فلسطين أون لاين

كشف عن كيفية انتقال الفيروس إلى روما

تقرير طبيب من غزة مقيم في إيطاليا يروي لـ"فلسطين" تجربته مع كورونا

...
الطبيب عز الدين أبو الخير
غزة- أدهم الشريف

يحمي الطبيب الفلسطيني عز الدين أبو الخير نفسه بكل وسائل الوقاية، أثناء تقديم الخدمات الصحية اللازمة لمصابي فيروس "كورونا"، في "بريشيا"؛ ثاني مدن إيطاليا المنكوبة جراء العدو الخفي.

ويعمل أبو الخير، الذي يقيم في إيطاليا منذ 30 عامًا، وتنحدر أصوله من مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، طبيبًا في مستشفيات "بريشيا" التي درس فيها الطب وتخرج من جامعاتها.

وروى الطبيب أبو الخير (51 عامًا) لصحيفة "فلسطين"، تجربته في التعامل مع مصابي الفيروس الذي ظهر في الصين وانتقل إلى غالبية دول العالم، مخلفًا آلاف الوفيات والمصابين، وملايين المحجورين صحيًا حول العالم.

ويصف أبو الخير تجربته بالصعبة في بلد تفشى بها الفيروس سريعًا بعدما غزاها دون إنذار مسبق.

وكانت البداية مع "كورونا" في إيطاليا، باكتشاف إصابة لرجل إيطالي يبلغ عمره (50 عامًا) كان يعاني من ارتفاع في درجة الحرارة عندما وصل أحد المستشفيات، وبعد الفحوصات والتحليلات تبين أنه يعاني من "كورونا".

ويضيف أبو الخير: "تسبب هذا الخبر بصدمة للجميع خاصة أنه لم يذهب في حياته إلى الصين إطلاقًا"، مشيرًا إلى أنه بعد البحث عن المريض رقم (صفر)، تشير التقديرات من خلال الفحوصات والتحليلات أن ناقل المرض لإيطاليا مواطن ألماني.

وفي أعقاب ذلك "تفشى المرض بشكل كبير، وانتشر سريعًا، وبتنا نعتقد أننا فقدنا السيطرة"، لافتًا إلى أن عدد الإصابات أصبح كبيرًا جدًا من مختلف الأعمار، كما خلف آلاف الوفيات من ضحاياه.

وأرجع ذلك إلى شراسة الفيروس نفسه، فهو ينهش كل شيء، يصيب الكبير والصغير ويستفرد بالمسنين، إضافة إلى حالة الاستهتار وعدم المبالاة أو الخوف من الفيروس، اعتقادًا أنه مثل الانفلونزا العادية، لكنه كان شرسًا للغاية مع المصابين به.

وأضاف: "تسبب البطء في اتخاذ القرار الجازم بمنع التجول والتقابل بين الناس، وعدم استجابة الايطاليين للقرارات الرسمية، إلى تفشي المرض بينهم".

وذكر أنه يعمل منذ شهر كطبيب عائلة، وغالبية الحالات التي يتعامل معها من المصابين بـ"كورونا"، من المسنين، إذ تفشى المرض بينهم بشكل فظيع جدًا، والذي يسبب تمزّقًا بالرئتين وآلامًا شديدة.

وتابع: "يستهدف الفيروس فئة المسنين أكثر من غيرها، وغالبية الوفيات منهم خاصة أن منهم في حالة هزل، ومناعة ضعيفة".

وذكر أن عدد الوفيات والإصابات يزداد، وتخطى حاجز الـ300 ألف مصاب، كما يزداد عدد الوفيات يوميًا، فيما أصبحت المشافي مكتظة بالمصابين، ولم يبقَ سرير واحد في العنايات المركزة.

وأكمل: "أقدم ما باستطاعتي كطبيب للمرضى رغم أن الفيروس جعلنا نشعر أننا نعاني من عقم مهني، لكننا نقدم لهم المضادات الحيوية وكوكتيل من الأدوية، لكنها ليست مخصصة للعلاج من الفيروس".

وذكر أن الأطباء يقدمون خاصة للمسنين المصابين بـ"كورونا"، مسكنات حتى لا يشعرون بالألم الذي لا قدرة لهم على تحمله.

وأوضح أن الإنسان إذا كان مهتمًا بصحته، ولديه مناعة قوية، ومنتظم بالغذاء الصحي، والنظافة الشخصية والرياضة، من السهل عليه أن ينجو من الإصابة بالفيروس.

ومن تجربته يقول الطبيب الفلسطيني، إنه من الصعب جدًا تقبل هكذا عدد من الضحايا بشكل يومي، موصيًا بضرورة إجراء المزيد من الأبحاث العلمية والطبية، خاصة مع ظهور المرض الجديد الذي أوقف العالم في وقت ليس لأحد جاهزية لمواجهة العدو الخفي.

وأشار إلى أن قرابة 60 طبيبًا عربيًا يعملون في مستشفيات المدينة التي يقيم بها، ويقدمون الخدمات الصحية للمصابين، ويحظون باحترام واهتمام من الجميع خاصة أنهم درسوا في إيطاليا وتعلموا لغة أهلها.

وبحسب أبو الخير فإن مواجهة خطر "كورونا" يتم من خلال إسعاف المريض حتى الانعاش، وكل حسب قوة مناعته، فإذا وصل متأخرًا يكون احتمالية الحياة ضئيلة، أما إذا وصل مبكرًا، فإن هناك إمكانية أكثر أن يبقى على قيد الحياة.

كما تتطلب مواجهة الفيروس، اجراءات مهمة؛ كغسل اليدين واتباع طرق الوقاية وعدم الاختلاط بالناس وترك مسافة مترين بين الشخص والآخر، وعملية العطس والكحة داخل الكم وليس على اليد بشكل مباشر، وحظر التجول بشكل صارم بكافة المناطق.

يشار إلى أن أبو الخير، لم يزر غزة منذ 9 سنوات، بسبب الحصار المفروض على القطاع.

وقال إنها "فترة طويلة ويزداد الاشتياق معها (..) لا يمكن أن تتخيل كم أتمنى أن أزور غزة وأتجول في مدن قطاع غزة، وأرى البحر".

وللطبيب أبو الخير ابنان وابنة يقيمون معه في إيطاليا، ويقول إنهم يشتاقون كذلك إلى زيارة قطاع غزة ورؤية ذويهم.