فلسطين أون لاين

الاستهتار بالمرض.. انتحار

...
e287b0fe-0940-46f4-b46d-f50ce9c3a921_16x9_1200x676.jpeg
غزة- هدى الدلو:

يشهد العالم هذه الفترة حالة من الترقب والحذر بسبب انتشار فيروس كورونا، بسرعة أحدثت ارتباكًا في العديد من الدول، وقد أثر في مجريات الحياة العامة، وهو ما يطرح تساؤلات عن الأحكام الشرعية المتعلقة بأي مرض معدٍ.

وقد لوحظ على بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي استهتارهم واستهانتهم بفيروس كورونا من خلال منشوراتهم، وعدم اكتراثهم للإجراءات الوقائية التي تحمي من الإصابة بالمرض، وقد شوهد أيضًا بعد تعطل العملية التعليمة في المدارس والجامعات بالذهاب إلى المنتزهات والأماكن العامة، والسلام على العائدين من الخارج.

قال د. ماهر السوسي أستاذ الفقه المقارن المشارك في كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية: "حقيقة الإسلام أنه حرص على حياة الإنسان وذلك لأنه هو سيد هذا الكون وسيد جميع المخلوقات، ولقد كرمه الله تعالى وفضله على كثير من المخلوقات لقوله تعالى: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا".

وبين أنه لذلك فإن الله سبحانه وتعالى شرع مجموعة من الأحكام التي تحافظ على حياة الإنسان، والتي تعد سياج أو حماية من أي اعتداء.

وأوضح د. السوسي أنه بالنسبة للأمراض المعدية وخاصة المنتشر في العديد من دول العالم كورونا، فمن ناحية عقائدية فإن الأمراض لا تعدي بذاتها بل بإرادة الله عز وجل، لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "لا عدوى ولا طيرة"، وهذا الحديث يدلل على أن المرض لا يعدي بذاته فليس له القدرة بل بإرادة الله، فمن أراد أن ينتقل إليه المرض ينتقل.

وأضاف: "وبالتالي فإن من الأحكام المتقررة ومن خلال الجمع بين النصوص السابقة، فإنه على الإنسان أن يحافظ على حياته من المرض، ولا ينبغي لصحيح أن يختلط مع مريض أو العكس، والإسلام ألقى المسئولية على عاتق الطرفين".

ولفت د. السوسي إلى أن على الصحيح أن ينأى بنفسه عن مخالطة المرضى، وعلى المريض ألا يرد على الأصحاء ويمكث بينهم، ومن يخالف هذه الأوامر عاصٍ لله، ومنها قوله تعالى: "وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ"، وقوله أيضًا: "وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ".

وبين أن الله سبحانه وتعالى ينهانا عن قتل أنفسنا أو نوردها مورد الهلاك، فإذا كان المرض قاتل ويفرط في أخذ أسباب الوقاية، ولا يلقي بالًا لتوجيهات الجهات المختصة فهو عاص لله وقاتل لنفسه إن أصابه المرض.

وأضاف د. السوسي: "من يستهين بالتوجيهات والإرشادات الصادرة عن الجهات المختصة وأصابه المرض فهو منتحر يخلد في النار، لأن الله سبحانه وتعالى أمر الأخذ بالأسباب، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "اعقلها وتوكل"، بالأخذ بأسباب صيانة أنفسنا".

ونبه إلى أنه يقع على رب الأسرة وصاحب العمل أن يحموا من هم تحت أيديهم من مخاطر المرض، لأن كل راعٍ مسئول عن رعيته، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ".

وختم د. السوسي حديثه: "ومن باب الفرض على الآباء والأمهات أن يعلموا كيفية الوقاية ويجعلوا أبنائهم تحت المراقبة ويمنعوهم من التجمعات والذهاب للأماكن المزدحمة".

وفي أواخر العام الماضي انتشر فيروس كورونا في دولة الصين ومن ثم انتقل إلى العديد من الدول، لينتشر بشكل سبب الذعر لكثير من الناس، وسجل 4 آلاف من الوفيات حول العالم بسببه، وأضعافه من المصابين.