في ظل تعليق الدوام في الجامعات والمدارس كإجراء وقائي واحترازي من فيروس كورونا المنتشر في العديد من دول العالم، أطلقت معلمتان في قطاع غزة مبادرة "كن طالبًا إلكترونيًّا" للتواصل مع الطلبة وضمان استمرار العملية التعليمية.
المعلمة إيمان البرعي، التي تدرس اللغة الإنجليزية، في مدرسة الفالوجا الثانوية شمال غزة، تقول: "الهدف الأسمى من التواصل مع العالم الخارجي أن نطبق ما أثبت فعاليته في التعليم ونستفيد من تجارب الآخرين"، مبينة أن ذلك امتداد لمبادرة "التكنولوجيا تجمعنا" عام 2017، وهي تقوم على فكرة التواصل مع العالم الخارجي من خلال السكايب.
وتوضح المعلمة البرعي لصحيفة "فلسطين": أن التعليم المدمج والتعلم عن بعد أسلوب تتبعه منذ سنوات بهدف تعزيز العلاقات بين الطالب والمعلم، ولدعم طالباتها نفسيًا خصوصًا أنها تدرس مرحلة غاية في الأهمية في مجتمعنا العربي مرحلة الثانوية العامة.
وتبين أنها تزود الطالبات بمراجعات ونماذج اختبارات وفيديوهات شرح بصوتها ومنشورات دعم نفسي وتوجيهات وإرشادات عن كيفية التعامل في فترة الامتحانات، وأنشأت مجموعة "ماسنجر" أضافت إليها جميع الطالبات واستثمرت خدمة " Google Classroom" ونماذج اختبارات جوجل والعديد من التطبيقات، مثل Quizlet, Quizalize, Quizzes Creator , Kahoot"".
وبسبب الظروف الراهنة التي نجم عنها تعليق للدوام الدراسي عملت البرعي على مبادرة جديدة بالشراكة مع المعلمة إنعام البطريخي "كن طالبًا إلكترونيًا" بهدف التعلم عن بعد أو بمعنى أدق العمل على إكمال المنهاج عن بعد من خلال وسائل التكنولوجيا، حيث وجهت طالباتها لإنشاء حساب "سكايب" وأنشأت مجموعة لهن.
وتفسر اختارت "سكايب" تحديدًا بأن فيه خاصية مشاركة الشاشة، مضيفة: "أفتح ملف وأشارك الشاشة مع طالباتي بدلًا من أن تنظر الطالبة في الكتاب توجه النظر إلى الشاشة، والشرح بالتفاعل نسأل وتجيب الطالبة وهكذا، كما أشارك معهم بعض التطبيقات مثل "كاهوت" كتقويم ختامي بدلًا من الدفتر فلا مجال له في عالم الأزرار".
وتشير البرعي إلى أنها تستخدم تطبيق "Padlet" وهو ما يسمى باللوح أو الحائط الإلكتروني، وهذا التطبيق تعويض عن السبورة الخضراء، فكرته تقوم على كتابة السؤال، ومن ثم ترسل الرابط للطالبات، لتقوم كل طالبة بالضغط على الرابط وتكتب اسمها والإجابة، حيث تستطيع كل طالبة أن ترى جواب زميلتها كما الحال على السبورة الخضراء، ومن خلاله أيضًا تتمكن المعلمة من كتابة تعليق على كل إجابة، بكلمة تشجيع أو حتى تغذية راجعة.
من جهتها تُرجع البطريخي، معلمة اللغة العربية في مدرسة نسيب بنت كعب، إطلاق المبادرة، إلى ظروف الانقطاع عن المدارس قبل الانتهاء من تكملة شرح المنهاج، فحاولت بقدر الإمكان التواصل مع الطالبات بأكثر طريقة فاعلة وسهلة تؤدي الغرض المنشود خصوصًا أنها تدرس مرحلة التوجيهي فكثير من الطالبات لديهن ضغط نفسي كبير.
وتتابع لصحيفة "فلسطين": "لهذا كانت المبادرة نوع من الدعم النفسي بالدرجة الأولى لطالباتي حتى يشعرن بالأمان".
وتعمل البطريخي على لقاء بعض الشعراء مع الطالبات الكترونيًا لتعزيز اللغة العربية والحفاظ عليها من خلال قصائد تُناقش مع الشاعر من قبل الطالبات، والتعرف على ثقافات أخرى لأن هذا يتيح للطلاب صقل شخصيتهم، وتنفيذ العديد من اللقاءات والتواصل مع مدرسين وطلبة خارج الوطن من تونس وسوريا والسعودية.
أما البرعي تصف مثل هذه المبادرات بأنها بداية لتغيير أسلوب النمطية في التعليم ونشر ثقافة التكنولوجيا بشكل أساسي، قائلة: "قد لا يكون لدينا وقت كافٍ لتحقيق التغيير على أكمل وجه هذا العام لكن لاحقًا ستكون النتائج أفضل (...) المشكلة الآن في عنصر الوقت وليس في الطريقة فنحن نحتاج حل سريع الفاعلية".
وتتابع البرعي: "الأهداف التي أنوي تحقيقها أن أجعل التعليم بشكل عام أكثر متعة وأقل ضغطًا ونوفر وقت وجهد، وأن أعد طالبا لعالم المستقبل والعمل على دراية كبيرة بالتكنولوجيا، والتعامل معها، فبعض الطالبات لا تعلم كيفية تنزيل تطبيق حتى الآن وهذا شيء محزن حين نقارن هذا الشيء مع التقدم الذي نراه في الدول الأخرى".
وترى البرعي أن ذلك ليس عيبًا، "فهناك ظروف معينة أجبرت العديد منا على الجهل التكنولوجي، وتعتقد أن تلك الظروف الصعبة هي محنة فعلًا، ولكن سنصنع منها منحة التعليم الإلكتروني ونشر التكنولوجيا وتطبيقاتها في التعليم".
ومن المشاكل التي واجهتهم، تذكر البطريخي انقطاع التيار الكهربائي، وصعوبة الوضع الاقتصادي وعدم توفر أجهزة لدى بعض الطالبات حتى مع أفراد الأسرة، وقلة الوعي التكنولوجي حيث بذلت وقتًا وجهدًا لتتضح الفكرة لديهم.
وتطمح إلى أن ينتشر التعليم الإلكتروني عن بعد "حتى نلحق بركب العالم الخارجي المتطور وأن يتوفر اتصال بشبكة الإنترنت داخل الفصل الدراسي حتى يسهل تطبيق هذا الأمر، ولا بد من تكثيف الدورات للمعلمين لتحسين خبراتهم التكنولوجية ويكونوا على إطلاع بكل جديد".
من ناحيتها تصف الطالبة نور صالح المبادرة بـ"الرائعة"، قائلة لصحيفة "فلسطين": إنها استثمرت أوقات الفراغ عندها بسبب تعطيل الذهاب للمدارس، كما أنها تتيح الفرصة للنقاش وطرح الأسئلة والإجابة عليها.
وترى أنها توفر روح التنافس الإيجابي بينها وزميلاتها، والتفاعل.