لم يكن ينقص الأسرى الفلسطينيين شيئًا من المعاناة؛ حتى ينقل لهم ضابط تحقيق إسرائيلي فيروس "كورونا" المستجد.
قبل أيام قليلة مضت أعلنت سلطات الاحتلال عن إصابة 4 أسرى بالفيروس الذي ظهر في الصين وانتقل إلى دولة الاحتلال وتفشى حول العالم، مثيرة بذلك حالة من الغضب في صفوف الأسرى، ما زالت مستمرة حتى الآن.
لم يقتصر الأمر على ذلك، وارتفعت وتيرة المطالبة بإطلاق سراح الأسرى وخاصة المرضى منهم والأطفال والنساء، خشية انتقال الفيروس الذي صنفته منظمة الصحة العالمية بأنه "جائحة".
واكتشفت أول 4 إصابات بـ"كورونا" بين الأسرى في سجن "مجدو" الواقع داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948.
إهمال متعمد
ويثير ذلك مخاوف الأهالي والمراقبين والنشطاء الحقوقيين، من مخاطر الفيروس على الأسرى الذين يتعرضون لإهمال طبي متعمد من إدارة السجون، أودى بحياة عدد لا بأس به في السنوات الماضية، وتسبب بتدهور حاد في الحالات الصحية لمئات الأسرى القابعين خلف القضبان.
وقال الباحث في شؤون الأسرى والناطق باسم مركز أسرى فلسطين للدراسات رياض الأشقر، إن الأوضاع في السجون ما زالت متوترة، وتهيمن حالة من الغضب عليهم بعد أن أخبر مدير السجن قيادة الأسرى بإصابة 4 بالفيروس في "مجدو".
وبحسب الأشقر الذي تحدث لـ"فلسطين"، فإن الفيروس نُقل للأسرى، على إثر استدعاء أسير إلى مركز "بيتاح تيكفا"، وإخضاعه للتحقيق لساعات مع ضابط مصاب بـ"كورونا"، قبل نقله مجددًا إلى "مجدو".
وعلى مدار 9 أيام احتك الأسير الذي خضع للتحقيق بأسرى السجن، وهو ما يثير المخاوف من إمكانية نقل الفيروس إلى عدد كبير منهم.
في غضون ذلك، قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إن الأخبار المتداولة حول إصابة أربعة أسرى في "مجدو" غير دقيقة.
وأوضحت الهيئة في بيان صحفي لها، أن طاقمها القانوني تواصل مع إدارة سجون الاحتلال، وأعضاء "كنيست" عرب، والذين بدورهم تواصلوا مع وزارة الصحة في حكومة الاحتلال، وأكدوا أن الأخبار المتداولة غير صحيحة، وأن الأسرى الأربعة تم عزلهم في أحد أقسام المعتقل للاشتباه بهم، ولم تظهر عليهم أي أعراض بالإصابة بـ"كورونا".
وقررت إدارة السجن، إفراغ قسم رقم (4) في السجن وتحويله إلى مكان للحجر الصحي والفحص الطبي، في حالة الاشتباه بوجود حالات في صفوف الأسرى، الذين يتجاوز عددهم 800 أسير.
لكن الأشقر ذكر أنه منذ الإعلان عن إصابة 4 أسرى، والاتصالات مع سجن "مجدو" مقطوعة، ولم يعد بإمكان محامي الأسرى التواصل مع إدارة السجن، ويفرض الاحتلال حالة من التكتم الشديد وسط مخاوف على حياة الأسرى وتداعيات الفيروس على أحوالهم الصحية.
وأضاف أنه في حال وجود إصابات جديدة، فليس لدينا علم بها، لأن الاحتلال يتعمد عدم تسريب أي أنباء وأخبار جديدة، ويدعي عزل 4 أسرى واتخاذ بعض الاحتياطات لعدم إصابة أسرى آخرين.
ونبَّه إلى أن سلطات الاحتلال أنكرت إصابة الأسرى الأربعة وذكرت أنها تشتبه بإصابتهم بالفيروس، محاولة بذلك "التخفيف من وطأة هذا الحدث الكبير".
ونقل الأشقر عن الأسرى تأكيدهم أن إدارة سجون الاحتلال لم تتخذ الإجراءات والاحتياطات اللازمة للحيلولة دون وصول "كورونا" إلى السجون، حتى أنها قررت منع الأسرى من شراء أصناف كان مسموحًا شراؤها في كنتينة السجن، ومن بين هذه الأصناف مواد تنظيف وتعقيم، لا يمكن للأسرى الاستغناء عنها.
وأكد أن إدارة السجون تتحمل المسؤولة الكاملة عن إصابة أي أسير نتيجة الإهمال الواضح بحقهم.
وصوله للسجون خطر
من جهته، أكد رئيس جمعية نادي الأسير قدورة فارس، أن الفيروس بحد ذاته بات يشكل خطرًا تحاول دول العالم درأه عن نفسها والتصدي له، لكن عندما يصل الوباء إلى السجون، يصبح الأمر خطيرًا جدًّا بسبب سياسة الإهمال الطبي وعنصرية دولة الاحتلال التي تعتقل آلاف الفلسطينيين.
واتهم فارس في تصريح لـ"فلسطين"، (إسرائيل) بأنها "دولة عنصرية"، معتقدًا أن السيناريو الأسوأ سيحل بالأسرى في حال استشراء المرض ووصوله إلى السجون.
وأضاف: "لن تولي سلطات الاحتلال الاهتمام للأسرى ولن تعطيهم الأفضلية لتقديم أعلى درجات العناية بهم مثل ما تفعل مع مستوطنيها"، علاوة على ذلك؛ اكتظاظ السجون بآلاف الأسرى الذين يتناولون غذاء غير صحي.
وتابع: إن التوتر الذي يعيش فيه الأسرى دائمًا يضر بجهاز المناعة، وكل الأسباب والظروف داخل السجون تدعو إلى القلق وتستدعي جهدًا استثنائيًا على أمل أن ندرأ عنهم ما أمكن هذا الخطر".
وأشار إلى أن الاحتلال بإمكانه أن يطلق سراح ألفي أسير دون أن يتضرر أمن (إسرائيل) إطلاقًا، موضحًا أن تعداد الأسرى المرضى والأطفال والنساء وكبار السن والمعتقلين الإداريين، ومن تبقى لهم أشهر محدودة في الأسر، يصل ألفين من أصل 5 آلاف.
وذكر فارس، وهو أسير محرر من سجون الاحتلال، أن العناية بالأسير والاهتمام به يستدعي فرقًا أكبر من العناية بشخص أصابه المرض خارج السجن.
وقالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر سهير زقوت، إن اللجنة تابعت في الأيام الماضية، ولم يردها أي إخطار من إدارة سجون الاحتلال بإصابة أي من الأسرى بـ"كورونا".
وذكرت زقوت في تصريح لـ"فلسطين"، في حال تلقى الصليب معلومات من سلطات الاحتلال حول الأسرى، سينقلها لعائلة الأسير، فاللجنة الدولية ليست مكلفة بالإعلان على الملأ، لكنها أشارت إلى أن الصليب الأحمر يشجع السلطات الأطراف على توفير المعلومات الكافية بقضية الأسرى.