في منطقة مثل قطاع غزة المنهكة جراء الحصار والحروب الإسرائيلية، كان يتوقع أن يغزوه فيروس "كورونا- Covid 19"، وينتشر فيه كالنار في الهشيم، بفعل حالة الازدحام السكاني، في مساحة لا تزيد عن 365 كيلومتر مربعًا، يقطنها أزيد من مليوني نسمة.
لكن الإجراءات التي اتبعتها الجهات الرسمية بغزة، وفي مقدمتها وزارتا الصحة والداخلية حالت دون انتشار المرض، رغم اكتشاف حالتين لرجلين عادا من باكستان، وكشف لاحقًا عن إصابة 7 حالات أخرى من المخالطين في مركز الحجر الصحي المقام في رفح، جنوب قطاع غزة.
وأقامت وزارة الصحة في معبر رفح مركزًا للحجر الصحي ضمن سلسلة إجراءات لاقت استحسان منظمة الصحة العالمية في مواجهة المرض الذي غزا العالم، وتسبب بإصابة ووفاة مئات الآلاف حول العالم.
على صعيد مستشفيات غزة، فهي لا زالت أيضًا تقدم خدماتها الصحية للمرضى، رغم الأزمة التي سببها الفيروس بعد قرابة شهر من إعلان حالة الطوارئ، وهذا ما يؤكده الدكتور يوسف العقاد مدير عام المستشفى الأوروبي في خان يونس، جنوبًا، قائلاً: "لا زال المستشفى يقدم الخدمات الأساسية للمرضى في شتى التخصصات".
وذكر العقاد لـ"فلسطين"، أن إدارة المستشفى الأوروبي ومن خلال وزارة الصحة؛ اجتمعت بمؤسسات العمل الخيري من ضمنها المستشفيات غير الحكومية في جنوب قطاع غزة، وتم الاتفاق مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، والتي يمثلها مستشفى الأمل في حي الأمل، واستجابوا لنقل قسم الأورام إليها.
وأضاف: "نقلنا قسم الأورام ولم تتأثر الخدمات الصحية المقدمة من خلاله، ولا زالت الخدمات الصحية الكاملة مستمرة وتقدمها الفرق الطبية التابعة لوزارة الصحة لكن في مستشفى الأمل".
أما على صعيد الخدمات الطبية الأخرى، أكد أن المستشفى يقدم خدماته في الباطنة والجراحة والعظام والأطفال، وكل ما يلزم من خدمات طبية للمرضى.
وفيما يتعلق بالاستعدادات للتعامل مع أي حالات جديدة مصابة بـ"كورونا"، قال العقاد "إننا نجهز أنفسنا لاستقبال حالات جديدة حال ظهروها".
وتابع: "تم تأسيس مستشفى ميداني في رفح لاستقبال حالات كورونا، لكن إن طرأت زيادة في عدد الإصابات بكورونا، فإن المستشفى الأوروبي قادر على استقبال مثل هذه الحالات".
وذكر العقاد أن المستشفى الأوروبي يتجهز لاستقبال أي حالات جديدة إن احتاج الأمر، لتوفير العناية الطبية دون عناية مركزة، وكذلك للتعامل مع المرضى الذين يعانون من مضاعفات خطيرة وبحاجة إلى العناية المركزة.
ومن المقرر أن تتوفر للمستشفى القدرة الكاملة للتعامل مع 100 إصابة بـ"كورونا" في غرف العناية المركزة، وذلك في حال ظهورها، و200 إصابة ليست بحاجة إلى عناية مركزة، وفق مدير عام الأوروبي.
ويسجل قطاع غزة أقل عدد إصابات على مستوى المعمورة، بواقع 9 مصابين، بفيروس "كورونا" الذي ظهر في الصين وانتقل لأكثر من 150 دولة حول العالم.
من جهته، قال الناطق باسم وزارة الصحة الدكتور أشرف القدرة: "إننا في الوزارة نعمل على قدم وساق للحفاظ على استقرار تقديم الخدمات الصحية للمرضى على مدار الساعة من خلال 13 مستشفىً حكوميًّا و54 مركزًا للرعاية الأولية وفق جدول العمل اليومي".
وأوضح القدرة لـ"فلسطين"، أن المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية تقدم خدماتها التي يحتاجها المرضى في أقسام الطوارئ والجراحة والأطفال وكذلك الولادة والحروق والعنايات المركزة وغيرها من الأقسام التي يحتاجها المرضى على مدار الساعة في إطار المسؤولية الوطنية والأخلاقية والمهنية للوزارة أمام المواطنين الذين يعيشون ظروفًا استثنائية إثر الحصار غير القانوني وغير الإنساني.
وأكد أن الحصار أوجد حالة من العوز المستمر على مستوى الخدمات الصحية في غزة، وأصبحت وزارة الصحة تقدم خدماتها بما يتوفر لها من امكانيات تزامنًا مع نقص 39 بالمئة من الأدوية، و23 بالمئة من المستهلكات الطبية, وغياب 60 بالمئة من الفحوصات المخبرية المختلفة.
ونبَّه إلى أن ذلك يتزامن مع سلسلة إجراءات اتخذتها الوزارة للتصدي لفيروس "كورونا"، حيث تابعت منذ اللحظة الأولى للإعلان في الصين عن اكتشاف الفيروس، وإصابة عدد كبير به، واتخذت إجراءاتها سريعًا، واستثمرت كل ما لديها من أجل حماية المواطنين.
وأكد أن الوزارة في بدأت إجراءاتها بفحص العائدين عبر معبر رفح إلى غزة من الدول الموبوءة خشية إصابتهم بالفيروس بالتنسيق مع الجهات الحكومية المختلفة، والحصول على تعهدات بالحجر المنزلي 14 يومًا.
وذكر أنه بسبب الظروف الاجتماعية لدى بعض العائدين، لم يتمكن هؤلاء من اتمام الحجر المنزلي بالشكل المطلوب، وأمام ذلك سارعت الوزارة بالتعاون مع الجهات الحكومية، إلى تخصيص مراكز للحجر الصحي في المدارس والفنادق والمراكز الصحية.
وقال: إن المسؤولية الأخلاقية والمهنية تحتم على وزارة الصحة أن تكون رأس حربة في مواجهة فيروس "كورونا" بما يتوفر لها من امكانيات، وبالتعاون والتواصل مع الجهات المختلفة على المستويين الاقليمي والدولي والوطني، من أجل تعزيز مقومات الخدمات الصحية.
وتطرق إلى النداء الذي وجهته وزارة الصحة بغزة للمؤسسات الاغاثية والإنسانية حول العالم، لتوفير 23 مليون دولار، لمواجهة فيروس "كورونا"، وتوفير أجهزة تنفس صناعي وعناية مركزة، وأدوية ومستهلكات طبية، ولوازم مختبرات، ومواد خاصة بالفحص المخبري لفيروس "كورونا"، ومستلزمات وقائية تحتاجها الوزارة للجهوزية والاستعداد للتعامل مع تطورات المشهد الصحي حال اكتشاف إصابات جديدة.