قائمة الموقع

في مغامرة "لقمة العيش".. العامل "غانم" أُلقي على قارعة "بيت سيرا"

2020-03-28T17:55:00+03:00

عند حاجز "بيت سيرا" القريب من مدينة نابلس؛ ألقت شرطة الاحتلال الإسرائيلي العامل الفلسطيني مالك غانم (29 عاما)، العامل المتعب والذي لا يقوى على الحركة يخاطب ضمير من ألقوه: "خلي المجندات (المسعفات) يعطوني حقنة دواء .. تعبان مش قادر أوقف ولا أتنفس".

كانتا بالقرب منه، لكن ذلك لم يشفع له أمام شرطي الاحتلال، ليعاود العامل الطلب منه مرة أخرى: "طيب اعملي تنسيق أروح على أي مشفى فلسطيني"، وكأنه قلب أقسى من الحجر، طلب منه المغادرة باللغة العبرية: "يلا يلا .. روخ من هان ممنوع حدا يقف على الحاجز".

حمل غانم جسده المثقل بالألم تحت لهيب الشمس، سار 200 متر وقطع الحاجر لكن المرض وارتفاع درجة الحرارة إلى 40 درجة مئوية أسقطه على الأرض لمدة ساعة ونصف حتى تواصل عمال تواجدوا بالمكان مع الهلال الأحمر الفلسطيني الذي بدوره أرسل له سيارة اسعاف ونقله إلى أحد المستشفيات في نابلس والآن يقضي فترة في الحجر الصحي.

فيديو وثقته عدسات هواتف العمال، تتجلى فيه عنصرية الاحتلال الإسرائيلي في التعامل مع العمال الفلسطينيين، لكن العنصرية لم تبدأ عند الحاجز، بل كان مشهد إلقاء مالك عند الحاجز آخر مظهر فيها.

التفاصيل كاملة

صحيفة "فلسطين" تعيد الحدث منذ بدايته، عبر سماعة "الهاتف" يروي العامل مالك غانم: "ذهبت كباقي العمال للعمل والمبيت لمدة شهرين، فهناك ديون وشيكات والتزامات مالية يجب سدادها، وصلت (تل أبيب) الخميس الماضي ونزلت مع خمسة عشرا عاملا، لكن ولأنني أعاني من نقص في المناعة نقل أحد المرضى بالإنفلونزا العدوى لي".

لكنه ظل يتحامل على نفسه من الخميس حتى يوم الأحد الماضي، لعله يقوى على العمل، وفي يوم الاثنين ارتفعت درجة حرارته إلى 40 مئوية، حتى لفت ذلك انتباه مسؤوله: "ايش مالك؟ ليجيبه: مش قادر أقوم، المسؤول شعر بالريبة من الأمر: بدنا نعملك فحص نطمن على حالك وحالنا .. بلاش يكون عندك كورونا".

لا زال غانم ينبش في تلك التفاصيل: "اتصل المسؤول على إسعاف إسرائيلي، فجاء على باب الورشة لكنه رفض نقلي للمشفى إلا بعدما أخذ أجرة النقل" العنصرية لم تنته، يضيف بنبرة صوت يسكنها الاستياء: "رفضت مستشفى "أخلف" ادخالي بحجة انتهاء التصريح".

لم تنفع كل محاولاته مع الطبيبة الإسرائيلية بإدخاله، تنهيدات الوجع وكلماته التي خاطب فيها مهنتها: "اعتبريني حالة إنسانية" لم ترقق قلبها، بل قالت: "روح خلي الشرطة تاخدك يحطوك بالحجر الصحي بنابلس" واكتفت بسحب عينة من أنفه لفحص إصابته بفيروس "كورونا"، فقدته شرطة الاحتلال من قدميه ويديه وهو في حالة يرثي لها ونقلته وألقته عند حاجز "بيت سيرا".

مغامرة وديون

يعود للحديث عن سبب مغامرته وهو بحالة مرضية صعبة، قائلا: "أوضاعنا المعيشية صعبة، ووالدي وأخوتي لا يعملون، وعلي التزامات وديون تبلغ 30 ألف شيكل، بسبب تراكم العمليات الجراحية كوني كنت أتعالج من الكبد، وأجلس أشهر بالمستشفيات، ولدي طفلان (توأمان) أيضا هم بحاجة للعلاج لذلك غامرت في صحتي".

"قلت لزوجتي وأطفالي أنني سأذهب وأغيب لشهرين، حاولوا نهيي، زوجتي خشيت أن يصيبني مكروه فرفضت الفكرة: خليك بالبيت بلاش تمرض .. فش عندك مناعة، لكني أصريت على الذهاب لأجل لقمة العيش".. هكذا بدأ غانم مغامرته التي انتهت بعنصرية إسرائيلية.

ويقول: "كل يوم كنت أستيقظ الساعة الرابعة فجرا، وأذهب إلى حاجز قرية "بيت سيرا" التي أسكن بها، تبدأ إجراءات التفتيش أول ما تدخل البوابة فيتم تفتيش كل ملابسك، وخلع الحزام، وتفتيش الطعام، وعلبة السجائر للعمال، والمحفظة، ثم تقف أمام أجهزة "أشعة الليزر" وترفع يديك وتدور أمامها، ثم تقف أمام جهاز "بصمة العين" فإذا أعطت إشارة خضراء تدخل، وإذا أعطت إشارة حمراء تعود أدراجك "التصريح منتهيا".

لا زال مستاء مما جرى معه: "ما حدث عنصرية، فالمنسق الإسرائيلي قال: إن دولة الاحتلال مسؤولة عن أي عامل، وتتحمل تكلفة علاجه وإجراء الفحوصات له، لكنهم حتى إبرة لم يعطوها لي وأنا متعب منهك لا أقوى على التنفس".

اخبار ذات صلة