومات إلى طلب أموال، وفق تقرير رويترز.
ولا يجري الكشف بالضبط عن حجم استثمارات صناديق الثروة السيادية أو أدوات هذه الاستثمارات، بل إن الكثير منها لا يكشف عن قيمة الأصول التي يديرها.
بحسب تقرير رويترز، تمثل الصناديق القائمة على ثروة الطاقة والمدعومة من الدول نسبة كبيرة من الأصول الإجمالية لصناديق الثروة السيادية البالغة نحو 8.40 تريليونات دولار التي تراكمت لكي تكون حصنا تلوذ به الدول عندما تنضب الإيرادات النفطية.
وأصبحت الصناديق السيادية أطرافا رئيسيا في أسواق الأسهم العالمية، حيث تمثل ما بين 5% و10% من إجمالي هذه الأسواق ومصدرا مهما للدخل لمديري الأصول في وول ستريت.
وقال التقرير إن حكومات عدد من دول الخليج، بينها السعودية وأبو ظبي بالإضافة إلى نيجيريا وأنغولا، تأثرت بشدة بانخفاض الأسهم العالمية بما يقرب من 20%، مضيفا أن موازنات هذه الدول تتعرض لضغوط بسبب انخفاض أسعار النفط الذي اقترب من الثُلثين هذا العام.
ونقلت الوكالة عن كبير خبراء الاقتصاد لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد التمويل الدولي جابريس إراديان إن صناديق الثروة السيادية الخليجية قد تشهد انخفاض أصولها بمقدار 296 مليار دولار بنهاية العام الجاري.
وتشكل خسائر سوق الأسهم حوالي 216 مليار دولار من هذا الانخفاض، في حين سحبت الحكومات التي تعاني من شح السيولة 80 مليار دولار أخرى.
وقد عرضت البنوك المركزية في السعودية والإمارات وقطر حوافز تبلغ قيمتها الإجمالية 60 مليار دولار، رغم أن توقعات شح السيولة فرضت ضغوطا على العملات الخليجية المربوطة بالدولار الأميركي منذ عشرات السنين.
ونقلت رويترز أيضا عن داناي كيرياكوبولو كبيرة الاقتصاديين بالمنتدي الرسمي للمؤسسات النقدية والمالية، وهو مؤسسة بحثية، قولها "من الأسئلة المطروحة ما إذا كان بعض هذه الأموال سيستخدم في دعم العملات إذ إن بعض الأطر القانونية تتيح ذلك".
وأضافت "في السنوات العشر السابقة نقلت بعض الدول احتياطات من بنوكها المركزية إلى الصناديق السيادية، الأمر الذي سمح لها بالاستثمار في أصول محفوفة بمخاطر أكبر، إذ غن لديها قدرا أكبر من المرونة".
وتابعت "أما الآن فربما تكون تلك مشكلة لأن لديك احتياطات أكبر في الصندوق السيادي مما لدى البنك المركزي عندما تحتاج للاحتياطات للدفاع عن العملة".
والسعودية من بين الدول التي نقلت في السنوات الأخيرة احتياطات من بنكها المركزي لدعم صندوق الاستثمارات العامة، وهو أداة الاستثمار السيادي في المملكة ويملك حصصا في شركة أوبر وشركة لوسيد موتورز لصناعة السيارات الكهربائية، وكانت أصوله المدارة تبلغ نحو 300 مليار دولار في 2019.
وفي العام 2015 الذي شهد الانهيار السابق في أسعار النفط، عمد البنك المركزي السعودي، الذي كان يشرف حينذاك على شريحة أكبر من استثمارات المملكة لا سيما في الأوراق المالية مثل سندات الخزانة الأميركية، إلى تخفيض أصوله الخارجية بأكثر من 100 مليار دولار لتغطية عجز ضخم في موازنة الدولة.