«ساكن بالإيجار.. وممكن أرتمي بالشارع».. كلمات مقهورة يعتصرها الألم خرجت من حنجرة مدرس لمادة اللغة العربية بنظام «المياومة» في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، بعد قرار الوكالة وقف دفع رواتب معلمي الشواغر اليومية خلال توقف الدراسة في ظل أزمة فيروس «كورونا».
القريناوي واحد من بين نحو 800 مدرس ومئات الموظفين الذين يعملون بنظام المياومة، يواجهون مصيرا قاسيا أمام قرار الوكالة، ويقول لصحيفة «فلسطين» معبرا عن استيائه: «قدمنا امتحانات توظيف عام 2017م، وفي العام الماضي ثبتت الوكالة بعض الشواغر، ونعد كأي معلم مثبت، ونبذل جهدا كبيرا في العملية التعليمية كوننا صغار السن».
"كنا نتلقى رواتب في أي حالة طارئة، وفي التصعيدات المتقطعة الأخيرة، لأنها أشياء خارجة عن إرادتنا، اليوم بسبب أزمة كورونا الوكالة ألغت العقود، مع أن عقودنا معها تنتهي نهاية شهر مايو/ أيار القادم " .. ما زال يعبر عن استيائه.
بنبرة صوت غاضبة أضاف: "إننا نمارس عملية التعليم الإلكتروني، فيتواصل معنا مديرو المدارس أسبوعيا ونكلف بنشر بطاقات التعلم الذاتي للطلبة هي شرح مبسط للمساقات الدراسية، ونتابع معهم عن طريق الإنترنت".
بالعادة يعد القريناوي نظاما خاصا لإدارة شؤون حياته، كونه يتقاضى رواتب ثمانية أشهر فقط طوال العام، إذ إن الأونروا لا تحتسب لهم فترة العطلة الصيفية، قائلا: "لدي بنتان، وأسكن بالإيجار، فضلا عن التزامات وأقساط مستحقة، الآن الأونروا تريد حرماننا من الرواتب لثلاثة أشهر، وهذه كارثة تتطلب وقفة جادة من اتحاد الموظفين بغزة".
عقد لم ينتهي
"كنا على أمل التثبيت كاملا، لكن الوكالة تحججت بالأزمة المالية، وبشكل تعسفي رفضت الوكالة صرف رواتبنا، علما أن عقدنا ينتهي في 31 مايو القادم ".. يقول مدرس الكيمياء هاني جودة حديثه لصحيفة "فلسطين".
وأضاف: "المشكلة الكبيرة أن اتحاد العاملين بالأردن استطاع الحصول على موافقة من المفوض العام بصرف رواتب المياومة، بحجة أن الأردن يعمل بنظام التعليم عن بعد، وتحججت الوكالة في غزة أن هناك أزمة مالية رغم أن الاتحاد الأوروبي قدم دعما ماليا لصالح الوكالة أول من أمس، والأمين العام للأمم المتحدة أقر بوجوب مساعدة غزة كمنطقة منكوبة.
وبحسب جودة، وهو منسق حملة المطالبة بتثبيت شواغر المياومة، فإن دائرة التربية والتعليم بالأونروا أقرت أن غزة تتفوق على باقي الأقاليم في التعليم عن بعد، مبينا أن الوكالة بغزة أنشأت قناة على موقع "يوتيوب" تضم كل المراجع من الأول حتى التاسع لجميع المواد، وقد شارك فيها معلمو المياومة، علما أن كل مدرسة فيها من 5-12 معلم مياومة.
معظم المدرسين بهذا النظام، والكلام لجودة، مرتبطون باحتياجات شخصية، ووقف الرواتب يعني كارثة كبيرة، مشيرا إلى قرار مجلس الوزراء الفلسطيني الذي ينص على إعطاء موظفي القطاع الخاص إجازة مدفوعة في حالة الطوارئ.
وقف الصرف
من جانبه أوضح المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين عدنان أبو حسنة أن "الأونروا" لن تستطيع دفع رواتب معلمي المياومة ما دام العام الدراسي متوقفا.
وأضاف أبو حسنة في تصريحه لصحيفة "فلسطين" أنه حسب العقد المبرم بين الوكالة ومعلمي المياومة يتم الدفع لهم في حالة العمل، والعمل متوقف حاليا نتيجة انتشار فيروس "كورونا"، وعندما تستأنف الدراسة سيتم تعويضهم عن عملهم بالفترة القادمة التي سيعملون بها.
وتابع: "هناك احتمال أن يمتد العام الدراسي ويتم استئنافه خلال الإجازة الصيفية، عندها ستدفع الوكالة رواتبهم عن الأيام التي سيعملونها"، مشيرا إلى وجود حوار قائم بين إدارة "الأونروا" واتحاد الموظفين بشأن القضية.
قطع أرزاق
من جانبه طالب رئيس قطاع المعلمين في اتحاد موظفي "الأونروا" محمود حمدان، الوكالة بتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في كل الظروف، وأن تتخذ الإجراءات والقرارات المناسبة وأن لا تقطع أرزاق ورواتب معلمي وموظفي المياومة.
وأفاد حمدان في تصريح خاص لصحيفة "فلسطين" بأن الاتحاد تواصل مع إدارة الوكالة حتى يتم تعويض المعلمين عن مثل هذه الأيام، خاصة أن هؤلاء المعلمين يقومون بالتعليم عن بعد ويتابعون من البيوت مع طلابهم، موضحا أن الاتحاد طرح على الوكالة احتسابها لهم كأيام عمل حتى يستطيعوا مواجهة أعباء الحصار.
وأعرب عن أمله أن تستجيب الوكالة لمطالب الاتحاد، مشيراً إلى أن عدد معلمي المياومة لا يقل عن 800 معلم، وأن هناك مئات الموظفين من غير المعلمين يقومون بالعمل اليومي، ليبلغ إجمالي عدد الذين يعملون بالنظام اليومي نحو ألف موظف.
وأكد أن الاتحاد سيبقى يطالب نقابيا وقانونيا بحقوق معلمي المياومة، خاصة أن معظم الدول فتحت الحسابات الاحتياطية لتعويض أبنائها بدل بطالة وعطلات والتغييب القسري، وأن على الأونروا تحمل مسؤولياتها تجاه هؤلاء الموظفين، خاصة أنه كان المطلوب منها تثبيتهم.